بعد تصنيفها جماعة إرهابية.. «ميليشيات الحوثي» عقودٌ من القتل والدمار في اليمن

بعد تصنيفها جماعة إرهابية.. «ميليشيات الحوثي» عقودٌ من القتل والدمار في اليمن

بعد نحو 9 سنوات عاثت خلالها ميليشيات الحوثي خراباً ودماراً في اليمن جاء اعتماد مجلس الأمن الدولي، الاثنين، قرارا يصنف الجماعة بـ"الإرهابية" ليثلج صدور الكثيرين، ويرسم شكل المعاملات الدولية للجماعة التي سعت لاحتلال بلد كان يوصف سابقا بـ"السعيد".

ويدرج القرار، الذي حمل رقم 2624 لسنة 2022، الحوثيين ككيان على قائمة عقوبات اليمن في ظل حظر السلاح، بالإضافة إلى إدانة هجمات الجماعة عبر الحدود على المدنيين والبنية التحتية المدنية في السعودية والإمارات العربية، ويطالب الجماعة بالوقف الفوري للأعمال العدائية، بحسب موقع أخبار الأمم المتحدة.

وحظي القرار بتأييد 11 دولة، بما فيها جميع الدول دائمة العضوية، فيما امتنعت أربع دول عن التصويت على القرار، وهي أيرلندا والمكسيك والنرويج والبرازيل.

 

ترحيب عربي

ومن جانبها، رحبت المملكة العربية السعودية، بقرار مجلس الأمن الدولي بتصنيف الحوثيين جماعة إرهابية، بالإضافة إلى توسيع الحظر على إيصال الأسلحة لليمن، ليشمل جميع أفراد الجماعة بعد أن كان حظر إيصال الأسلحة مقتصراً في السابق على أفراد وشركات محددة.

وجددت وزارة الخارجية السعودية، تأكيدها دعم الجهود المبذولة للوصول إلى حلٍ سياسي شامل للأزمة في اليمن، بما في ذلك جهود المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن، استناداً إلى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني الشامل وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها القرار 2216.

ومن جانبها أعلنت الإمارات العربية المتحدة، ترحيبها باعتماد مجلس الأمن، قراراً بتجديد نظام العقوبات على اليمن، وتصنيف الحوثيين "جماعة إرهابية" للمرة الأولى، وإدراج الجماعة في قائمة عقوبات اليمن، وفرض حظر الأسلحة عليها.

وجددت مساعدة وزير الخارجية والتعاون الدولي للشؤون السياسية المندوبة الدائمة للإمارات العربية المتحدة لدى الأمم المتحدة، السفيرة لانا نسيبة، مطالب دولة الإمارات بوقف أعمال ميليشيات الحوثي الإرهابية وهجماتهم الساحلية، والعودة إلى طاولة المفاوضات لبدء عملية سياسية بشكل جاد.

 

 من هم الحوثيون؟

جماعة الحوثيين الإرهابية هي جماعة دينية تقوم علی ولاية الإمام وتتبع الطريقة الاثني عشرية، علی غرار النموذج الإيراني، وقد تولى بدر الدين الحوثي قيادة الحركة بعد مقتل زعيمها نجله حسين الحوثي، في عام 2004، إثر مواجهات مع قوات الحكومة اليمنية، رفعت فيها الجماعة السلاح في وجه الدولة.

وتتهم الحكومة اليمنية الشرعية، الحوثيين بتلقي الدعم من إيران ومشاركة "حزب الله" اللبناني في مشروع إقامة "الهلال الشيعي" في المنطقة، فضلا عن "نهب عتاد الجيش"، والاحتياطي النقدي والخزينة العامة، ووضع الملايين دون خط الفقر والمجاعة.

 

بداية الخلافات

عاش الحوثيون في الجزء الشمالي من البلاد، قبل أن ينقلبوا على الشرعية في اليمن عام 2014 ويعلنوا سيطرتهم على حكم اليمن بقوة السلاح، بعد وضع الرئيس قيد الإقامة الجبرية وإقالة الحكومة وتجميد عمل البرلمان.

ويعود توتر العلاقات بين الجماعة واليمن إلى تسعينيات القرن الماضي، عندما منعت الدولة الجماعة من التغلغل في المساجد، ومحاولة نشر المذهب الزيدي، ودعوة اليمنيين لترديد شعار الحركة في المساجد.

وظهرت جماعة الحوثيين في البداية كجماعة دعوية قبل أن تتحول إلى حركة لها مطالب اجتماعية وسياسية.. وفي عام 2004 تحولت الجماعة إلى تنظيم مسلح في غمرة المواجهات مع القوات الحكومية، وهو العام الذي قتل فيه حسين الحوثي، ليخلفه شقيقه الأصغر عبدالملك في القيادة.

خاضت الحركة صراعا مسلحا مع حكومة الرئيس اليمني الراحل علي عبدالله صالح، ما بين عامي 2004 و2010، وفي عام 2011، شارك الحوثيون بكثافة في المظاهرات المناهضة لحكم علي صالح، وكانوا طرفا أساسيا في جلسات الحوار الوطني، ومثّل سقوط حكم صالح فرصة ثمينة للميليشيات لتعزيز موقعهم ونفوذهم في اليمن.

 

تاريخ من الدم

في عام 2014 زحفت ميليشات الحوثي المدعومة من إيران على العاصمة صنعاء واحتلوها وحولوا مدنها منذ ذلك الوقت إلى حمام دم، عن طريق القصف الوحشي للأحياء السكنية بالصواريخ الباليستية، وزجّ عشرات الآلاف من عناصرها والأطفال في محارق الحرب، فضلًا عن أعمال قرصنة متصاعدة في البحر الأحمر؛ ليدفع اليمنيون ضريبة باهظة للانقلاب الحوثي، تمثلت في مقتل أكثر من 40 ألفًا وإصابة عشرات الآلاف في هجمات عسكرية مباشرة. بحسب تقارير حقوقية.

 

انتهاكات حقوقية

وارتكبت جماعة الحوثي أكثر من 95 ألف جريمة وحالة انتهاك بحق سكان العاصمة اليمنية صنعاء منذ الاستيلاء عليها قبل ثماني سنوات ومنذ بدء الحرب المشتعلة في البلاد بين قوات الشرعية اليمنية المدعومة من التحالف العربي بقيادة السعودية من جهة، والميليشيات المدعومة من إيران من جهة أخرى، بحسب تقرير حقوقي.

ووفق تقرير أعدّه فريق الرصد بمكتب حقوق الإنسان بأمانة العاصمة صنعاء، تم رصد وقائع انتهاك ارتكبتها المليشيات ضد المدنيين في 18 محافظة يمنية خلال 2021، طالت 21 حقاً من حقوق الإنسان الأساسية.

وتنوعت تلك الجرائم بين القتل والتعذيب والاختطاف، والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري، وزرع الألغام بأنواعها المختلفة البرية والبحرية.

وجاءت محافظة تعز في المقدمة من حيث الانتهاكات، تليها شبوة، وصنعاء، ومأرب، والحديدة، وإب، وعدن، وصعدة؛ معقل الإرهابيين الحوثيين.

وبلغت "حالات القتل خارج نطاق القانون (823) حالة، فيما بلغت حالات الوفاة تحت التعذيب (82) حالة، فيما بلغت حالات الإصابات إلى (752) حالة إصابة متنوعة.. وبلغت حالات الاختطافات (3352) حالة اختطاف واعتقال".

ووثق التقرير 1401 حالة اختفاء قسري، و677 حالة ممن فرضت عليهم الإقامة الجبرية من قبل الميليشيات الحوثية، و1486 حالة ممن تعرضوا للتعذيب في سجون الميليشيات، و2300 حالة اعتداء جسدي، فيما استمرت الميليشيات في المحاكمات السياسية العبثية للمعارضين والناشطين، والتي وصلت إلى 805 محاكمات سياسية.

وتحدث التقرير عن 1811 حالة نهب للمساعدات، و287 حالة اعتداء على طواقم إغاثة. 

وجاء إجبار النساء على النزوح وانتهاك حقوقهن، ضمن الفقرات التي تضمنها التقرير، إذ بلغت تلك الحالات نحو 1557 حالة انتهاك.

وتصدر انتهاك حق السلامة الجسدية القائمة بنحو 1938 حالة؛ من بينها 983 جريمة اعتداء جسدي و442 حالة اعتقال وإخفاء قسري واحتجاز تعسفي، فضلًا عن 153 جريمة تعذيب و17 حادثة اختطاف.

وجاء في المرتبة الثانية من الجرائم الحوثية ضد المدنيين باليمن، انتهاك الحق في الحياة؛ ومنه القتل خارج إطار القانون بنحو 998 جريمة، حيث توزعت ما بين 765 انتهاكًا للحق في الملكية، وانتهاك الحق في السكن بواقع 521 حالة ضد المدنيين، فضلًا عن انتهاك حرية التنقل والسفر بواقع 229 حالة، والحق في العمل (184 واقعة انتهاك)، وجريمة انتهاك الحق في المحاكمة العادلة بـ66 واقعة.

وفيما ارتكبت المليشيات 69 جريمة ضد حرية الرأي والتعبير، و63 خاصة بحرية التجمع، بلغ انتهاك الحق في حرية الدين نحو 39 حالة، و16 جريمة اعتداء جنسي، وكان العقاب الجماعي ضد المدنيين 12 جريمة.

 

ضحايا الألغام

وبحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايس ووتش" تسببت الألغام الأرضية والذخائر غير المنفجرة التي زرعها الحوثيون في اليمن في وقوع نحو 9 آلاف ضحية في صفوف المدنيين منذ بداية النزاع و284 ضحية في 2020 وحده، من بينهم 55 طفلاً، حيث استخدم الحوثي الألغام الأرضية المضادة للأفراد في انتهاك لـ«اتفاقية حظر الألغام» لعام 1997، وهو ما يرقى إلى جرائم الحرب.

وبحسب التقرير، واصلت الميليشيات اضطهاد الأقلية الدينية البهائية، حيث احتجزت ما لا يقل عن ألف امرأة بين 2017 و2020، كما اعتقلت صحفيين وأفراداً يمارسون حقهم في التعبير، كما فرضت قيوداً على المنظمات الإنسانية والعاملين في المجال الإنساني ووصول المساعدات الإنسانية.. وأفاد مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية أن النساء اليمنيات يواجهن قيوداً على الحركة في الحديدة وحجة، الخاضعتين لسيطرة الحوثيين.

ووفق تقرير لصندوق الأمم المحددة للسكان، عانت خمسة ملايين امرأة يمنية وفتاة مراهقة في سن الإنجاب من غياب خدمات الصحة الإنجابية بشكل كبير في ظل وجود ميليشيات الحوثي، فيما تموت امرأة واحدة في اليمن كل ساعتين أثناء الولادة.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية