في إطار دورته الـ52

"مجلس حقوق الإنسان" يناقش الآثار الضارة لتغير المناخ على حقوق البشر

"مجلس حقوق الإنسان" يناقش الآثار الضارة لتغير المناخ على حقوق البشر

بحثت الأمم المتحدة، الآثار الضارة لتغير المناخ، على تمتع الأشخاص الذين يعيشون أوضاعاً هشة، تمتعاً كاملاً وفعالاً بحقوق الإنسان.

جاء ذلك في إطار انعقاد الدورة الـ52 لمجلس حقوق الإنسان الأممي بجنيف خلال الفترة من 27 فبراير حتى 4 إبريل 2023، للاستعراض الدوري الشامل، بهدف توفير مساعدة تقنية للدول، وتوطيد قدرتها على معالجة تحديات حقوق الإنسان لديها.

وعقد المجلس الدولي لحقوق الإنسان، حلقة نقاشية بشأن الآثار الضارة لتغير المناخ على تمتع الأشخاص الذين يعيشون أوضاعًا هشة بحقوق الإنسان.

وأتاحت الحلقة النقاشية فرصة للدول والمنظمات الدولية لمناقشة الآثار الضارة لظاهرة المناخ على تمتع الأشخاص الذين يعيشون أوضاعاً هشة تمتعًا كاملًا وفعالًا بحقوق الإنسان، فضلًا عن تناول أفضل الممارسات والدروس المستفادة في مجال تعزيز وحماية حقوق هؤلاء الأشخاص.

وأتاحت للأشخاص ذوي الإعاقة إمكانية المشاركة في حلقة النقاش من خلال توفير الترجمة الفورية بلغة الإشارة الدولية وتقنية العرض النصي الفوري.

بيئة آمنة ونظيفة

لدى افتتاح المناقشة، ذكرت المفوضة السامية لحقوق الإنسان، أن المناخ الآمن والمستقر يشكل جزءًا لا يتجزأ من الحق في بيئة صحية، وأن مجلس حقوق الإنسان قد اعترف بالحق في بيئة آمنة ونظيفة وصحية ومستدامة.

وأشارت إلى أن الأمين العام للأمم المتحدة دعا جميع الدول إلى تبني الحق في بيئة صحية واتخاذ إجراءات فورية وطموحة لمعالجة أزمة المناخ.

ويؤثر تغير المناخ على حقوق الإنسان للجميع في العالم، إذ قدرت الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ أن ما لا يقل عن 33 مليون شخص معرضون بشدة لآثاره.

وقد وصف الأمين العام هذه الحقيقة بأنها أزمة عدالة، حيث يكون الأشخاص الذين يعيشون أوضاعا هشة أكثر عرضة للمعاناة من هذه الآثار السلبية.

وذكرت المفوضة السامية أن الأشخاص المهمشين أو الضعفاء أكثر عرضة للأثر السلبي لتغير المناخ بسبب البنى الاجتماعية والاقتصادية المقترنة بأشكال متعددة من التمييز، ويشمل ذلك الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية والريفية والفلاحين والمهاجرين والأطفال والنساء والأشخاص ذوي الهمم.

ويقوض تغير المناخ الأمن الغذائي وسبل العيش التقليدية والممارسات الثقافية للعديد من الشعوب الأصلية وحقها في تقرير المصير، وهذا الخطر أكبر بالنسبة لأولئك الذين لديهم حقوق ملكية غير آمنة في الأراضي والموارد.

وفي المجتمعات الريفية يمكن أن يحد تغير المناخ من الوصول إلى الغذاء، إضافة إلى تأثير مدمر على المجتمعات المحلية والفلاحين، خاصة النساء والأطفال في المناطق الريفية، لكونهم الأكثر عرضة للفقر أو سوء التغذية.

وأشارت المفوضة السامية إلى توقعات مفادها أن يؤدي تغير المناخ إلى زيادة تواتر وشدة وحدة الجفاف، الذي أضر في الفترة من 2009 إلى 2019 بأكثر من 100 مليون شخص، ما أثر بشدة على حقهم في الحياة وسبل العيش والأمن الغذائي.

وتتأثر المرأة بالجفاف وتدهور الأراضي وإزالة الغابات أكثر من الرجل بمرتين، ويتفاقم هذا الأثر في حالة عدم تكافؤ الفرص ومحدودية فرص المرأة في الوصول إلى الأراضي أو امتلاكها.

وأشارت أيضاً إلى أن اشتداد الفيضانات والأعاصير المدارية والأعاصير الحلزونية والزوابع الهوجاء تضرب المنازل والمجتمعات المحلية في الدول الجزرية الصغيرة النامية.

ويؤدي ارتفاع مستوى سطح البحر إلى غرق المناطق الساحلية وتلوث المياه الجوفية التي يحتاجها الناس للبقاء على قيد الحياة، ما يهدد وجود بعض الدول، وتمثل أقل البلدان نمواً والدول الجزرية الصغيرة النامية نحو 2 بالمئة من الانبعاثات العالمية في حين أن أعضاء مجموعة العشرين مسؤولون عن 80% في العالم.

تخفيضات عاجلة

وخلال الجلسة النقاشية، ذكرت دعوة الأمين العام للأمم المتحدة إلى تخفيض عاجل للانبعاثات الضارة وتعزيز تدابير التكيف للحد من أثر تغير المناخ على الأشخاص الذين يعيشون أوضاعاً هشة وبناء القدرة على الصمود.

ودعا المجلس الأممي لحقوق الإنسان، جميع الدول إلى تعزيز التعاون والمساعدة الدوليين، لا سيما في مجال التمويل لمساعدة البلدان النامية المعرضة بصفة خاصة لتغير المناخ.

