تعيين مبعوث أممي جديد.. ليبيا أمام تطلعات تحقيق الأحلام المؤجلة

تعيين مبعوث أممي جديد.. ليبيا أمام تطلعات تحقيق الأحلام المؤجلة
ليبيا

باحث سياسي ليبي لـ«جسور بوست»: المبعوث الأممي الجديد سيجد صعوبة في اختراق الملف الليبي الشائك في ظل هيمنة الولايات المتحدة الأمريكية

 

بعد أن ظل المقعد شاغرا لمدة 10 أشهر، حسم مجلس الأمن الدولي قراره بتعيين السنغالي عبدالله باتيلي، ممثلا خاصا للأمين العام للأمم المتحدة ورئيسا لبعثة الدعم للأمم المتحدة بليبيا.

ومنذ الاستقالة المفاجئة للمبعوث الأممي إلى ليبيا السلوفاكي يان كوبيش، في نوفمبر 2021، لم يتوافق مجلس الأمن على تعيين خلفا له، حتى حسم الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش الأمر باختيار الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارةً خاصة له بشأن ليبيا.

وحققت وليامز نجاحا لافتا في وضع خارطة الطريق مع أعضاء الملتقى السياسي الليبي، نتج عنه تشكيل مجلس رئاسي جديد وحكومة وحدة وطنية، وتحديد موعد للانتخابات في ديسمبر 2021، قبل أن تتعثر مجددا لصراع الأطراف الليبية.

وفي أواخر يوليو الماضي، تنازلت وليامز طواعية عن منصبها بعد أن وصلت إلى طريق مسدود بسبب إصرار أطراف الصراع في ليبيا على استمرار المرحلة الانتقالية والنزاع السياسي.

وعقب منح مجلس النواب في طبرق الثقة لحكومة جديدة برئاسة فتحي باشاغا، عاد الصراع الليبي إلى المربع صفر، بسبب رفض رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة تسليم السلطة إلى حكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب من الشعب لإنهاء كل الفترات الانتقالية.

وجراء خلافات بين المؤسسات الرسمية، لا سيما بشأن قانوني الانتخاب، تعذر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية عام 2021، وبات البلد العربي أقرب للدماء وأبعد عن صناديق الانتخابات.

ورغم إعلان مندوب ليبيا لدى الأمم المتحدة طاهر السني، قبل نحو 3 أسابيع، رفض حكومة الوحدة تعيين عبدالله باتيلي، قائلا:"يجب التشاور معنا بشأن ترشيح الممثل الأممي للتأكد من نجاح عمله كوسيط".

المبعوث الأممي إلى ليبيا عبد الله باتيلي

رحبت حكومة الوحدة برئاسة عبدالحميد الدبيبة، بتعيين باتيلي مبعوثا أمميا إلى ليبيا، رغم إعلان تفضيلها لتعيين وزير الخارجية  الجزائري السابق صبري بوقادوم، بدلا من باتيلي الذي يلقى دعما كبيرا من فرنسا، ومن الجنرال خليفة حفتر.

ويقول مراقبون إن رفض الدبيبة كان نابعا من مخاوف بشأن دور فرنسا في ترجيح فكرة تشكيل حكومة ثالثة، بتسهيل اتفاق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، يُنهي ولاية حكومة الوحدة.

ورحبت العديد من الدول العربية، أبرزها المغرب والجزائر وقطر ومصر، بتعيين ممثل خاص للأمين العام للأمم المتحدة ورئيس بعثة الدعم للأمم المتحدة بليبيا.

وشغل عبدالله باتيلي في أحدث مهامه الأممية عام 2021 منصب الخبير المستقل للمراجعة الاستراتيجية لبعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا المعروفة اختصارا بـ"أونسميل".

وشغل سابقا منصب نائب الممثل الخاص للأمين العام في البعثة الأممية متعددة الأبعاد (مينوسما) بين عامي 2013-2014، ومنصب الممثل الخاص للأمين العام في إفريقيا الوسطى، ورئيس مكتب الأمم المتحدة الإقليمي في الغابون (2014-2016).

وفي عام 2018، تم تعيينه كمستشار خاص للأمين العام بشأن مدغشقر، وعمل كخبير مستقل للمراجعة الاستراتيجية لمكتب الأمم المتحدة لغرب إفريقيا عام 2019.

صعوبة الاختراق

بدوره قال الكاتب والباحث السياسي الليبي فوزي حداد لـ"جسور بوست" إن ثمة خلافات عميقة داخل مجلس الأمن الدولي بشأن القوى التي لها أحقية في إدارة الأزمة الليبية، وهو ما عطل تعيين مبعوث أممي إلى ليبيا نحو عام كامل.

وأوضح حداد أن الاتحاد الأوروبي يرغب في إدارة الصراع الليبي من جهة، مقابل رغبة الولايات المتحدة وبريطانيا من جهة، إلى جانب دول الحوار الليبي (مصر والجزائر وتونس وتشاد والنيجر) التي ترى أنها القوى الأحق بإدارة الأزمة، فضلا عن الاتحاد الإفريقي من جهة أخرى.

وأضاف: "الفترة الماضية هيمنت الولايات المتحدة على الملف الليبي من خلال تعيين الأمريكية ستيفاني وليامز مستشارة للأمين العام للأمم المتحدة بشأن ليبيا".

وتابع: "تعيين مبعوث أممي جديد إلى ليبيا لا يعكس إطلاقا اتفاق المجتمع الدولي على حلحلة الأزمة، بقدر ما يعكس الرغبة في خلق استقرار نسبي يتيح تدفق النفط الليبي للخروج من مأزق أزمة الطاقة الناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا".

ومضى قائلا: "الولايات المتحدة لا تزال تتحكم في المشهد الليبي بالكامل من خلال سفيرها ريتشارد نورلاند، والذي ينسق الملف مع بريطانيا وتركيا ومصر، وبالتالي فإن المبعوث الأممي الجديد سيجد صعوبة في اختراق الملف الليبي الشائك".

وأشار حداد إلى "ضرورة أن يجري عبدالله باتيلي جولة مكوكية بين الدول وجميع الأطراف الليبية، لتقديم رؤيته في حلحلة الأزمة الممتدة منذ سنوات وإنهاء المرحلة الانتقالية الممتدة".

وأضاف: "الملف الأهم الذي يجب أن يتصدر أجندة أولويات المبعوث الأممي الجديد هو الوصول إلى قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، لأنه لا فائدة من تشكيل حكومة ثالثة في ظل غياب المسار الدستوري".

وتشهد ليبيا الغنية بالنفط، انقساما سياسيا وصراعا على السلطة بين حكومتين، إحداهما برئاسة فتحي باشاغا، التي كلفها مجلس النواب مطلع مارس الماضي، والثانية بقيادة عبدالحميد الدبيبة، وترفض تسليم السلطة إلا لحكومة تأتي عبر برلمان منتخب.

وجراء خلافات بين المؤسسات الرسمية الليبية حول قانون الانتخاب، ودور القضاء في عملية الاقتراع، تعذر إجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية كانت مزمعة في 24 ديسمبر الماضي، وحتى الآن لم يتم الاتفاق على تاريخ جديد لها.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية