أزمة حقوق إنسان "كاملة"

مفوض الأمم المتحدة: مطالب المتظاهرين الإيرانيين تواجه "عقلية الحصن"

مفوض الأمم المتحدة: مطالب المتظاهرين الإيرانيين تواجه "عقلية الحصن"
جانب من جلسة اليوم

أبدى مفوض الأمم المتحدة السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، إعجابه بالشعب الإيراني ومحاولاته على مدى السنوات الماضية للمطالبة بالعدالة والمساواة والكرامة واحترام حقوق الإنسان، مشيرا إلى موجات عديدة من الاحتجاجات في الوقت الذي قوبلوا بالعنف والقمع، والأساليب القديمة و"عقلية الحصن" لأولئك الذين يمتلكون السلطة.

وشدد تورك في كلمته خلال الجلسة الخاصة لمجلس حقوق الإنسان، التابع لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، اليوم الخميس، على أن تلك الأساليب في الواقع "لا تعمل، فقط تؤدي إلى تفاقم الوضع، مؤكدا: "نحن الآن في أزمة حقوق إنسان كاملة".

وأشار تورك، إلى أنه خلال زياراته الرسمية العديدة إلى البلاد في السابق، استلهم من الإيرانيين التراث الثقافي والأدبي الغني للبلاد، قائلا: "كانت استضافة الإيرانيين للاجئين الأفغان ولا تزال تعبيراً حقيقياً عن التضامن الدولي".

وأضاف آسفاً: "ولكن يؤلمني رؤية ما يحدث الآن في البلاد، صور أطفال قتلوا، النساء يتعرضن للضرب في الشوارع، الأشخاص المحكوم عليهم بالإعدام، يجب إنهاء الاستخدام غير الضروري وغير المتناسب للقوة".

وانتشرت الاحتجاجات الحالية، التي اندلعت في 16 سبتمبر عقب وفاة جينا مهسا أميني في الحجز، حيث اندلعت في أكثر من 150 مدينة و140 جامعة في جميع المحافظات الإيرانية البالغ عددها 31، ولا تزال مناطق الأقليات تتأثر بشكل غير متناسب، لا سيما من حيث عدد الضحايا، كما انتقد بعض نواب في البرلمان رد فعل السلطات على هذه الاحتجاجات.

ووصف تورك الاحتجاجات قائلا: "النساء والشباب والرجال من جميع أنحاء المجتمع، الطلاب والعاملون من مختلف القطاعات والرياضيون والفنانون يطالبون بالتغيير بشجاعة لا تصدق.. يطالبون بوضع حد للقوانين والممارسات التمييزية ضد النساء والفتيات.. يحتجون من أجل الاحترام الكامل لحقوق وحريات جميع الشعب الإيراني ومن أجل الإدماج والمساواة.. من أجل مستقبل أفضل وأكثر عدلاً".

وشدد تورك: "إنني أحث الحكومة ومن هم في السلطة على الاستماع.. الاعتراف بالمظالم الاجتماعية والاقتصادية والسياسية العميقة الجذور التي تتراكم.. الاستجابة لمطالب الناس بحماية حقوقهم وإسماع أصواتهم.. قبول شرعية المطالبين برؤى مختلفة للمجتمع".

وأوضح: "يجب أن تشعر النساء والفتيات بالحرية والأمان في الأماكن العامة دون خوف من العنف أو التحرش.. العيش في أمان والقدرة على المشاركة في الحياة العامة على قدم المساواة مع الرجال".

وتابع: "يحتاج الشباب إلى معرفة أنه يمكنهم التعبير عن آرائهم بشكل سلمي دون خوف من الاعتقال والسجن".

وأكد المسؤول الأممي في كلمته أمام اللجنة: "الوضع الحالي لا يطاق.. منذ بدء الاحتجاجات، ورد أن قوات الأمن ردت باستخدام القوة المميتة ضد المتظاهرين العزل والمارة الذين لم يشكلوا أي خطر على الحياة، في تجاهل صارخ للقواعد الدولية بشأن استخدام القوة".

وأوضح: "استخدمت القوات الأمنية، لا سيما الحرس الثوري الإسلامي وقوات الباسيج، الذخيرة الحية والخرطوش وغيرها من الكريات المعدنية والغاز المسيل للدموع والهراوات.. هذا غير مقبول".

وقال: "تلقينا تقارير تفيد بأن المتظاهرين المصابين يخشون الذهاب إلى المستشفى لخطر الاعتقال من قبل قوات الأمن.. استنكر المهنيون الطبيون علنا ​​تدخل قوات الأمن في علاج المتظاهرين المصابين، تم حتى الآن اعتقال نحو 14 ألف شخص، بمن فيهم الأطفال، في سياق الاحتجاجات.. هذا رقم مذهل".

واستنكر تورك قائلا: "إنني قلق من التقارير التي تفيد بأنه حتى الأطفال المشتبه في مشاركتهم في الاحتجاجات يتعرضون للاعتقال في المدرسة.. تم استدعاء المئات من طلاب الجامعات للاستجواب والتهديد أو الإيقاف عن العمل ومنعهم من دخول الحرم الجامعي.. تم استهداف واعتقال الفاعلين في المجتمع المدني من منازلهم وأماكن عملهم، ومن بينهم مدافعون عن حقوق الإنسان وصحفيون ومحامون.. ولا يزال المتظاهرون الموقوفون محرومين من الاتصال بمحامٍ".

وأضاف: "هناك تقارير مقلقة عن تعذيب جسدي ونفسي وسوء معاملة للمتظاهرين رهن الاحتجاز لانتزاع اعترافات قسرية، وبث بعضها في وسائل الإعلام الحكومية، كما تتعرض عائلات الضحايا للمضايقة والاستهداف".

وبحسب مصادر رسمية، فإن ما لا يقل عن 21 شخصًا اعتقلوا في سياق الاحتجاجات يواجهون حاليًا عقوبة الإعدام، وحُكم على ستة منهم على الأقل بالإعدام بتهمتي "محاربة الله والإفساد في الأرض".

ودعا المسؤول الأممي إلى عمليات تحقيق مستقلة ومحايدة وشفافة في الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، بما يتفق مع المعايير الدولية، مشيرا إلى أنه ما زال يشعر بالقلق من أن التحقيقات المحلية فشلت في تلبية المعايير الدولية للنزاهة والاستقلالية والشفافية، وأن الاعتبارات السياسية والأمنية أدت إلى إضعاف استقلالية وحياد المؤسسات الضرورية لضمان المساءلة.

وقال: “قبلت جمهورية إيران الإسلامية التوصيات المقدمة من خلال الاستعراض الدوري الشامل لهذا المجلس بشأن ضمان الحق في محاكمة عادلة، والوصول إلى العدالة، وضمان عدم التعرض للتعذيب أثناء الاحتجاز، وضمان حقوق المحتجزين، بما في ذلك العلاج الطبي، وإنني أحث الحكومة على تنفيذ هذه التوصيات الرئيسية، على وجه السرعة، وأناشد السلطات على الفور التوقف عن استخدام العنف والمضايقة ضد المتظاهرين السلميين، والإفراج عن جميع المعتقلين بسبب احتجاجهم السلمي”.

وقال: "إنني أحث أولئك الذين يمسكون بزمام السلطة في إيران على الاحترام الكامل للحريات الأساسية في التعبير وتكوين الجمعيات والتجمع، والتي تعد جزءًا لا يتجزأ من التنمية المستدامة، وللتواصل مع الشعب الإيراني حول رؤيتهم لمستقبل بلادهم"، مؤكدا أن "التغيير أمر لا مفر منه".
 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية