المجلس الدولي لحقوق الإنسان يناقش التزام الدول بمسارات الحق في التنمية
ناقش المجلس الدولي لحقوق الإنسان، التزام الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بمسارات السياسة العامة لتفعيل الحق في التنمية بالعالم.
جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.
وبحث المجلس الدولي تقريرا بعنوان "بعد 35 عاماً: مسارات السياسة العامة لتفعيل الحق في التنمية"، وذلك بما يشمل إعمال خطة التنمية المستدامة لعام 2030، وأهداف التنمية المستدامة والانتعاش بعد الجائحة والتأكيد على التزام الدول بحقوق الإنسان في التنمية ومضاعفة الجهود لتفعيله على جميع المستويات.
واستعرض المشاركون التقدم المحرز والتحديات المتعلقة بتنفيذ الحق في التنمية من منظور السياسات، وتتشاطر الممارسات الجيدة والأفكار بشأن سبل المضي قدماً.
وركزوا على دور السياسات كأدوات أساسية للحكومة على جميع المستويات لتفعيل الحق في التنمية وإزالة العقبات التي تحول دون إعماله، بهدف تحقيق أهداف التنمية المستدامة، والمضي قدماً على خلفية التحديات والأزمات المترابطة والمتعددة.
استنتاجات وتوصيات
وتطرق التقرير الأممي إلى تحليل الآثار الإيجابية للسياسات على إعمال حق الأفراد والشعوب في التنمية من خلال تحديد بيانات وأمثلة ملموسة وأنماط واتجاهات.
ودعا إلى إذكاء الوعي بأهمية السياسات التي تنهض بحقوق الإنسان في تعزيز إعمال الحق في التنمية، وهو حق غير قابل للتجزئة ومترابط ومتشابك مع جميع حقوق الإنسان الأخرى.
وطالب بالنظر في سبل صياغة السياسات الرامية إلى إعمال الحق في التنمية بجميع الدول، لا سيما الفقراء والضعفاء، من خلال تفعيل واجب التعاون الدولي والتضامن العالمي والعمل الجماعي.
وحث على تعميم مراعاة الحق في التنمية بين وضع السياسات وتعزيز إدماجها في عمليات وضع السياسات على الصعُد الوطني والإقليمي والدولي.
وأشار إلى ضرورة سد الثغرات التي تشوب السياسات من خلال تطبيق إطار الحق في التنمية على النحو المنصوص عليه في الإعلان وغيره من الصكوك وقرارات ونتائج الحق في التنمية.
ودعا إلى ضرورة استخراج الدروس المستفادة والممارسات الجيدة وقصص النجاح المتعلقة بتفعيل الحق في التنمية وواجب التعاون من خلال وضع السياسات وتنفيذها.
كورونا وعدم المساواة
ركزت مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، على مركزية الحق في التنمية عند مواجهة التحديات العالمية الحالية متعددة الأوجه، إذ كشفت جائحة كورونا عن تفاقم عدم المساواة.
وحدت أعباء الديون التي لا يمكن تحملها من قدرة العديد من البلدان على توفير الحماية الاجتماعية، وأدت الحرب في أوكرانيا إلى تفاقم اضطراب سلاسل التوريد العالمية وزيادة التضخم وارتفاع أسعار الوقود والمواد الغذائية.
ووفقاً للبيانات الواردة من صندوق النقد والبنك الدوليين، فإن زيادة التضخم قد عمقت أوجه عدم المساواة داخل البلدان وفيما بينها، ولم تكن العودة إلى العمل متكافئة بين البلدان مرتفعة الدخل والبلدان المتوسطة.
واتسمت الزيادة في الفقر المدقع بعدم التوازن من حيث نوع الجنس والتوزيع الجغرافي، وقد قوض تلاقي الأزمات التقدم المحرز نحو إعمال خطة التنمية المستدامة لعام 2030 وأضر بالتعافي المستدام من الجائحة.
بدوره شدد الأمين العام للاتحاد البرلماني الدولي، على أن البرلمانات تستطيع أن تسهم إسهاماً كبيراً في إعمال الحق في التنمية من خلال الاعتماد على حقوق الإنسان لدعم تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030.
وأشار إلى جانبين حاسمين وهما ضمان تماشي جميع الجهود الإنمائية مع مبادئ حقوق الإنسان، والاستفادة من أوجه التآزر بين حقوق الإنسان وأهداف التنمية المستدامة.
وذكر المقرر الخاص المعني بالحق في التنمية، أن العالم يمر بلحظة حرجة، فأزمة المناخ العالمية وتزايد عدد الكوارث الطبيعية والجوائح العالمية الجديدة تعوق التنمية وتؤثر سلبا على حقوق الإنسان.
ولقد تسببت جائحة كورونا في حالة طوارئ صحية عامة عالمية غير مسبوقة، وفي أكبر أزمة اقتصادية منذ أكثر من قرن خاصة في الاقتصادات الناشئة، ما أفضى إلى زيادة كبيرة في أوجه عدم المساواة.
وينبغي أن تتقيد الطريقة التي يتم بها تناول الانتعاش الاقتصادي والتنمية والاستجابة لإعادة البناء على نحو أفضل بمبادئ الحق في التنمية.
استنتاجات وتوصيات
وقدم المشاركون في الجلسة النقاشية إسهامات حول معالجة التفاوتات القصوى والتزام الدولة بالعمل التعاوني، أولويتين علييين لإعمال الحق في التنمية.
وكان أكثر من تضرروا هم السكان المهمشون والمستضعفون، بمن في ذلك الأقليات العرقية والإثنية والشعوب الأصلية والمهاجرون والنساء والأشخاص ذوو الإعاقة والعمال ذوو الأجور المنخفضة.
وأكد المساهمون أن عدم المساواة شكل التحدي الأساسي، فهو ليس مشكلة تتعلق بالفقراء والضعفاء فحسب، بل بالنخب أيضاً، وقد أدت الجائحة إلى اتساع الفجوة بين من يعيشون في ثراء فاحش ومن يعيشون في فقر مدقع.
وأوضحوا أن أهمية الحق في التنمية تكمن في الإطار الدولي لحقوق الإنسان في كونه يرسل التزامات التعاون الدولي المتمثلة في اتخاذ إجراءات جماعية لمعالجة المشاكل التي لا يمكن حلها من خلال العمل الوطني وحده.
ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).
يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.