على المستويات الوطنية والإقليمية والدولية

استعدادات مناخية حثيثة على طريق الوصول لـ"cop 28" بالإمارات

استعدادات مناخية حثيثة على طريق الوصول لـ"cop 28" بالإمارات

بجهود دؤوبة، تقود دولة الإمارات العربية المتحدة قاطرة العمل المناخي لإنقاذ العالم من مخاطر ظاهرة الاحتباس الحراري وارتفاع درجة حرارة كوكب الأرض.

وقبل نحو 10 أشهر من انعقاد المؤتمر الثامن والعشرين للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (COP 28)، تحشد الإمارات جهودها للحد من تأثيرات الظاهرة.   

وتلعب أبوظبي دورًا رئيسيًّا في قيادة الجهود العالمية لمواجهة أزمة التغيّرات المناخية، وتعد مشاركتها القوية في قمة المناخ "‏COP 27‎‏" بمدينة شرم الشيخ المصرية ‏أحدث هذه الجهود.

وتساهم بدور فاعل في دفع عجلة نمو قطاع الاقتصاد الأخضر في العالم، بما يدعم توجهات القيادة ‏السياسية الرامية إلى نشر التقنيات النظيفة وحلول الطاقة المتجددة على أوسع نطاق، وتعزيز الجهود العالمية ‏في مجال العمل المناخي، والمضي قدماً في تنفيذ مبادرة الدولة الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول ‏عام 2050.‏

ووسعت الإمارات مشاريعها واستثماراتها الخارجية في هذا المجال بشكل لافت خلال عام 2022، لتصل إلى قرابة 40 دولة حول ‏العالم، بقيمة إجمالية تفوق الـ20 مليار دولار أمريكي.

‏وفي نوفمبر 2022، أطلقت الإمارات مبادرة شاملة بالشراكة مع الولايات المتحدة، للاستثمار في الطاقة النظيفة وتعزيز الأهداف المناخية المشتركة وأمن الطاقة العالمي.

وتتضمن هذه المبادرة استثمار 100 مليار دولار لتوليد 100 غيغاوات إضافية من الطاقة النظيفة في دولتي الإمارات والولايات المتحدة، إضافة إلى الاقتصادات الناشئة حول العالم بحلول سنة 2035.‏

وتأتي المشاركة الإماراتية بالتزامن مع تحقيق إنجاز جديد بالإعلان عن إنتاج أول ميغاوات من الكهرباء ‏الصديقة للبيئة من ثالث محطات براكة الأربع، أول مفاعل سلمي للطاقة النووية في العالم العربي، وهو الإنجاز الذي يساهم في تحقيق هدف الحياد المناخي (تحقيق صافي انبعاثات صفرية) ‏بحلول عام 2050.‏

تحديات داخلية

وتُصنف الإمارات من بين الدول الأكثر عرضة للتأثيرات المحتملة لتغير المناخ في العالم، وهو ما ‏سيترتب عليه ارتفاع أكثر في درجات الحرارة، وسقوط الأمطار بشكل أقل، وانتشار الجفاف، وارتفاع مستوى ‏مياه البحار، والمزيد من العواصف.‏

وتعد عواقب هذه الآثار شديدة وكثيفة على البنية التحتية، وصحة الإنسان، والبيئة الطبيعية، ما يؤثر على ‏مختلف قطاعات التنمية والسياسات، بما في ذلك الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية والصحية والبيئية.‏

والإمارات على المستوى العالمي تلعب دورًا مركزيًا في اقتصاد الطاقة، باعتبارها مورداً للوقود الأحفوري، ما ‏يجعلها داعمًا مهمًّا في إيجاد حلول لتقليل الانبعاثات.

ومع الاستمرار في تزويد الإمارات دول العالم بالطاقة التي تحتاجها، دفعها للمشاركة في مكافحة تغير المناخ على نحو فعال، إدراكها مخاطر ضعف الاستجابة تجاه هذه ‏القضية، والمسؤولية العالمية التي على عاتقها.

بسبب المخاوف إزاء ظاهرة تغير المناخ، قامت الإمارات بعدة دراسات دولية لتقييم آثار زيادة ‏مستويات ثاني أكسيد الكربون في الغلاف الجوي، وما ينتج عن ذلك من أنماط تغير المناخ.

ففي عام ‏‏2010، استعرض المركز الأمريكي التابع لمعهد استوكهولم للبيئة (مؤسسة بحثية تابعة لجامعة تافتس في ‏ماساتشوستس) تقريرًا عن أبوظبي، تناول مدى تأثير تغير المناخ على النظم البيئية، والبنية التحتية، ‏والاقتصاد والتأثير المحتمل على صحة السكان.

وتمتلك الإمارات شريطاً ساحلياً ‏بطول 1300 كم تقريبًا، ويتمركز حوالي 85 بالمئة من السكان، وأكثر من 90 بالمئة من البنية التحتية للدولة ضمن عدة أمتار من مستوى البحر في المناطق الساحلية المنخفضة.‏

وكشف التقرير عن احتمالية فقدان الإمارات حوالي 6 بالمئة من شريطها الساحلي المطور والمأهول ‏بالسكان بنهاية القرن بسبب ارتفاع مستويات مياه البحار، إذ تتأثر المناطق الساحلية بعملية استصلاح ‏الأراضي، أو الجرف، أو الأنشطة الأخرى بما في ذلك الأنشطة المتعلقة بالنفط التي تهدد النظم البيئية ‏الساحلية والتطورات.‏

وبين عامي 1996 و1998، تعرضت الإمارات لكارثتي ابيضاض الشعب المرجانية، ‏ومعدلات الوفيات المرتبطة بالحالات الشاذة لدرجة حرارة ماء البحر.

وينتج عن تأثيرات تغير المناخ ارتفاع مستوى ‏سطح البحر، ما يؤثر على السكان والبنية التحتية والمجال الحيوي في المناطق الساحلية، والتي يجب أخذها بعين ‏الاعتبار بصورة كافية في أنشطة التخطيط داخل الدولة.‏

إسهامات دولية

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية بالإمارات، تثمين سام وربرج المتحدث الإقليمي باسم الخارجية الأمريكية، ‏"جهود أبوظبي في مواجهة التغير المناخي، والتنسيق المستمر مع واشنطن في هذا الشأن".‏

وأوضح وربرج أن بلاده لديها الأولويات ستناقشها خلال انعقاد قمة المناخ، مشدداً على أهمية ‏الانتقال من مرحلة التعهدات والمفاوضات إلى مرحلة التنفيذ الفعلي للحلول في التغير المناخي.‏

وأضاف: "أحد أهم إنجازات دورة ‏‏"‏COP26‏" في غلاسكو، هو الإعلان المشترك بين الإمارات والولايات المتحدة، لتقديم مبادرة بشأن الابتكار ‏الزراعي للمناخ".

وبمجمل هذه الجهود باتت الإمارات مثالاً يحتذى في العالم وشريكا في كثير من المشاريع التحويلية على الصعيد ‏الدولي، بما في ذلك أول مزرعة رياح عائمة لتوليد الطاقة على نطاق تجاري في اسكتلندا، الواقعة قبالة ‏ساحل أبردين.‏

وأظهرت الإمارات التزامها طويل الأمد تجاه تحول الطاقة، من خلال الشراكة مع الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ‏"آيرينا" لإطلاق منصة تسريع تحول نظام الطاقة (‏ETAF‏) بقيمة مليار دولار.

وتهدف تلك الآلية العالمية ‏لتمويل المشروعات المناخية إلى تسريع التحول إلى الطاقة المتجددة من خلال دعم توفير 1.5 غيغاوات من ‏قدرات الطاقة المتجددة الجديدة في البلدان النامية بحلول عام 2030.‏

وتكتسب الدورة الـ28 من مؤتمر الأطراف لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية حول تغير المناخ، أهمية كبرى في تحقيق مستهدفات اتفاقية باريس ‏للمناخ (ديسمبر 2015)، إذ إنها ستشهد أول تقييم عالمي للمساهمات المحددة وطنياً إضافة ‏إلى تحديد ملامح الجولة التالية من هذه المساهمات.

وفي قطاع النظم الغذائية والتي تشكل نحو ربع انبعاثات الكربون العالمية، تتخذ أبوظبي نهجًا شاملاً للعمل ‏المناخي من خلال الشراكة مع واشنطن في مبادرة الابتكار الزراعي للمناخ.

‏وتهدف تلك المبادرة الريادية إلى ازدهار الاستثمار والابتكار في مجال التكنولوجيا الزراعية الذكية ‏مناخيًا بمشاركة عشرات الدول الأخرى.

‏استراتيجيات وطنية

وعلى مدى عقود، أقرت الإمارات استراتيجيات ومشاريع متنوعة على المستويات الوطنية والإقليمية ‏والدولية، لمواجهة تحديات تغير المناخ، عبر مسيرة إنجازات مستدامة، ما ساهم في تعزيز مكانتها ونموذجها ‏العالمي في العمل المناخي.‏

وفي إطار حماية البيئة والمجتمع والاقتصاد، بذلت الدولة جهوداً كبيرة للتخفيف من آثار التغير المناخي، ‏وحددت أهدافها الأساسية في إدارة انبعاثات الغازات الدفيئة مع الحفاظ على النمو الاقتصادي، والتأقلم مع ‏التغيرات المناخية وزيادة القدرة على التكيف.

وعملت على تعزيز التنويع الاقتصادي من خلال تبني حلول ‏مبتكرة بمشاركة القطاع الخاص، والتي يأتي أبرزها الخطة الوطنية للتغير المناخي 2017- 2050، والاستراتيجية الوطنية للتنمية الخضراء والأجندة الوطنية الخضراء 2015- 2030، بهدف حصر وإدارة انبعاثات غازات الدفيئة.

وتتويجاً لجهود الإمارات الهادفة إلى الإسهام بإيجابية في قضية تغير المناخ، والعمل على تحويل ‏التحديات في هذا القطاع إلى فرص، تضمن للأجيال المقبلة مستقبلاً أفضل، أعلنت عن مبادرتها الاستراتيجية لتحقيق الحياد المناخي بحلول 2050.

وتهدف المبادرة إلى مزج ‏مصادر الطاقة المتجددة والنووية والنظيفة، لضمان تحقيق التوازن بين الاحتياجات الاقتصادية والأهداف ‏البيئية باستثمارات تبلغ 600 مليار درهم حتى 2050.

وترنو المبادرة إلى رفع كفاءة الاستهلاك الفردي والمؤسسي بنسبة 40 بالمئة، ورفع مساهمة الطاقة النظيفة في إجمالي مزيج الطاقة المنتجة في الدولة إلى 50 بالمئة، ‏وتحقيق توفير يعادل 700 مليار درهم حتى عام 2050، إضافة إلى خفض الانبعاثات الكربونية من عملية ‏إنتاج الكهرباء بنسبة 70 بالمئة خلال العقود الثلاثة المقبلة.‏

وفي أكتوبر 2022، سلطت وزارة الطاقة والبنية التحتية الإماراتية، خلال فعاليات قمة رأس الخيمة للطاقة، الضوء ‏على إنجازات البلاد في مجال الطاقة النظيفة، وجهودها في استدامة البيئة ومواجهة ‏ظاهرة التغير المناخي، ومستهدفاتها المستقبلية التي تتماشى مع "مبادئ الخمسين".

ومبادئ الخمسين هي المبادئ العشرة لدولة الإمارات خلال الخمسين عاماً المقبلة، والتي تشكل مرجعاً لجميع مؤسساتها لتعزيز أركان الاتحاد وبناء اقتصاد مستدام، وتسخير جميع الموارد لمجتمع أكثر ازدهاراً.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية