هل تستطيع أزياء القمامة إنقاذ الملايين في نيجيريا من الموت؟

هل تستطيع أزياء القمامة إنقاذ الملايين في نيجيريا من الموت؟

التلوث في نيجيريا والانسكابات النفطية المتواصلة إرث ثقيل تتوارثه الأجيال، يهدد مياه الشرب والزراعة والحياة هناك، معاناة يقاسيها الأهالي، والنتيجة هي شباك صيد فارغة ومياه وحقول ملوثة وارتفاع مستمر وكبير في معدل الوفيات.

ولكن يبقى الأمل.. مقاومة صغيرة على أرض شاسعة من التلوث، تمثلت في مبادرة "الأصابع الخضراء للحياة البرية"، لمواجهة التلوث كما لو كانت عصا سحرية، تحول القبيح إلى جميل، وما هو مصدر للموت إلى حياة، عن طريق تحويل القمامة إلى أزياء. 

فقد أعاد نشطاء مراهقون معنيون بالمناخ في أكبر مدن نيجيريا تدوير القمامة إلى ملابس، من أجل "تراشون شو" أو عرض أزياء من النفايات.

 قال تشينيدو موغبو مؤسس مبادرة الأصابع الخضراء للحياة البرية، وهي جماعة محافظة تعمل مع نشطاء، إن المعرض يهدف لزيادة الوعي بمشكلة التلوث البيئي، تشير بيانات عن نيجيريا إلى أن 94% من السكان معرضون لمستويات من تلوث الهواء "حسب مقياس تلوُّث الجسيمات 2.5"، تفوق إرشادات منظمة الصحة العالمية، وأن تكاليف الأضرار الناجمة عن تلوث الهواء تبلغ نحو واحد في المئة من إجمالي الناتج القومي. 

في ظل التراخي في تطبيق قوانين البيئة، يقدر البنك الدولي أن التلوث يقتل ما لا يقل عن 30 ألف شخص في هذه المدينة كل عام.

تعتبر "لاغوس" واحدة من أكثر المدن الإفريقية ازدحاما بالسكان، حيث يزيد عدد سكانها على 15 مليون نسمة، وتنتج ما لا يقل عن 12 ألف طن متري من النفايات يوميا، حسب ما تقول السلطات. 

تقول منظمة الصحة العالمية إن ما يُقدَّر بنحو 7 ملايين شخص ماتوا بأمراض متصلة بتلوُّث الهواء في الأماكن المُغلَقة والمفتوحة وحده في عام 2012.

التسرب النفطي يهدد حياة الملايين في نيجيريا - الطاقة

أزياء من القمامة

لا تكف المحاولات الفردية والجماعية عن إيجاد حلول لمواجهة التلوث والتغير المناخي، هذه المبادرة واحدة منها.

في تصريحاتها الإعلامية تقول مبادرة الأصابع الخضراء للحياة، إنها تعيد تدوير أكبر قدر ممكن من المواد البلاستيكية في مجتمع تلو الآخر، وتنظم المبادرة عمليات تنظيف للنفايات في المجتمعات، في قنوات الصرف الصحي والشواطئ، ثم يتم استخدام النفايات البلاستيكية في صنع أقمشة لعرض الأزياء. 

من جانبها، قالت ناثانيال إيديغوا البالغة من العمر 16 عاما، وهي مغطاة بملاعق بلاستيكية حمراء وقماش، إنها انضمت إلى نسخة هذا العام كعارضة أزياء "لإحداث تغيير". 

 أضافت في تصريحات إعلامية: "نستطيع أن نرى أننا جميعا تأثرنا بالتغير المناخي، لذلك أنا بالفعل أريد إحداث فارق".

في نيجيريا.. أزياء من القمامة حماية للمناخ | سكاي نيوز عربية

 

مدينة قاتلة

تُعرف لاغوس بأنها أول مدينة في إفريقيا تتكشف عن علامات على اقتصاد مفعم بالحيوية والنشاط ونمو مُطرد في كل مكان، إنها مكان لحراك لا ينقطع، يشارك فيه مديرو شركات النفط وأصحاب المتاجر الصغيرة ومشهد ثقافي مزدهر، ولكن مع وجود 21 مليون نسمة تختنق لاغوس من مشكلة التلوث المتزايد وتسمم الهواء الذي يشل حركة مواطنيها والتجارة فيها مع تزايد نفقات الرعاية الصحية. 

وتتزايد حركة المرور ولا توجد قواعد تنظيمية للانبعاثات الضارة، وكثيرا ما تنشب حرائق في صهاريج الوقود في الشوارع. 

ناشطون نيجيريون يصنعون أزياءً من النفايات لمحاربة التلوث | صحيفة الخليج

وأوردت تقارير أن وزيرة البيئة الاتحادية السابقة في نيجيريا لورينتيا مالام، زارت واشنطن العاصمة، وفي احتفال مؤسسة المواطن العالمي، يوم الأرض 2015 في حديقة ناشونال مول، وأمام جمع من 200 ألف شخص، تعهدت مالام بتحسين صحة البيئة بنسبة 50% بحلول عام 2020، وقالت "يستحق المواطنون النيجيريون أن يكون الهواء نظيفا والماء صالحاً للشرب والأرض خاليةً من التلوُّث". 

ويسهم التلوُّث في الوفاة التي يمكن الوقاية منها لما يُقدَّر بنحو 9 ملايين شخص كل عام، معظمهم في البلدان النامية.

غير مجدية

وقال أستاذ اقتصاديات البيئة بجامعة عين شمس، الدكتور علاء سرحان، لـ"جسور بوست" إن نسبة التلوث الواقعة بنيجيريا كبيرة لدرجة يجب التصدي لها بحزم، حيث إن الضرر لا يقتصر على المتسببين فيه هناك، وإنما يتسع ليشمل العالم كله ويزيد من انبعاثات تغير المناخ.

وأضاف، مثل هذه المبادرات جيدة لزياد ة الوعي لكنها غير مجدية ولا تحل الأزمة، بل على العكس التعامل مع القمامة مباشرة قد يُعرض الناس لخطر مباشر ويجلب لهم مزيدا من الأمراض، خاصة ولزيادة عدد السكان تحولت المدن هناك إلـى بـؤر لنمو الفيروسات والبكتريا الضارة وارتفاع نسبة التلوث.

وأكد أستاذ البيئة أن عمليات التنظيف تشمل تخزين التربة الغارقة بالنفط بطريقة عشوائية، ما يصيب الأراضي والأنهار النظيفة بعدوى التلوث النفطي بعد تسرب بعض المواد الكيميائية إليها نتيجة هذا التخزين، وهذا أمر مثير للقلق، لأن لديك الفئات السكانية الأكثر ضعفًا، والتي لا تتوفر لها إمكانية للحصول على الرعاية الصحية، معرضة لذلك التلوث، نتيجة زيادة الفضلات مـن المدن الواقعة على السواحل.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية