في إطار الدورة الـ52 للمجلس الدولي لحقوق الإنسان

تقرير أممي يناقش تأثير عدم إعادة الأموال "غير المشروعة" على حقوق الإنسان

تقرير أممي يناقش تأثير عدم إعادة الأموال "غير المشروعة" على حقوق الإنسان

ناقش المجلس الدولي لحقوق الإنسان، تقريرا أمميا بشأن التأثير السلبي لعدم إعادة الأموال المتأتية من مصدر غير مشروع إلى بلدانها الأصلية في التمتع بحقوق الإنسان.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

ويشكل الفساد وما يرتبط به من تدفقات مالية غير مشروعة تحديًا كبيرًا يعيق العديد من المجتمعات، من خلال تآكل القاعدة الضريبية وتثبيط الاستثمار العام والخاص من مواردها الحيوية والنادرة الضرورية لتحقيق النمو الاقتصادي والتنمية المستدامة في جميع البلدان.

وأشار التقرير إلى أن تكديس الأصول المسروقة والتحويل غير المشروع للأموال إلى ولايات قضائية وبلدان أجنبية يقوضان التزامات الدول بتعبئة أقصى قدر من الموارد المتاحة من أجل الإعمال التدريجي لحقوق الإنسان.

وأوضح أن الدول الملزمة بضمان الإعادة السريعة للأموال المتأتية من مصدر غير مشروع إلى بلدانها الأصلية والمشاركة بنشاط في اعتماد التزامات متجددة وحاسمة واستباقية للتصدي لظاهرة التدفقات المالية غير المشروعة، بما في ذلك التجاوزات الضريبية وما يترتب عليها من تأثير سلبي في حقوق الإنسان.

وأصبح الحد من خسارة الإيرادات الحيوية بسبب التدفقات المالية غير المشروعة واسترداد تلك الموارد أمرا أكثر إلحاحا من أي وقت مضى، فقد أدت العواقب الاقتصادية والاجتماعية لجائحة مرض فيروس كورونا إلى انخفاض الاستثمار في الخدمات العامة في مجالات الصحة والتعليم والحماية الاجتماعية، ما دفع بأكثر من 77 مليون شخص إلى براثن الفقر المدقع بحلول عام 2021.

النزاهة المالية

ومن المتوقع أن تظل الديون السيادية العالمية مرتفعة إذ تبلغ 91 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي مع وجود 60 بالمئة من البلدان المنخفضة الدخل، إما في حالة مديونة حرجة أو تحت خطر التعرض لها إلى حد كبير.

ويقدر مركز الأبحاث بشأن النزاهة المالية العالمية أن البلدان النامية تخسر ما بين 620 و970 مليار دولار سنويا في التدفقات المالية غير المشروعة.

وبالنسبة للقارة الإفريقية وحدها هناك خسارة تقدر بنحو 89 مليار دولار بسبب قروض رؤوس الأموال غير المشروع سنويا، ومن أجل إيقاف هذه الأموال غير المشروعة وتعقبها والحد منها واستردادها تضطر الدول إلى صرف الموارد الشحيحة أصلا لهذا الغرض وهذه مسألة تعود إلى ما قبل زمن الجائحة.

وفي مارس 2021 اعتمد مجلس حقوق الإنسان قرارا طلب فيه من الخبيرة المستقلة المعنية بالديون الخارجية وحقوق الإنسان عطية واريس، إجراء دراسة جديدة بشأن مجموعة مقترحة غير ملزمة من المبادئ التوجيهية العملية لاسترداد الأصول بكفاءة، بهدف الحد من التحويل غير المشروع للأموال وتخفيف آثاره السلبية في التمتع بحقوق الإنسان.

ويقدم هذا التقرير مشاريع مبادئ توجيهية عملية وغير ملزمة بشأن حقوق الإنسان وإعادة أصول الدولة، وهو يركز على مسألة إعادة أصول الدولة من منظور حقوق الإنسان، وتتطلع إلى الخطوات المتعلقة بتطوير الروابط بين الاثنين.

أصول الدول

وعلى مدى عام 2022، سعت الخبيرة المستقلة إلى تحديد التزامات حقوق الإنسان المتصلة بإعادة أصول الدولة بمزيد من التفصيل، وأجرت سلسلة من المشاورات الثنائية وأطلقت دعوة مفتوحة لتقديم مساهمات من جميع أنحاء العالم.

واستعرضت أيضا مئات البيانات والتقارير الصادرة عن هيئات المعاهدات والمكلفين بالولايات في إطار الإجراءات الخاصة وهيئات حقوق الإنسان الأخرى التي تطبق أو لا تطبق معايير حقوق الإنسان على إعادة أصول الدولة.

 وخلصت الخبيرة المستقلة عطية واريس إلى أنه رغم تنوع المصادر فإن الآراء المعرب عنها بشأن العلاقة بين قانون حقوق الإنسان وإعادة أصول الدولة لم تبيّن إلا جزئيا، وتحدد جميع المصادر تقريبا التي استعرضت حقوق الإنسان التي ينتهك التمتع بها أو يكون مهدداً بسبب عدم إعادة وصول الدولة، إذ تتفق على أن الدول ملزمة بموجب قانون ومعايير حقوق الإنسان بأن توفر الحماية من هذا الضرر.

وتشمل التزامات الدول في هذا الصدد التزامات إجرائية مثل واجبات توفير المعلومات وتيسير المشاركة وتوفير سبل الانتصاف والتزامات موضوعية، بما في ذلك تنظيم المؤسسات المالية وأعمال ومهن غير مالية معينة والتزامات أكبر تتعلق بحماية حقوق الأشخاص الذين يعيشون في أوضاع ضعيفة بشكل خاص.

وأيضا عند التحضير لهذا التقرير شاركت الخبيرة المستقلة في فبراير 2022 في حلقة دراسية بشأن الأثر السلبي لعدم إعادة الأموال المتأتية من مصدر غير مشروع إلى بلدانها الأصلية في التمتع بحقوق الإنسان.

وفي هذا الإطار، لم تعتمد الخبيرة المستقلة في المقام الأول على حق واحد بل استندت إلى المبادئ الأساسية التي تقوم عليها حقوق الإنسان، وهي: التعاون والمساعدة الدوليان والمساواة وعدم التمييز والمشاركة وإمكانية الحصول على المعلومات.

ورغم الاعتراف بالحاجة لإعادة الأصول المسروقة ورغم اتخاذ المحاكم في العديد من البلدان إجراءات قانونية للقيام بذلك نادراً ما اعتمد نهج قائم على حقوق الإنسان في هذا الصدد في الاتفاقات الإقليمية وفي معظم الدساتير الوطنية.

صك قانوني

وقد صاغ مكتب الأمم المتحدة المعني بالمخدرات والجريمة قانوناً نموذجياً بشأن المصادرة العينية لدعم استرداد الأصول في أمريكا اللاتينية، وهذا القانون النموذجي صك قانوني يمكن للبلدان استخدامه لصيغة قوانين مدنية تنطلق بأثر رجعي على الأصول التي اكتسبت أو استخدمت بشكل غير مشروع.

ووفقا لدراسة استقصائية أجرتها مبادرة استرداد الموجودات المسروقة فإن بعض الحواجز التي تعترض استرداد الأصول على الصعيد الدولي هي عدم توافر آليات تجميد فعالة في الولايات القضائية التي توجد فيها الأصول، والاختلافات في متطلبات الإثبات ومعايير الإثبات بين النظم القانونية.

يأتي ذلك إضافة إلى ارتفاع تكلفة إدارة الأصول أثناء عملية الاسترداد، وعدم الوضوح في ما يتعلق بمسؤوليات مختلف الدوائر الحكومية المحلية، وعدم الوضوح فيما يتعلق بالقنوات الصحيحة لهذه الإجراءات، ونقص المعلومات عن جهات الاتصال في الولايات القضائية الأجنبية.

وتشمل أصول الدولة لأغراض هذه المبادئ التوجيهية أي شيء ذي قيمة سواء كان ماديا أم غير مادي، منقولاً أو غير منقول، ملموساً أم غير ملموس، والمستندات أو الصكوك القانونية التي تثبت ملكية هذه الأصول أو وجود حق فيها.

وينبغي للدول احترام حقوق الإنسان وحمايتها وإعمالها في الاجراءات التي تتخذها للتصدي للتحديات المالية والسعي إلى تحقيق التنمية المستدامة عن طريق ضمان ألا تسترشد مؤسسات الدولة فحسب، أيضاً جميع الجهات الفعالة والمؤسسات الخاصة العامة في مناطق عملياتها بمبادئ الشرعية المالية.

ويجب على الدول أن تحظر أي شكل من أشكال التمييز عند ضمان استخدام الموارد المالية من أجل إعمال حقوق الإنسان على نحو منصف فعال، إلى جانب التعاون على إنشاء أطر قانونية دولية فعالة والحفاظ عليها وإنفادها للحيلولة دون وقوع أضرار وطنية وعابرة للحدود وإعلامية متصلة بإعادة أصول الدولة تعرقل التمتع الكامل بحقوق الإنسان.

ويلزم على الدول أن تهيئ بيئة آمنة وتمكينية يمكن فيها للأفراد والجامعات وهيئات المجتمع التي تعمل بشأن حقوق الإنسان وأعمالها من الناحية المالية أن تشتغل دون تهديدات أو مضايقات أو تخويف أو عنف من أجل منع نقل أصول الدولة بصورة غير مشروعة والكشف عنها وإعادة تلك الأصول.

وينبغي للدول أن تحترم وتحمي الحق في حرية التعبير والحق في تكوين الجمعيات والحق في التجمع السلمي في ما يخص المسائل المتعلقة بالموارد المحلية وحماية أصول الدولة وإعادتها.

ويجب على الدول أن تعزز المشاركة الفعالة التي تشمل على سبيل المثال لا الحصر التثقيف وإذكاء الوعي العام بشأن أعمال حقوق الإنسان من الناحية المالية والحاجة إلى حماية أصول الدولة.

ويجب أيضا أن تتيح الدول للجمهور إمكانية الحصول على المعلومات المتعلقة بأصول الدولة دون عوائق عن طريق جمع المعلومات ونشرها وعن طريق توفير إمكانية الحصول على المعلومات بتكلفة ميسورة وبطريقة فعالة في الوقت المناسب.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية