حدد هدفك.. بلور إستراتيجياتك.. القضية والحل

حدد هدفك.. بلور إستراتيجياتك.. القضية والحل

الهدف غاية وأمل.. إنه أكثر من حلم.. إنه حلم يراد تحقيقه.. حلم محسوس يراد تحقيقه والوصول إليه.

 

ولا يمكن عمل شيء قبل أن يعين المرء هدفاً يسعى إليه ويعمل له.. وبدون هدف أو أهداف، يظل المرء ضالاً لا يدري ما يريد وما يبغي.

 

والأهداف ضرورية للنجاح.. كالهواء للحياة.. ولا يمكن أن يبلغ أحد غاياته وينجح في حياته إذا لم تكن له أهداف معلومة، مقررة.

 

والمهم في الحياة ليس مكانك الحاضر.. ولا أين أنت الآن؟

 

المهم في الحياة المكان الذي تريد الوصول إليه.

 

والشركات الكبرى الناجحة لها أبداً أهداف ترمي إليها وتسعى لبلوغها، بعضها يقدر الوصول إلى أهدافه بعد سنوات، وبعضها في شهر..

 

المهم أن هناك هدفاً لكل عمل يراد نجاحه، والمهم بعد هذا السعي للوصول إلى هذا الهدف.

 

ذلك أن أية شركة محترمة لا تترك مصيرها للظروف.. إنها تنظم أمورها، وترتب أهدافها.

 

ما تفعله الشركة على المرء أن يفعله، فيجب عليه أن يرتب مستقبله لمدى سنوات وسنوات.

 

أما إذا كان يريد العمل موظفاً حكومياً فليختر وظيفة يلذ له العمل فيها لينجح ويظفر بالترقية.

 

وإذا كان يريد العمل موظفاً في قطاع خاص فليختر شركة قريبة إلى قلبه، حتى إذا انضم إليها عمل من قلبه وأحسن في عمله، فلفت الأنظار إليه، وقدره المسؤولون.

 

والواقع أن جميع الناس يريدون العمل بنجاح ويرغبون في أن يتقدموا رفاقهم، أو أن يقودوا زملاءهم في العمل وخارج العمل.

 

وإذا كان من أهداف المرء أن يصل إلى الرئاسة.. رئاسة زملائه أو رئاسة عشيرته، أو رئاسة قومه في الحي الذي يسكنه مثلاً، فما هو السبيل الذي عليه أن يسلكه؟

 

لقد عرف الناس في ماضيات الأيام الرئيس بالرجل الذي يتولى الأحكام ويقود الجيوش، ويحكم الأمم، ثم توسعوا في القرن العشرين وفي حاضرات الأيام إلى إطلاق هذه الصفة على كل من يملك زمام الأمر في صناعته سواء أكان شاعراً أم كاتباً أم مخترعاً أم تاجراً كبيراً.

 

وكما كان نابليون زعيماً كبيراً وقائداً عظيماً في عصره، ولمئة وخمسين سنة خلت، كان فورد زعيماً للصناعة الأمريكية لسنوات مضت، وكان مورغان أميرا لبيوت المال، وكان أينشتين قائداً من قواد الفكر..

 

وليس سبيلنا هنا بحث الزعامة من حيث هي نوع من قيادة الجيوش، وحكم الأمم، ولكنا نريدها زعامة تفرضها الرجولة ويدفعها الإقدام ولا تعدو سيطرة الفرد على  جماعة من قومه سواء أكان ذلك في السياسة أم الأدب أم الصناعة.

 

ونريد أن نبحث هذه الزعامة والرئاسة التي يوفق إليها الكثيرون من شبابنا إن أحسنوا تفهم أسبابها، ودرسوا مسالكها، وبحثوا أصولها وطرائقها، بحيث يستطيع واحدهم أن يشعر بالأثر السريع الذي يحدثه عمله أو قوله أو أي حركة من حركاته عند قومه، وفي محيطه وبين جيرانه..

 

ويخيل لنا أن الزعامة العلمية والثقافية ليست من الزعامات العملية الشعبية في شيء، فقد تذهب إلى الطبيب تعرض عليه نفسك، وتأخذ رأيه في مرضك، ومثل ذلك تفعله مع المحامي فيما إذا دهمك مشكل أو وقعت في اختلاف مع أحد الناس، وأنت حين تذهب إلى الطبيب، وتزور المحامي، وتكون مؤمناً كل الإيمان بسعة علمهما فيما تسألهما عنه، وتدعوهما لمساعدتك فيما أشكل، مؤمناً كل الإيمان بسعة علمهما، فيما عدا هذا لا تجد لهما من التأثير في نفسك وفي سياستك وفي أغراضك الاجتماعية أكثر من تأثير أي شخص آخر.

 

ومعني هذا أن الاختصاص في فرع من فروع المعرفة، خصوصاً إذا كان الاختصاص متواضعاً عادياً لا تأثير له على الإطلاق في قيادة الجماعات وتسيير الشعوب.. إلا أن يكون الشخص العالم عبقرياً في فنه، وعندئذ قد يكون له من التأثير عند أمته أكثر من أي شخص آخر، ولكني لا أؤمن أنهم يسلمونه مقاليد الحكم عندهم، ولا يطلقون يده في أمورهم ومشاكلهم وليس يعدو اهتمامهم به مبادلته الاحترام، وتطويقه بآيات المدح والثناء والإكبار، وانتظار موته ليقام له مأتم عظيم، ونصب كبير..

 

وإذاً فالتأثير على الجماعات وتزعم الشعوب لا يحتاج إلى العلم الوافر، والتخصص الواسع، فقد كان هتلر جاهلاً، لا يحمل شهادة ابتدائية، وكان موسوليني أكثر منه علماً بعض الشيء، ولا تعد معارف ستالين شيئاً مذكوراً إذا قيست بمعارف أستاذ في مدرسة ابتدائية، ومع ذلك فقد حكم هؤلاء أمما وشعوباً تعد بالملايين وكان بين أفرادها من هو أكثر منهم علماً وثقافة، ثم تولتهم شعوبهم بالطاعة والإكبار، وكانت كل كلمة تصدر عنهم قانوناً ودستوراً، لا تردها ألف جامعة، ولا تستطيع الوقوف أمامهما أكبر هيئة علمية مجتمعة في البلاد.

 

ومعنى هذا أن الزعامة الشعبية لا تتطلب من صاحبها علماً واسعاً ولا معرفة عريضة، ذلك أن النفس البشرية أرغب ما تكون في الطاعة وقبول ما يعرض عليها، أو يفرض من الأحكام، وليست الأحزاب التي تتألف من جماعات مختلفة إلا صورة مصغرة لما قدمنا، فقد يكون الحزب مؤلفاً من مئات الأشخاص، ثم تراه يختار من بينهم شخصاً أو أكثر لإدارة أموره وتسيير أغراضه وتدبير شؤونه، وقد يكون اختيار الحزب لرئيسه أو زعيمه صادقاً حراً، وقد يفرض عليه اختيار شخص قسراً، ومتى وقع الاختيار فقد تجد أن الشخص المختار ليس أفضل رجالات الحزب علماً! ولا ثقافة، وإذاً فما هي الأسباب التي تمكن جماعة دون أخرى بصرف النظر عن علمها وثقافتها من السيطرة والاستعلاء، على سواها من الناس ممن هم أفضل منها وأكثر معرفة وعلماً؟

 

السبب واضح.. أنهم عرفوا كيفية تحديد أهدافهم وسعوا في طريقها مبكرا… هذه هي القضية وهذا هو الحل.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية