خبراء: مبادرة "أسواق الكربون" الأمريكية الداعمة للدول النامية "غير قابلة للتطبيق"

خبراء: مبادرة "أسواق الكربون" الأمريكية الداعمة للدول النامية "غير قابلة للتطبيق"

أعلنت الولايات المتحدة في قمة المناخ (COP27)، المقامة حاليًا بمدينة شرم الشيخ -على لسان مبعوثها الرسمي للمناخ جون كيري- عن مبادرة جديدة تهدف إلى زيادة طلب الشركات المتزايد على أرصدة وأسواق الكربون للمساعدة في تمويل انتقال البلدان النامية نحو الطاقة النظيفة بعيدًا عن الوقود الأحفوري.

وتهدف الخطة التي أعلنها كيري، ويطلق عليها اسم "مسرّع انتقال الطاقة الجديد" (ETA)، إلى دفع الاستثمار الخاص إلى خطط انتقال الطاقة في البلدان النامية التي يمكن أن تكثف نشر الطاقة النظيفة وتعجل بالتخلص من أصول الوقود الأحفوري.

وفي تصريحاته، أصر كيري على أن الجزء الأكبر من تمويل المناخ الذي يتدفق إلى البلدان النامية يجب أن يأتي من القطاع الخاص، معللًا: "لا توجد دولة على هذا الكوكب لديها أموال كافية في ميزانياتها العامة لحل المشكلة". 

وتأمل الولايات المتحدة أن توفر مبادرة ETA هذا التدفق، وتدعو كلا من الشركات والصناديق السيادية إلى الاشتراك في المخطط الذي يهدف إلى إنشاء إطار "عالي النزاهة" يضع القواعد لكيفية بيع أرصدة الكربون التي تم التحقق منها بشكل مستقل للشركات التي تتطلع إلى استخدامها لتعزيز أهدافها المناخية.

يذكر أن بعض المشاركين في COP27، سلطوا الضوء على عدم وفاء الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وكندا وأستراليا بـ"نصيبها العادل" من هدف تمويل المناخ البالغ 100 مليار دولار.

وسيطرت دعوات في الأيام الأولى من قمة COP27، إلى تكثيف تدفقات التمويل المتعلق بالمناخ التي يمكن أن تساعد البلدان النامية على خفض انبعاثاتها، وتعزيز مرونة بنيتها التحتية مع تغير المناخ، وإدارة الخسائر والأضرار الناجمة عن تأثيرات المناخ، ومن المقرر أن تتكثف مطالب العمل على مدار المؤتمر. 

ومع ذلك، تقاوم الدول الصناعية على نطاق واسع الدعوات لزيادة التمويل المباشر للمناخ، بحجة أن الرياح المعاكسة الاقتصادية تجعل من الصعب تعبئة مستوى الإنفاق الذي تطالب به الدول الفقيرة. 

"جسور بوست"، تسرد فكرة أسواق الكربون، وتناقش جدية المبادرة وأهدافها مع خبراء.

«سوق الكربون».. آلية للتنمية النظيفة | بوابة أخبار اليوم الإلكترونية

أسواق الكربون وتحييده

وفقًا لتقارير متخصصة، فإن فكرة أسواق الكربون ترتبط بمفهوم الحياد الكربوني، إذ يمكن للدول أو الشركات التعويض عن انبعاثاتها بالقدر نفسه الذي تسببت في إطلاقه، لتصل إلى ما يُعرف بتحييد بصمة الكربون. 

ومنها جاءت فكرة تجارة الكربون، إذ تستطيع شركة ما التعويض عن كل طن من الانبعاثات التي تتسبب فيها، من خلال المساهمة في مشروع منخفض الكربون أو عن طريق دفع مقابل مادي يوازي سعر طن الكربون.

وفرضت دول عديدة آليات لتسعير الكربون، لإجبار الشركات والقطاعات على خفض الانبعاثات، وإلا فإنها مجبرة على دفع ثمن التداعيات السلبية التي تفرضها على البيئة. 

كما تسمح أسواق الكربون للشركات بشراء إعفاءات رخيصة من لوائح انبعاثات ثاني أكسيد الكربون CO2 على مستوى الأمم المتحدة أو المستوى الوطني، كذلك تسمح لأي شخص بشراء شهادة تدعي أن تلوث CO2 قد تم "تحييده". 

وتصدر هذه الإعفاءات والتصاريح جزئيا عن الشركات والدول التي تشارك في أنشطة "تنظف" الأرض أو تستثمر في أنشطة رأسمالية تعتبر "أقل تدميرا من المعتاد".

غير قابلة للتطبيق

قال رئيس قسم الاقتصاد بأكاديمية السادات، إيهاب الدسوقي، إن ما يجب على الغرب عمله هو أن يبدأ بذاته، حيث يُعد من أكبر القوى الملوثة لاستخدامه الوقود الأحفوري وبالدرجة الأولى، ولذا اعترضت الدول الإفريقية وطالبت بعدم الالتزام، خاصة أنها في بدايتها لإحداث تنمية بما لديها من غاز وبترول كبير مثل الكونغو، حيث إن ما تمتلكه أمريكا من نفط صخري تُصدره حاليًا لأوروبا بعد أزمة الطاقة لديها يتسبب في انبعاثات كربونية أكثر من النفط العادي، فليس هذا بحل.

وأضاف الخبير الاقتصادي في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، إذا لم تُلزم أمريكا نفسها بما تلزم به غيرها، فإن هذه المبادرة تعتبر "دون جدوى"، حيث تمول أمريكا خطًا للغاز من نيجيريا يمر بالمغرب ويصل إلى أوروبا، المبادرة جيدة ولكنها غير قابلة للتطبيق لاحتياج إفريقيا إلى ما تمتلكه من غاز لإحداث تنمية، وافتقار أمريكا لمبدأ "البدء بالنفس"، وهنا يصعب ترويجها وإقناع الآخر بها، ولذا لم تستجب لها الدول.

خبير: الاقتصاد المصري أصبح مثالًا يحتذى به - دار الهلال

شراكة بين الحكومات والقطاع الخاص

قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، صلاح الدين فهمي، إنه بموجب المقترحات الجديدة، ستتوفر مصادقة مماثلة لمشاريع تحول الطاقة في البلدان النامية، مما يوفر للشركات أرصدة كربونية موثوقة يمكن استخدامها لاستكمال مساعيها الحالية لخفض الانبعاثات.

وأضاف: الحكومات لن تتحمل التكلفة، ما تطرحه المبادرة ما هو إلا شراكة للحكومات والقطاع الخاص، ولذا تناقش كيف تساهم الشركات الخاصة الحكومات في تنفيذ المبادرة لخفض الانبعاثات الكربونية، أمريكا تفكر وتنظر برؤية الطائر، حيث تهيمن على القطاع الخاص، هي بالإشراف تمهد له وهو بالعمل والفعل، ومعظم الحكومات في الدول المتقدمة حاليًا ليس لديها مصانع، وبناء عليه فمن سيتولى تلك المبادرة هي المصانع التي تؤدي منتجاتها أو صناعتها إلى انبعاثات كربونية.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية