وثيقة الاستقلال.. 34 عاما من الإخفاق في إقامة الدولة الفلسطينية

وثيقة الاستقلال.. 34 عاما من الإخفاق في إقامة الدولة الفلسطينية

أحمد حرب - فلسطين

شعث: تجب استعادة الوحدة الفلسطينية والزخم العربي لمواجهة الانتهاكات الإسرائيلية

صيدم: وثيقة الاستقلال شكلت عملاً جمعياً منضوياً تحت منظمة التحرير الفلسطينية

زقوت: بعد 34 عاماً ما زال الفلسطينيون يجمعون على إنهاء السيطرة الإسرائيلية وإنهاء الانقسام

عوكل: إعلان الاستقلال لدولة فلسطين هو إعلان سياسي

جبارين: المتغيرات الدولية أضعفت الموقف من الحق الفلسطيني

 

تمر اليوم الذكرى الـ34 على إعلان وثيقة الاستقلال لدولة فلسطين، والتي انطلقت من الجزائر في 15 نوفمبر عام 1988، وسط حالة من التشرذم والانقسام الفلسطيني الذي فتت الجبهة الداخلية التي كانت موحدة في مواجهة إسرائيل.

وفي هذه المناسبة، أجمع سياسيون وخبراء فلسطينيون على أن تحقيق دولتهم المستقلة على أرض الواقع لن يكون إلا بوحدة كل الأطياف والقوى السياسية الفلسطينية وإنهاء الانقسام، بجانب الاستناد إلى مرجعية دولية تستند إلى توازن القوى العالمية. 

ويحيي الفلسطينيون سنويا ذكرى إعلان وثيقة 1988 التي كتب نصها شاعرهم الراحل محمود درويش، والتي استندت -كما جاء في إعلانها- إلى "الحق الطبيعي والتاريخي والقانوني للشعب الفلسطيني في وطنه، وقرارات القمم العربية، وقوة الشرعية الدولية، وممارسة من الشعب العربي الفلسطيني لحقه في تقرير المصير والاستقلال السياسي والسيادة فوق أرضه".

الزخم العربي

اعتبر القيادي الفلسطيني نبيل شعث، أن حق الفلسطينيين في الاستقلال وإقامة دولتهم، حق مطلق ويعترف بها أكثر من 168 دولة في العالم، لافتا إلى أن المشكلة التي يوجهونها هي توازن القوى، بمعنى أن الولايات المتحدة الأمريكية ما زالت تفرض سياساتها على الجميع وهذا من معوقات إقامة الدولة الفلسطينية حتى الآن.

وأشار شعث الذي كان حاضرا عند إعلانه وثيقة الاستقلال في الجزائر، وعمل حينها مستشارا للرئيس الفلسطيني الراحل ياسر عرفات، في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، إلى إنه خلال 5 سنوات قادمة يمكن لهذا التوازن العالمي أن يتغير من خلال نمو الصين واستعادة روسيا دورها وأن تعود بريطانيا إلى الاتحاد الأوروبي، ويمكن أن تحدث إعادة توازن عالمي، بحيث لا تصبح الولايات المتحدة هي المقرر للسياسة العالمية منفردة.

وقال إنه تجب إعادة الزخم العربي حتى نستطيع في ظل عدم التوازن العالمي، أن نواجه الانتهاكات الإسرائيلية المتواصلة، وأن نعطي للشعب الفلسطيني الحق في تقرير المصير.

استعادة الوحدة

وأوضح القيادي الفلسطيني، أن الوضع الداخلي هش، حيث ما زال الانقسام الفلسطيني – الفلسطيني قائما، وغزة منفصلة عن الضفة الغربية، ونحن في حاجة حقيقة لاستعادة الوحدة، من خلال الانتخابات وبناء حكومة وطنية قوية، وبناء نظام اقتصادي وسياسي واجتماعي، حتى نستطيع في ظل الوضع العالمي والإقليمي مواجهة التوغل الإسرائيلي المتواصل عبر الاستيطان وضم الأراضي الفلسطينية، لذلك، البداية يجب أن تكون من قلبنا كفلسطينيين لأن هذه قضيتنا.

إجماع فلسطيني 

وبدوره، قال عضو المجلس الوطني الفلسطيني، صبري صيدم، إن وثيقة الاستقلال لم تكن إلا نتاج عمل جمعي منضوٍ تحت منظمة التحرير الفلسطينية، والذي اختار أن يعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني من خلال إعلان الاستقلال عام 1988 في الجزائر، وفي كل عام يثار الحديث عن ماهية فكرة الإعلان والاستقلال المنشودة التي وصلنا إليها، مشيرا أن التحديات الكبيرة لم تحقق حلم الفلسطينيين بالاستقلال حتى اللحظة.

وقال “صيدم” في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست"، إنه يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أن وثيقة الاستقلال، ساهمت في حالة الإجماع ما بين الفصائل الفلسطينية لسنوات عجاف من الانشقاقات وإعادة اللحمة بين الفلسطينيين، وأكدت حقوق الشعب الفلسطيني المنصوص عليها في قرارات الشرعية الدولية، وثبتت الدعم العالمي تجاه الاعتراف بفلسطين في حال إنجاز الاستقلال.

وأرجع أسباب عدم تحقيق مضامين وثيقة الاستقلال إلى التقاعس الدولي الحاصل اليوم، خاصة الدول التي تعاملت وفق المصالح والمواقف، بالإضافة إلى الزلازل السياسية في المنطقة العربية كالربيع العربي والحروب المتكررة التي أعادت تشكيل الخارطة السياسية في العالم العربي تحديدا، إضافة إلى الانقسام الفلسطيني الذي شكل حجر عثرة أمام تحقيق الاستقلال وانشغالنا في مشاكلنا الداخلية المتجذرة، وحالة منظمة التحرير الفلسطينية التي تراجعت في السنوات الماضية على مستوى العمل المؤسسي والكفاءة والفاعلية، ما أثر على المشهد السياسي الفلسطيني.

اتفاق أوسلو

واعتبر الكاتب السياسي جمال زقوت، أن منظمة التحرير الفلسطينية وضعت اللحظة التاريخية لإعلان استقلال الدولة الفلسطينية عام 1988 بالجزائر في مسار اتفاق أوسلو، وهذا المسار كان يتطلب على الرغم من كل نواقصه أداء مختلفا في الميدان، ولكن الفشل في الأداء بين مؤسسات السلطة الوطنية الفلسطينية وبين القوى الفلسطينية أفضى إلى حالة الانقسام الفلسطيني القائمة حاليا، وبالتالي عدم إقامة الدولة الفلسطينية حتى الآن.

وقال زقوت في تصريحات لـ"جسور بوست"، إن كل المضامين والمبادئ التي أرساها إعلان وثيقة الاستقلال، بدءا من تطبيق القانون في الدولة المنشودة إلى احترام مكانة المرأة، كل ذلك تجري الإطاحة به من خلال القوى المنقسمة، بالإضافة إلى التغيرات العربية والدولية والأزمات العالمية مثل أزمة وباء كورونا والوضع الاقتصادي في أوروبا ومشكلة المناخ والأزمة الأوكرانية، كل ذلك “ومع اهتزاز القيادة الفلسطينية”، أصبحت القضية الفلسطينية على هامش الاهتمام الدولي.

وأكد أن الفلسطينيين بعد 34 عاما على وثيقة إعلان الاستقلال ما زالوا يجمعون على قضايا، أهمها إنهاء السيطرة الإسرائيلية على الأرض، ومواجهة الاستيطان، واستعادة الوحدة الفلسطينية والمنجزات الديمقراطية، وحل المشكلات الداخلية على أساس ديمقراطي، مشيرا إلى أنه يجب على المجتمع الدولي أن يضغط على إسرائيل من أجل القبول بحل الدولتين.

إعلان يصعب تحقيقه

ويرى المحلل السياسي طلال عوكل، أن إعلان الاستقلال لدولة فلسطين هو إعلان سياسي، وكان معلوما بأنه سيتحقق هدف إقامة الدولة بمجرد الإعلان عنه، ولكن الوثيقة جاءت لتقول للعالم إن الفلسطينيين يفكرون في دولة ديمقراطية تحترم حقوق الإنسان وتنبذ العنف والكراهية، مشيرا إلى أن تحقيق ذلك قد يطول نتيجة المراهنات على الانتفاضات الفلسطينية التي قد تقرب تحقيق دولة للفلسطينيين، لكن الأوضاع جاءت على عكس هذه المراهنات.

وقال عوكل في تصريح خاص لـ"جسور بوست"، إن أمر إقامة دولة للفلسطينيين الآن صعب تحقيقه كثيرا، بسبب السياسات الإسرائيلية في الميدان وعلى صعيد الاستراتيجيات التي تقول "إن الفلسطينيين ذاهبون إلى صراع له علاقة بكل الأرض والحقوق الفلسطينية، ورغم الحديث عن دولة فلسطينية في الضفة الغربية، إلا أن إسرائيل جرفت هذه الإمكانية ولم يعد بالإمكان المراهنة على أن تتحقق دولة بالمعنى الذي ورد في إعلان الاستقلال.

أسباب الإخفاق

قال مدير مؤسسة الحق الفلسطينية، شعوان جبارين، إن الدول التي اعترفت بحق الفلسطينيين في إقامة دولتهم لم تتوفر لديها الإرادة السياسية لاتخاذ خطوات، كفرض العقوبات على إسرائيل لكي تدفع ثمن عدوانها وانتهاكاتها بحق الشعب الفلسطيني.

لكن أهم أسباب إخفاق "إعلان الاستقلال" كما يقول جبارين، أن المتغيرات الدولية أضعفت الموقف من الحق الفلسطيني، إلى جانب أن إسرائيل تمارس كل أشكال الانتهاكات بحق الشعب الفلسطيني في بناء الاستيطان وضم الأراضي التي تسيطر عليها السلطة الفلسطينية وعمليات القمع اليومية، وفي المقابل يتسلح الفلسطينيون بحقهم دون أدوات فعالة لحمايته.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية