طلقات المدفعيات ورصاصات الغدر .. القصف الإيراني يشرد سكان إقليم كردستان بالعراق

طلقات المدفعيات ورصاصات الغدر .. القصف الإيراني يشرد سكان إقليم كردستان بالعراق

العراق- عبدالرشيد الصالح 

الصحاف: العراق قدم تقريراً مفصلاً لمجلس الأمن حول الاعتداءات المتكررة

خوشناو: القصف الإيراني المتواصل تسبب بوقوع أضرار مادية كبيرة للسكان

قائمقام قضاء سوران: تم إخلاء سبع قرى تماماً من النساء والأطفال

خليل: طرد حزب العمال الكردستاني ضرورة لإنهاء ذريعة قصف الأراضي العراقية

لم يهنأ العراقيون في الشمال والشمال الشرقي للبلاد بحياة مستقرة منذ وطأت أقدام الأمريكان البلاد في عام 2003، عندما أطاح التحالف الدولي بالرئيس السابق صدام حسين، حتى بعدما تم الإعلان عن هزيمة تنظيم داعش الإرهابي، لم يستطع الماكثون في تلك المناطق العيش في حياة مستقرة وآمنة.

ومؤخرا، تزايدت حدة المعارك في المنطقة التي ذاق أهلها الويلات خلال سنوات مضت، حيث تواصل مدفعية الحرس الثوري الإيراني بين الحين والآخر قصف قرى حدودية في إقليم كردستان، وتحديدا في محافظتي السليمانية وأربيل، وغالباً ما تقصف إيران بعض المناطق شمال العراق بالمدفعية والصواريخ والطائرات المسيرة، حيث تتمركز أحزاب وتنظيمات معارضة كردية إيرانية، تعتبرها طهران تهديدا لأمنها القومي، وهو ما يتسبب بحالات نزوح كبيرة للسكان.

وشنّت إيران ليل الأحد الماضي، ضربات جديدة استهدفت مجموعات من المعارضة الكرديّة الإيرانيّة المتمركزة في كردستان العراق المجاور، بعد أقلّ من أسبوع على ضربات مماثلة، حسب ما أعلن مسؤولون محلّيون.

خلو القرى من السكان

وتسبب القصف الإيراني خلال عدة أشهر في نزوح السكان من 10 قرى حدودية غالبيتها في ناحية سيدكان التابعة لقضاء سوران شمالي أربيل التي يسكنها مواطنون من القومية الكردية، والتي شهدت لوحدها نزوح 50 عائلة، بحسب ما تتحدث به مصادر محلية لـ"جسور بوست".

يقول كيفي خوشناو وهو من أهالي ناحية سيدكان شمالي أربيل، إن "القصف الإيراني المتواصل تسبب بوقوع أضرار مادية كبيرة للسكان ما جعل الأهالي يهربون إلى داخل مركز ناحية سيدكان، حيث تم إغلاق عدد من المدارس خوفا على حياة الأطفال، حيث تقوم إيران بالقصف العشوائي، غير مهتمة بحياة المواطنين من نساء أو أطفال لا ذنب لهم".

وفي الـ14 من الشهر الجاري، قصفت قوات الحرس الثوري الإيراني بالصواريخ مقار تابعة للأحزاب الكردية المعارضة للسلطات الإيرانية في بلدة كويسنجق 60 كلم شرق أربيل عاصمة إقليم كردستان العراق، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة 8 آخرين في الهجوم الصاروخي، فضلا عن نزوح عشرات الأهالي.

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بصور ومقاطع فيديو ترصد عملية إخلاء مدرسة بمحافظة أربيل بإقليم كردستان، بعد القصف الإيراني للمنطقة، حيث أظهرت الصور حالات الهلع التي أصابت أطفال المدارس أثناء تعرض منطقتهم في "قضاء كويه" في أربيل إلى قصف إيراني مكثف.

بدوره، قال قائمقام قضاء سوران في أربيل مغديد عريف، إن "سبعة قرى أُخليت تماما في ناحية سيدكان، وتوجه الأهالي إلى المدينة، لكن بعض الفلاحين بقوا في قراهم لأنهم يعتمدون على الزراعة والرعي، غير أن عوائلهم من نساء وأطفال أخلوا القرى تماماً حفاظا على سلامتهم".

وأضاف عريف في حديث لـ"جسور بوست"، أن "القصف مستمر منذ عدة أشهر وبشكل متقطع في ناحية سيدكان وبرادوست من قبل إيران، مما أثر على حياة الكثيرين الذين تركوا قراهم وبيوتهم"، محذرا من "إخلاء القرى بشكل كامل في حال تجدد القصف مرة أخرى".

وليست إيران وحدها من تتدخل عسكريا في العراق، حيث تجري القوات التركية عملية عسكرية منذ أشهر في شمال العراق تعرف باسم عملية "المخلب- القفل" وتنفذها في شمال العراق، لمطاردة حزب العمال الكردستاني الذي تصنفه تركيا منظمة إرهابية.

وفي شهر يوليو الماضي، توترت العلاقات الدبلوماسية بين العراق وتركيا بشكل كبير، على خلفية اتهام بغداد لأنقرة بالتورط بقصف منتجع سياحي في محافظة دهوك بإقليم كردستان العراق، ما أسفر عن مقتل 8 أشخاص وإصابة 23 شخصا بجروح متفاوتة.

1400 أسرة نازحة

وبالتزامن، تقصف تركيا مدينة سنجار في محافظة نينوى، والتي تقول أنقرة إنها منطقة يتخذها حزب العمال الكردستاني مقرا لعملياته العسكرية ضد أراضيها.

في هذا الصدد، قال النائب في البرلمان عن سنجار وقائمقامها السابق محما خليل، إن القصف التركي والإيراني يتكرر على مناطق معينة في إقليم كردستان، مؤكدا أنه يستهدف دائما المجمعات السكنية، ودائما ما يعرض حياة المواطنين للخطر. 

وأكد خليل لـ"جسور بوست"، أن القصف المتكرر، كان سببا في نزوح عدد من المواطنين من قضاء سنجار إلى مناطق آمنة في إقليم كردستان، منوها إلى أن الصراع التركي مع حزب العمال الكردستاني، أثر سلبا على استقرار سنجار وعودة النازحين.

وأشار إلى أن هناك عمليات اغتيال وخطف ارتكبها حزب العمال بحق عدد من المواطنين في سنجال مما كان سببا بعدم عودة العوائل إلى مناطق سكناهم، مشددا على ضرورة طرد حزب العمال الكردستاني وإنهاء ذريعة قصف الأراضي العراقية.

وفي شهر يوليو الماضي، أعلن منسق التوصيات الدولية في حكومة إقليم كردستان العراق ديندار زيباري، نزوح نحو 1400 أسرة من قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، عكسياً، صوب مناطق ومدن الإقليم بسبب نشاطات حزب العمال الكردستاني المعارض لأنقرة.

بدوره، قال المتحدث باسم وزارة الهجرة والمهجرين العراقية علي جيهانكير لـ"جسور بوست"، إن “العوائل الساكنة في المناطق الحدودية، تنزح خلال ساعات احتدام القصف التركي أو الإيراني”، مؤكدا عدم وجود أرقام دقيقة لدى إقليم كردستان والوزارة حول أعداد تلك العوائل النازحة. 

ونوه جيهانكير إلى أن القصف أصبح شيئاً مألوفا لدى تلك العوائل، ولم يطلب حتى الآن أي مساعدات لهم، وليس هناك أي مخيمات في تلك المناطق.

وأشارت وزارة الهجرة والمهجرين إلى أن نزوح تلك العوائل غالبا ما يكون وقتيا كونها مجبرة على العودة للاعتناء ومتابعة مناطقهم الزراعية. 

إجراءات دبلوماسية خجولة

وأدانت بغداد القصف الإيراني على مناطق في إقليم كردستان العراق، كما جاءت الإدانة أيضا من الولايات المتحدة وألمانيا والأمم المتحدة.

وأكد المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف لـ"جسور بوست"، أن "العراق لجأ إلى مجلس الأمن وقدم تقرير مفصلا حول الخروق والاعتداءات المتكررة من قبل دول الجوار"، مبينا أن "التقرير احتوى على الأدلة وأعداد انتهاكات السيادة من قبل الجانب التركي. 

ونوه الصحاف، إلى أن “تعزيز التنسيق والحوار هما السبيل الأنسب لتجاوز التحديات المشتركة مع دول الجوار، وإنهاء هذه الانتهاكات”.

ونزحت نحو 300 عائلة من قرى مدينة العمادية في محافظة دهوك أقصى شمالي العراق، وفقا لما أعلنت وزيرة الهجرة العراقية إيفان فائق، أي قرابة 1500 شخص، منذ بدء العملية التركية التي تشنها أنقرة منذ مطلع العام الجاري ضد مسلحي حزب العمال الكردستاني.

وبالرغم من أن السلطات العراقية في بغداد استدعت السفير التركي أكثر من مرة للاحتجاج، لكن العمليات لم تتوقف وتسببت بحرق نحو 20 كيلومترا مربعاً من الغابات في دهوك، وفقا لمديرية الغابات والمراعي في المحافظة، ما يساوي نحو 2,5% من مساحة الغابات في العراق، فيما وصفه الرئيس العراقي السابق، برهم صالح بـ"الممارسات غير الإنسانية والجريمة البيئية".

بعض آثار قصف الأراضي العراقية

                                                                                                                             بعض آثار قصف الأراضي العراقية


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية