السودان.. دعوة أممية لتنحية المصالح المتحيزة واحترام حقوق الإنسان

السودان.. دعوة أممية لتنحية المصالح المتحيزة واحترام حقوق الإنسان

حث المفوض السامي لحقوق الإنسان، فولكر تورك، السلطات في السودان على إصدار تعليمات واضحة لقوات الأمن، باحترام حقوق الإنسان والمعايير الدولية المتعلقة باستخدام القوة والأسلحة النارية.

وشدد “تورك” خلال فعالية أقيمت، الجمعة، في مجلس حقوق الإنسان بجنيف -وفق موقع أخبار الأمم المتحدة-  على حق الجميع في التجمع والتظاهر بشكل سلمي وعلى الالتزام الواقع على الدولة لضمان الاحترام الكامل لهذا الحق لجميع السودانيين.

وأشار المفوض السامي فولكر تورك، إلى مقتل متظاهر في السابعة عشرة من عمره بعد أن أطلق شرطي النار عليه في منطقة شرق النيل في الخرطوم، وقال إن الإجراء الفوري الذي اتخذته السلطات للتحقيق في الحادثة وإلقاء القبض على الشرطي المسؤول، خطوة مهمة.

ووفقا لمصادر طبية، يصل بذلك عدد الأشخاص الذين لقوا مصرعهم منذ بدء المظاهرات قبل 16 شهرا إلى 125، يمثل الأطفال تحت 18 عاما نحو 20% منهم.

وقال المفوض السامي إن أكثر من 9 آلاف شخص أصيبوا بجراح، نجمت عن الكثير منها آثار دائمة، بسبب الرصاص الحي والعيارات المطاطية وعبوات الغاز المسيل للدموع وغير ذلك من أسلحة أطلقتها قوات الأمن بشكل تعسفي.

الإفلات من العقاب

وقال فولكر تورك، إن الإفلات من العقاب ما زال يعد مسألة خطيرة، مبديا ترحيبه بتحقيق بعض التقدم من قبل اللجنة القضائية التي شُكلت للتحقيق في الانتهاكات الخطيرة لحقوق الإنسان وغير ذلك من إجراءات منذ الخامس والعشرين من أكتوبر عام 2021. 

وأشار إلى تشكيل عدد كبير من اللجان القضائية الأخرى للتحقيق في انتهاكات حقوق الإنسان.

وشدد على ضرورة إكمال عمل هذه اللجان والإعلان عن نتائجه، وقال إن التدابير الجادة للمساءلة والعدالة الانتقالية تعد أولوية لدى الضحايا، وشرطا مسبقا للاستقرار والتحول الديمقراطي.

وأعرب المفوض السامي لحقوق الإنسان عن القلق بشأن المقاومة التي تواجها المكاسب المهمة التي حققتها النساء السودانيات. 

وقال إن النساء كن على الخطوط الأمامية للمظاهرات السلمية وعمل المجتمع المدني، إلا أنهن يتحملن عبء التعرض لخطاب الكراهية والترهيب والتحرش سواء على الإنترنت أو خارجها. 

وحث السلطات على الالتزام بضمان الحقوق الكاملة للنساء والفتيات، بما في ذلك عدم التسامح مطلقا مع العنف الجنسي وكل أشكال التمييز.

اتفاق جوبا

وحول دارفور، أشار المفوض السامي إلى آثار التأخر في تطبيق اتفاق جوبا للسلام والخطة الوطنية لحماية المدنيين، مضيفا أن ملايين النازحين ما زالوا بعيدين عن بيوتهم وأراضيهم منذ عشرين عاما، ولكنهم يتمسكون بالأمل في أنهم سيتمكنون من العودة بأمان يوما ما.

وقال إن التطبيق الكامل للاتفاق والخطة أمر مهم للغاية لأهل دارفور الذين يحتاجون إلى الأمن والالتزام السياسي بحل الأسباب الكامنة للصراع. 

وأكد المفوض السامي أن مكتبه مستعد لتعزيز دعمه بهذا الشأن، بما في ذلك للإصلاحات القانونية والمؤسسية لتعزيز وحماية حقوق الإنسان، وتطوير عملية عدالة انتقالية تضع الضحايا في الجوهر.

وقال تورك إن ذكريات الديكتاتورية في السودان، الممتدة لثلاثين عاما، ما زالت حية في أذهان الناس العازمين على عدم الرجوع إلى الماضي.

وأضاف أن الفترات الانتقالية ليست سهلة، ولكنها توفر فرصا هائلة لتحقيق التقدم في جميع المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والسياسية والمدنية وأيضا في مجال التنمية المستدامة التي تعم بشكل منصف.

وشجع جميع الأطراف في السودان على تنحية المصالح الفردية والمتحيزة والعمل باتجاه مستقبل يحدده الصالح العام، وشدد على أن إعادة بناء الثقة بين السلطات والشعب السوداني، أمر حاسم لمستقبل السودان. 

وأكد أن وجود حكومة جديدة يقودها مدنيون سيحتاج إلى دعم دولي مستدام كي تتمكن من التعامل مع التحديات الهائلة التي تواجهها.

وأعرب عن تضامنه مع شعب السودان ومشاركتهم آمالهم ومطالبهم بشأن التغيير الحقيقي والسلام والديمقراطية والعدالة.

وكان السودان أول بلد يزوره المفوض السامي فولكر تورك، بعد تولي منصبه في أكتوبر عام 2022.

التمهيد لإنهاء الأزمة

ووقع الجيش السوداني والقادة المدنيون اتفاقا، مطلع ديسمبر الماضي، يمهد الطريق لتشكيل حكومة مدنية وإنهاء أزمة سياسية مصحوبة بأخرى اقتصادية، تعصفان بالبلاد منذ قرارات قائد الجيش عبدالفتاح البرهان، التي وصفها بتصحيح مسار الثورة والتي أطاح فيها بالشركاء المدنيين في السلطات الانتقالية التي شكلت عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير عام 2019.

ووقع الاتفاق، البرهان وقائد قوات الدعم السريع شبه العسكرية محمد حمدان دقلو والعديد من القادة المدنيين وخصوصا من قوى الحرية والتغيير، وهي الفصيل المدني الرئيسي الذي استُبعد منذ استئثار الجيش بالسلطة في 25 أكتوبر 2021.

وفي موازاة الاضطرابات السياسية والأمنية، تعمقت الأزمة الاقتصادية في السودان، أحد أفقر بلدان العالم، بعد أن علقت الدول الغربية المساعدات المالية التي تدفقت على هذا البلد عقب إطاحة البشير وتشكيل السلطات الانتقالية واشترطت عودة الحكم المدني لاستئنافها.

جاء الاتفاق بعد بضعة أشهر من إعلان البرهان أن الجيش سوف يبتعد عن السياسة ويترك المجال للاتفاق على حكومة مدنية.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية