إجلاء آلاف المدنيين بعد تدمير جزئي لسد كاخوفكا ومخاوف من كارثة بيئية
إجلاء آلاف المدنيين بعد تدمير جزئي لسد كاخوفكا ومخاوف من كارثة بيئية
تواصلت عمليات إجلاء المدنيين من مناطق اجتاحتها المياه في جنوب أوكرانيا بعد تدمير سد كاخوفكا جزئيا وسط مخاوف من كارثة إنسانية وبيئة تتبادل كييف وموسكو الاتهامات بالتسبب بها.
ويتقاذف المعسكران المسؤولية عن تدمير السد، حيث اتّهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بتلغيمه وتفجيره، لقطع الطريق على هجوم مضاد في هذه المنطقة الجنوبية تتهيّأ له القوات الأوكرانية منذ زمن.
والأربعاء، شدّد زيلينسكي خلال محادثة هاتفية مع نظيره الفرنسي إيمانويل ماكرون على أن تفجير السد "عمل إرهابي"، وفق وكالة فرانس برس.
ولاحقا أسف زيلينسكي في مقابلة أجرتها معه محطة "فيلت تي في" وصحيفة "بيلد" لـ"عدم وجود الأمم المتحدة وممثلي الصليب الأحمر في المكان"، وقال: "مرت كل هذه الساعات ولم يأتوا بعد"، معربا عن "صدمته" إزاء هذا الأمر.
في مدينة خيرسون الواقعة على بعد 70 كيلومترا في اتجاه مجرى النهر من سد كاخوفكا، لا تزال عمليات الإجلاء جارية الأربعاء تحت ضغط المياه من النهر القريب.
تغطي المياه شوارع وسط المدينة بارتفاع تخطى المتر، فيما ارتفع منسوب المياه عند ضفاف نهر دنيبر بنحو خمسة أمتار.
يأسف دميتري ميلنيكوف (46 عاما) وهو أب لخمسة أولاد لأن "المياه غمرت كل شيء"، مضيفا: "نحن هنا منذ بداية الحرب، نجونا من الاحتلال، لكن الآن لم يعد لدينا منزل، لم يعد لدينا أي شيء".
في تشورنوبايفكا الواقعة في الضواحي الغربية لخيرسون، وهي الأبعد عن دنيبر، تشكّل نهر من جراء ارتفاع منسوب المياه بعرض يبلغ مئات الأمتار.
وقالت المسؤولة في مركز الأرصاد الجوية لورا موسيان في تصريح لوكالة فرانس برس: "منسوب المياه يرتفع بمقدار سنتيمترين كل نصف ساعة".
وقالت تاتيانا يوينكو: "لا أذكر أن هذا النهر كان بهذا الحجم منذ طفولتي.. أخشى أن تغمرنا المياه جميعا".
وتم إجلاء نحو ستة آلاف شخص من المناطق التي شهدت فيضانات، وفق بيانات للسلطات الروسية والأوكرانية. في الجانب الروسي تم إجلاء نحو أربعة آلاف شخص، فيما تم إجلاء نحو ألفين في الجانب الأوكراني.
بحسب وزارة الداخلية الأوكرانية شهدت 29 منطقة فيضانات، بينها عشر تحت سيطرة روسيا.
إجلاء آلاف المدنيين
يتعيّن على السلطات الأوكرانية إجلاء "أكثر من 17 ألف" مدني، بحسب ما أعلن الثلاثاء المدعي العام أندري كوستين.
في الجانب الروسي، أجلت السلطات "أكثر من أربعة آلاف شخص"، وأعلنت حالة الطوارئ في الجزء الذي تسيطر عليها من منطقة خيرسون.
وأدان الرئيس الفرنسي في اتصال هاتفي مع زيلينسكي ما وصفه بأنه "عمل شنيع يعرض السكان للخطر".
وأعلن ماكرون الأربعاء عن إرسال "مساعدة لتلبية الحاجات العاجلة" لأوكرانيا "خلال الساعات القليلة المقبلة" بعد تدمير سد كاخوفكا لتوليد الطاقة في جنوب البلاد.
من جهته، أعلن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ أن اجتماعا لتنسيق عمليات الإغاثة سيعقد الخميس عبر الفيديو مع وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا، بعد "التدمير الشائن" لسد كاخوفكا.
وقال وزير الخارجية البريطاني جيمس كليفرلي إن لندن بانتظار "كل العناصر المتاحة"، فيما شدد البيت الأبيض على الخشية من أن يؤدي تدمير السد إلى سقوط "العديد من القتلى".
وعبرت الصين الشريك الرئيسي لروسيا الأربعاء عن "قلقها العميق" بشأن "التأثير البشري والاقتصادي والبيئي".
خلال اتصال مع نظيره التركي، قال زيلينسكي الأربعاء إنه تطرّق إلى "العواقب الإنسانية والبيئية" لتدمير السد.
من جهته أكّد بوتين لأردوغان تنديده بـ"كارثة بيئية وإنسانية واسعة النطاق" في أوكرانيا بعد "عمل همجي" اتّهم كييف بارتكابه.
تضرر خط للأنابيب
أعرب زيلينسكي عن خشيته من حدوث "أضرار بيئية جسيمة" لا سيما أن "آلاف الحيوانات محاصرة في الفيضانات".
وقالت كييف إن أكثر من 150 طنا من زيت المحركات تسربت في النهر وستسبب أضرارا في آلاف الهكتارات من الأراضي الصالحة للزراعة.
وقالت وزارة الزراعة الأوكرانية إنها سجلت نفوق أسماك في المنطقة، وتوقعت أيضًا نقصًا في المياه لري المحاصيل مع نضوب خزان كاخوفكا.
أثار تدمير هذا السد المبني في الخمسينيات مخاوف جديدة بشأن محطة زابوريجيا للطاقة النووية الخاضعة للسيطرة الروسية التي تقع على بعد 150 كيلومترا ويتم تبريدها بمياه من السد.
لكن الوكالة الدولية للطاقة الذرية قالت إنه لا يوجد "خطر نووي مباشر".
أما الانفجار الذي دمر، بحسب موسكو، خط أنابيب الأمونيا مساء الاثنين قرب قرية ماسيوتوفكا الصغيرة التي تسيطر عليها القوات الروسية في منطقة خاركيف (شمال شرق)، فقد أصاب بنية تحتية "ضرورية لضمان الأمن الغذائي في العالم"، وفق ما قالت المتحدثة باسم وزيرة الخارجية الروسية ماريا زاخاروفا الأربعاء.
يربط خط الأنابيب مدينة تولياتي الروسية على ضفاف نهر الفولغا بمدينة أوديسا الأوكرانية على البحر الأسود، وكان يتيح لروسيا تصدير أكثر من 2,5 مليون طن من الأمونيا -وهي مكون رئيسي للأسمدة المعدنية- في اتجاه الاتحاد الأوروبي خصوصا.
وأصاب الهجوم بحسب بيان أصدرته الخارجية الروسية الأربعاء منشأة "أساسية للأمن الغذائي في العالم"، فيما كان الحاكم الإقليمي الأوكراني أوليغ سينيغوبوف قد اتّهم الثلاثاء الجيش الروسي بقصف المنشأة.
تم تعليق نشاط الخط مع بدء الغزو الروسي في فبراير 2022 وتطالب موسكو باستئنافه.
على خط الجبهة، أعلنت أوكرانيا تحقيق مزيد من التقدّم الميداني قرب مدينة باخموت الواقعة في الشرق، وبحسب نائبة وزير الدفاع غانا ماليار فقد تقدّمت قوات كييف "ما بين مئتي متر و1,1 كلم".