وبالنسبة للبلدان الأكثر عرضة للتأثر، يمثل التمويل المناخي بتدابير كافية أمراً أساسياً لبناء القدرة على الصمود والقدرة على التكيف.

وينطوي النهج القائم على حقوق الإنسان في التمويل المناخي على ضمان أن يكون هذا التمويل متاحاً لمن هم في أمس الحاجة إليه، وتخصيص 50 بالمئة من إجمالي التمويل المناخي للتكيف وإتاحته في شكل منح وليس في شكل قروض.

واستعرضت الجلسة مقطعا مصورا لشهادات حول التأثير السلبي لتغير المناخ على حقوق الإنسان، إذ سلط 7 نشطاء مناخيين من جميع أنحاء العالم الضوء على كيفية تأثرهم، هم ومجتمعاتهم، بتغير المناخ.

ورأت إحدى المشاركات تعيش في مجتمع ساحلي في شرق السمار في الفلبين، أن مجتمعها معرض لخطر الانجراف بسبب الأعاصير المدارية وارتفاع مستوى سطح البحر، وحرمان السكان من حقوقهم الإنسانية الأساسية، داعية بلدان العالم الأول إلى زيادة التمويل لتغطية الخسائر والأضرار.

وشهدت مواطنة من إكوادور كيف تذوب الأنهار الجليدية في جبال الإنديز، ما يعرض إمدادات مياه الشرب لمزيد من الخطر في المستقبل، مطالبة بضرورة اعتراف بلدان الشمال الصناعية بالدين البيئي تجاه بلدان الجنوب.

وأشار مواطن من جنوب إفريقيا إلى أن تغير المناخ أدى إلى الجفاف وفقدان الحيوانات في المنطقة، مؤكدا أن بعض المزارعين توقفوا عن الزراعة لأن الأرض جافة للغاية، ودعا قادة العالم إلى احترام التزاماتهم المناخية.

استنتاجات وتوصيات

في سياق تغير المناخ، أشار المقرر الخاص المعني بتعزيز وحماية حقوق الإنسان، إلى أنه في عام 2018 نزح حوالي 19.2 مليون شخص، نتيجة الكوارث المرتبطة بالمخاطر الطبيعية ومعظمها مرتبط بالطقس والمناخ.

وأشار إلى أن عدد حالات تشرد البشر الناجم عن تغير المناخ آخذ في الازدياد، وأن عدد الأشخاص الذين نزحوا بسبب تغير المناخ يفوق عدد النازحين بسبب النزاعات المسلحة، رغم الارتباط بين تغير المناخ والنزاعات المسلحة في كثير من الأحيان.

وشدد على أنه مع تسارع أزمة المناخ لوحظت آثارها على عدد كبير من الحقوق، فقد أصابت بشكل غير متناسب سكان بلدان الجنوب، لا سيما أولئك الذين يعيشون أوضاعاً هشة.

ويتضح من تقرير التحقيق التاريخي الذي أجرته لجنة حقوق الإنسان في الفلبين عن أثر تغير المناخ على حقوق الإنسان في البلد، ومسؤوليات الشركات صاحبة بصمة الكربون الكبيرة وهي أكبر شركات إنتاج النفط الخام في العالم والغاز الطبيعي والفحم والإسمنت.

ووجدت اللجنة أن شعب الفلبين قد تأثر بشكل غير متناسب بأزمة المناخ، وأن العبء يقع بشكل كبير على النساء والفتيات والأطفال ومجتمعات السكان الأصليين أولئك الذين يعانون الفقر وعلى المثليات والمثليين مزدوجي الميل الجنسي ومغيري الهوية الجنسانية وأحرار الهوية الجنسانية، وحاملي صفات الجنسين، وتتطلب حماية حقوق الإنسان للأشخاص الذين يعيشون أوضاعاً هشة اتخاذ إجراءات عاجلة للحد من الاحترار إلى أقصى حد ممكن.

وأشار المتحدثون إلى أن الأشخاص الذين يعيشون أوضاعًا هشة، وكثير منهم تأثروا بشكل غير متناسب بتغير المناخ، يشملون الشعوب الأصلية والمجتمعات المحلية والريفية والفلاحين والمهاجرين والأطفال والنساء وكبار السن والأشخاص ذوي الإعاقة والمدافعين عن حقوق الإنسان البيئية.

وقدمت خلال المناقشة شهادات وأفكار مقنعة من ممثلي الدول وأصحاب المصلحة الآخرين، حول عواقب عدم كفاية العمل المناخي، ووجه المتكلمون الانتباه إلى الكيفية التي أدت بها الكوارث المناخية وغيرها من الآثار الضارة لتغير المناخ إلى تعميق التفاوتات الاجتماعية القائمة.

وسلطوا الضوء على الحاجة إلى الاعتراف بالتقاطع بين الظلم العنصري والبيئي والمناخي، مشددين على أن عوامل الخطر المتقاطعة تشكل مصدر قلق خاصا، ويمثل تطبيق منظور متعدد الجوانب أمراً أساسياً لمعالجة أثر تغير المناخ الذي عانى منه ملايين الأشخاص.

ويعقد مجلس حقوق الإنسان (تأسس عام 2006) ما لا يقل عن 3 دورات عادية في العام، لفترات مجموعها 10 أسابيع على الأقل، وهي تُعقد في أشهر مارس (لمدة 4 أسابيع) ويونيو (لمدة 3 أسابيع)، وسبتمبر (لمدة 3 أسابيع).

يجوز لمجلس حقوق الإنسان -إذا طلب ثلث الدول الأعضاء (عددها 47)- أن يقرر في أي وقت عقد دورة استثنائية لتناول انتهاكات وطوارئ حقوق الإنسان.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية