بسب الصراع على السلطة.. شبح الحرب يغزو العاصمة الليبية طرابلس

بسب الصراع على السلطة.. شبح الحرب يغزو العاصمة الليبية طرابلس

يعيش الشعب الليبي توترات سياسية، وتناحرا مسلحا على السلطة، وفقرا مدقعا، وأخيرًا قتلا وتهجيرا، رغم ما تمتلكه ليبيا من أكبر احتياطي نفطي مؤكد في إفريقيا والتاسع على مستوى العالم بواقع 41.5 مليار برميل، وخامس أكبر احتياط مؤكد من الغاز الطبيعي في إفريقيا يقدر بنحو 1.4 تريليون متر مكعب، بينما لا يزال سكانها يعانون الأمرين بسبب تلك التوترات.

فعلى خلفية ما تشهده مدن غرب ليبيا منذ أيام من تحشيد عسكري كبير، بسبب الأزمة السياسية الراهنة في البلاد ووجود حكومتين، يقودهما فتحي باشاغا وعبدالحميد الدبيبة، الذي يرفض تسليم الحكومة، شهدت العاصمة الليبية طرابلس تطورات متلاحقة، فما بدأ كمشاحنات معتادة بين الجماعات المسلحة، تحول إلى ما يبدو عملية عسكرية شاملة. 

وتحركت القوات المسلحة على 3 محاور نحو قلب العاصمة، على المحور الجنوبي، حيث اقتربت القوات التابعة لأسامة الجويلي من إحكام سيطرتها على مطار طرابلس الدولي ومحيطه، فيما تحركت قوات تابعة لـ"سالم الجحا" من مدينة مصراتة إلى مدينة زليتن، ثم إلى طرابلس عبر المحور الشرقي، فيما تسعى قوات علي بوزريبة ومعمر الضاوي إلى التقدم من جهة الغرب وحتى جسر 17 جنزور. 

تطورات متلاحقة 

وفقًا لتقارير صحفية، فإن تلك الاشتباكات بدأت خاطفة وسريعة بين مجموعة لميليشيات الطرابلسي، وارتكاز لـ"كتيبة 92" التي تتبع هيثم التاجوري مساء الجمعة، تحولت إلى "معركة مفتوحة"، دخلت فيها أطراف عدة، وتبادل فيها الطرفان إعلان السيطرة على المواقع والارتكازات. 

وحملت حكومة باشاغا -المنتهية ولايتها- المسؤولية عن التدهور في الوضع الحالي "لاغتصابها الشرعية، ورفضها كل المبادرات" للحل.

ووفقًا لتصريحات إعلامية، قطع رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، زيارة العمل التي يقوم بها إلى تونس، متوجها إلى طرابلس، بسبب الاشتباكات المسلحة التي تدور في العاصمة منذ مساء الجمعة. 

وقدم المنفي اعتذاره إلى الرئيس التونسي قيس سعيد لعدم استكمال الزيارة، التي بدأها المنفي الجمعة

قتل وخراب ديار 

كعادة تلك التناحرات، الخسائر فيها دائمًا ما يحصدها الشعب قتًلا وتهجيرًا.

أعلنت وزارة الصّحة الليبية، ارتفاع أعداد ضحايا اشتباكات العاصمة الليبية طرابلس، التي اندلعت منذ الجمعة بين مجموعات مسلحة وسط الأحياء السكنية، إلى 191 حالة. 

وأشارت "الصحة الليبية" -في بيان أوردته "بوابة إفريقيا" الإخبارية- إلى أن الحالات تتراوح بين 32 قتيلا و159 مصابا حتى الآن، مضيفة أن هناك عددا كبيرا من الحالات التي خرجت من المستشفيات بعد تلقيها الرعاية الطبية اللازمة.

وشهدت العاصمة الليبية طرابلس نزوح مئات العائلات، التي تقع منازلهم قرب الاشتباكات الدائرة منذ الجمعة بين الميليشيات، والتي أوقعت قتلى ومصابين.

ورصدت بعض المواقع الصحفية، سيارات مدنية محملة بعتاد وحقائب تغادر بعض الأحياء، وتسلك طرقًا خارج المدينة تفاديًا للاشتباكات، كما تعرضت أحياء كاملة لتدمير كبير جراء القصف واحترقت عشرات السيارات.

 

التدخل العسكري

قال وكيل جهاز المخابرات الأسبق، فؤاد علام" إن الوضع الأمني الليبي غير مستقر وحرج، ومن الممكن نشوب حرب أهلية ليبية في الفترة القادمة، مما سيكون له أثر سلبي على الدول المجاورة.

وأشار الخبير الأمني في تصريح لـ"جسور بوست" إلى كثرة عدد الأسلحة المهربة إلى ليبيا والتي تفوق التصورات، قائلًا: "إن حجم الفوضى المرتقبة ستطال الدول المجاورة مثل مصر والجزائر، ولذا وجب الدعوة إلى حوار بين تلك الدول وبين الجانب الليبي لاتخاذ خطوات غير تقليدية تقضي على الفتنة، كما تدعم القوى الرسمية المنتخبة، لكن ترك الأمور تتفاقم سيمثل خطورة شديدة".

وتابع: “من الواضح أنه يوجد مخطط دولي إمبريالي يستهدف أمن مصر من الأساس، ففي حالة وجود حرب أهلية ستهدد تلك الدول، وأؤيد التدخل العسكري إذا لزم الأمر وفي أقرب وقت ممكن”.

وعن الجهة التي تقف خلف ذاك المخطط، قال الخبير الأمني المصري: “إن أمريكا وإنجلترا وراء تلك التوترات، بسبب كون ليبيا تعتبر مخزنا بتروليا كبيرا، وسيكون صراعا لمن يضع يده على ذلك الكنز، خاصة بعد ما تعانيه أمريكا وأوروبا من نقص في الطاقة بعد الحرب الروسية الأوكرانية واقتراب فصل الشتاء، وتستخدم الولايات المتحدة كافة السبل غير المشروعة لصنع قلاقل في مصر ثم السيطرة على البترول الليبي”.

وأضاف: "من الخطورة بمكان ترك تلك الحرب الأهلية تنشب دون تدخل مصر، مهما كانت المهام التي تشغل مصر في تلك الفترة، الوضع الليبي خطر للغاية وبين مصر وليبيا 1200 كيلو، يمكن من خلال تلك المسافة القصيرة -مع وجود الحرب الأهلية- عبور الحدود المصرية من عناصر إرهابية وأسلحة كثيرة تهدد أمن وسلامة الجانب المصري، ونقول (تدخل عسكري)، فقد سبق ودعت مصر إلى مؤتمر تناقش فيه خطورة المسألة ولم تكن هناك أي استجابة، الأمر في غاية الخطورة بالدرجة الأولى على مصر ثم تأتي الجزائر في الدرجة الثانية ثم تونس".

مصر تدعو لوقف التصعيد

ودعت وزارة الخارجية المصرية جميع الأطراف والقوى الوطنية والمكونات الاجتماعية الليبية، إلى وقف التصعيد وتغليب لغة الحوار وتجنب العنف وضبط النفس حقناً للدماء، وأكد المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية أحمد حافظ، أن مصر تدعو جميع الأطراف والقوى الوطنية والمكونات الاجتماعية الليبية إلى وقف التصعيد وتغليب لغة الحوار وتجنب العنف وضبط النفس حقناً للدماء، مشددا على ضرورة حماية المدنيين وتحقيق التهدئة بما يحفظ للشعب الليبي الشقيق أمنه واستقراره ومقدراته ويعلي المصلحة العليا للبلاد. 

وأعرب المتحدث الرسمي باسم وزارة الخارجية عن حرص مصر على توصل الليبيين إلى حل ليبي ليبي توافقي، على نحو يلبي تطلعاتهم ورؤيتهم للانطلاق نحو المستقبل ويحقق الاستقرار المنشود في ليبيا.

قلق أممي وحرب أهلية

ما حدث اليوم استشرفته الأمم المتحدة أمس، حيث أعربت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، الثلاثاء الـ23 من أغسطس، عن قلقها إزاء ارتفاع منسوب التوتر بين الخصوم السياسيين الليبيين الذي يثير المخاوف من احتمال اندلاع حرب أهلية، داعية إلى "وقف التصعيد على الفور". 

وأوضحت البعثة الأممية في بيان أنها "تتابع ببالغ القلق ما يجري من تحشيد للقوات وتهديدات باللجوء إلى القوة"، لحل أزمة الشرعية بين الخصوم السياسيين. 

وأكدت البعثة أن "الانسداد السياسي الحالي وجميع أوجه الأزمة التي تحيق بليبيا لا يمكن حلها بالمواجهة المسلحة، وأن حل هذه القضايا لا يأتي إلا من خلال ممارسة الشعب الليبي حقه في اختيار قادته وتجديد شرعية مؤسسات الدولة عبر انتخابات ديمقراطية".


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية