تقرير أممي: جيش ميانمار يتبع سياسة "الأرض المحروقة"

تقرير أممي: جيش ميانمار يتبع سياسة "الأرض المحروقة"

حذر مكتب حقوق الإنسان من أن سياسة "الأرض المحروقة" التي يتبعها الجيش في ميانمار خلفت آلاف القتلى من المدنيين، فيما تأثرت 80 في المئة من البلدات بالقتال، بعد عامين على الانقلاب العسكري.

وأشار المكتب الأممي -بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة- إلى أن الجيش الذي يواجه ضغوطا شديدة على الأرض يلجأ إلى الغارات الجوية والهجمات باستخدام الأسلحة الثقيلة.

وكشف رئيس فريق مكتب حقوق الإنسان المعني بميانمار جيمس روديهافر، الجمعة، النقاب عن أحدث تقرير للمكتب حول الأزمة هناك: "لم تُهزم إرادة شعب ميانمار في معارضة هذا الانقلاب ومواصلة البحث عن حقوق الإنسان والمستقبل الديمقراطي على الرغم من كل التحديات التي يواجهها".

سيطرة التاتماداو

لقي حوالي 3000 مدني مصرعهم منذ الانقلاب الذي نفذه جيش ميانمار المعروف باسم "التاتماداو"، ويعتقد أن 30 في المئة منهم ماتوا بينما كانوا في الاحتجاز، وفقا لتقرير مكتب حقوق الإنسان.

تصاعدت أعمال العنف بشكل كبير خلال العام الماضي -لا سيما في شمال غرب وجنوب شرق ميانمار- ما ترك الجيش يقاتل على 14 جبهة مختلفة.

نداء مفوض حقوق الإنسان

ودعا مفوض حقوق الإنسان، فولكر تورك إلى اتخاذ "إجراءات عاجلة وملموسة" لإنهاء الأزمة، مؤيدا الدعوات إلى الوقف الفوري لأعمال العنف، والإفراج عن جميع المحتجزين تعسفيا، وتحقيق المساءلة، والسماح بوصول المساعدات الإنسانية بدون عوائق.

وأضاف قائلا: "شرع جنرالات الجيش في سياسة الأرض المحروقة في محاولة للقضاء على المعارضة، بعد عامين على الانقلاب العسكري، من المؤسف أن الجهود الإقليمية والعالمية من أجل السلام وضبط النفس لم تلقَ إلى حد كبير آذانا مصغية، هناك حاجة إلى اتخاذ إجراءات عاجلة وملموسة لإنهاء هذه الكارثة المتفاقمة".

الغارات الجوية تخلف حالة من الرعب

وتطرق تقرير مكتب حقوق الإنسان إلى الغارات الجوية الموثقة التي يشنها الجيش على المدنيين ومن بينها مقتل 6 أطفال على الأقل وإصابة 9 آخرين، في 16 سبتمبر 2022، نتيجة غارة جوية شنتها 4 مروحيات على مدرسة في قرية ليتيت كوني الواقعة في مقاطعة ساغاينغ.

وقالت المتحدثة باسم مفوضية حقوق الإنسان، رافينا شامداساني، للصحفيين في جنيف يوم الجمعة: "نزل حوالي 60 جنديا من طائرات الهليكوبتر على الأرض، هاجموا القرية، وأعدموا فنيا يعمل في مدرسة و5 قرويين قبل أن يعتقلوا الأطفال والمعلمين الجرحى".

وأضافت: وتسببت غارة جوية أخرى في 20 أكتوبر من العام الماضي، استهدفت مستشفى في قرية مان يو غيي، في مقاطعة ساغاينغ في مقتل امرأة وإصابة 5 نساء أخريات، وكان المستشفى قد تم افتتاحه قبل يوم واحد من وقوع الهجوم، وجميع العاملين فيه كانوا من المتطوعين، وفقا لتقرير مكتب حقوق الإنسان.

الموت بأربع وسائل

وأوضحت السيدة شامداساني أن الجيش يستخدم نهجا رباعيا مكونا من الغارات الجوية العشوائية والقصف المدفعي، وتدمير القرى وتهجير السكان المدنيين ومنع وصول المساعدات الإنسانية.

وأوضحت أن الهدف الاستراتيجي من هذا النهج هو منع الجماعات المسلحة المنظمة من غير الدول وغيرها من العناصر المسلحة المناهضة للجيش من الحصول على الغذاء والتمويل والاستخبارات والمجندين.

وقالت المتحدثة باسم المفوضية السامية لحقوق الإنسان: "أشارت تقارير الأمم المتحدة إلى أن ما يقرب من 39 ألف منزل في جميع أنحاء البلاد تم حرقها أو تدميرها في العمليات العسكرية منذ فبراير 2022، وهو ما يمثل زيادة بأكثر من 1000 ضعف مقارنة بـ2021".

وتتسق هذه الهجمات مع الطريقة التي ظل الجيش يتبعها على مدى عقود، بما في ذلك في كاشين عام 2011 وراخين في عام 2017.

كانت مقاطعة ساغاينج هي المنطقة الأكثر تضررا، حيث تضم أكثر من 25,500 منزل، تبين صور تم التقاطها بواسطة الأقمار الصناعية حرق قرية آه شي سي الواقعة في المقاطعة بأكملها مع تدمير 621 مبنى في حادثة وقعت في 1 مايو 2022.

وتفيد صور الأقمار الصناعية إلى جانب المقابلات التي تم إجراؤها بتدمير الجيش 458 منزلا وإلحاق أضرار بـ319 منزلا آخر في 8 قرى في سلسلة من الغارات والهجمات على بلدة تازي، في مقاطعة ساغاينج، خلال الفترة ما بين 16 و28 سبتمبر.

محنة المعتقلين السياسيين

كما أشار تقرير مكتب حقوق الإنسان إلى أن ما يقرب من 20 ألف سجين سياسي يقبعون حاليا في السجون في ميانمار، ولا يزال حوالي 16 ألفا رهن الاحتجاز دون معرفة مكان احتجازهم.

وقال رئيس فريق مكتب حقوق الإنسان المعني بميانمار جيمس روديهافر: "نعلم أن الكثير من هؤلاء الأشخاص تم اعتقالهم، ولكن ليست لدينا أي فكرة عن مكانهم، وهذا يشمل عائلاتهم، لسوء الحظ، لا يُسمح لأي شخص بالوصول إلى مراكز الاحتجاز، بما في ذلك العديد من المنظمات الإنسانية".

وأضاف قائلا: "ثمة روايات قاتمة للأشخاص الذين نتمكن من التواصل معهم، إما من تمكنوا من الاتصال بأقاربهم المحتجزين، أو أولئك الذين تم إطلاق سراحهم، سواء عن ظروف احتجازهم أو عن التعذيب".

تستند نتائج التقرير إلى أكثر من 96 مقابلة واجتماعا مع الضحايا والناجين، كما أنها مدعومة بصور الأقمار الصناعية، وملفات الوسائط المتعددة التي تم التحقق منها، ومعلومات مفتوحة المصدر ذات مصداقية بالإضافة إلى التعاون المنتظم وتبادل البيانات والمعلومات داخل منظومة الأمم المتحدة.

وتشهد أنحاء عدة من البلاد اشتباكات بين مقاتلي "قوات الدفاع الشعبي" المجهزين غالبا بأسلحة يدوية الصنع أو بدائية وقوات المجلس العسكري، فيما يشير محللون إلى أن الجيش يواجه صعوبات في التعامل مع تكتيكات المقاتلين.

وتدور اشتباكات مع مجموعات متمردة أكثر تنظيما متمركزة على طول الحدود مع تايلاند والصين.

وفر نحو مليون مسلم من الروهينغا من ميانمار ذات الأغلبية البوذية إلى مخيمات اللاجئين في بنغلاديش منذ أغسطس 2017، عندما أطلق جيش ميانمار عملية تطهير ردا على هجمات جماعة متمردة.

واتُهمت قوات الأمن في ميانمار بارتكاب عمليات اغتصاب جماعي وقتل وحرق آلاف المنازل.

بعد الانقلاب في الأول من فبراير 2021، أكد الجيش أنه سينظم انتخابات جديدة ويمكن أن تجرى في أغسطس 2023، لكن البلاد التي تعاني صراعا أهليا عنيفا، يجب أن تكون أولاً "في سلام واستقرار"، وفق رئيس المجلس العسكري.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية