خطاب الكراهية يصنع الجحيم.. "المهاجرون" في مرمى النيران

خطاب الكراهية يصنع الجحيم.. "المهاجرون" في مرمى النيران

الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان تناولت مشكلة الخطاب السياسي التحريضي ضد المهاجرين

حقوقي تونسي: التحريض على المهاجرين جريمة ضد الإنسانية وعلى الحكومات تبني سياسات شفافة وغير تمييزية

خبير في علم النفس: الكراهية ضد المهاجرين مرض نفسي واجتماعي يؤثر سلباً على تماسك المجتمعات

 

في قاعات الأمم المتحدة بجنيف، حيث تتلاقى آمال البشرية في البحث عن العدالة والسلام، انعقدت الدورة الـ56 لمجلس حقوق الإنسان وحيث تتشابك الأصوات والهموم، تركزت المناقشات على القضايا الحقوقية الملحة التي تؤثر على حياتنا جميعًا.

من بين هذه القضايا المُلِّحة، تبرز بوضوح مشكلة الخطاب السياسي التحريضي ضد المهاجرين.

تقرير المقرر الخاص المعني بحقوق الإنسان للمهاجرين، جهاد ماضي، ليس مجرد وثيقة رسمية، بل هو صرخة تنبيه وإيقاظ لضمير العالم، يكشف فيه عن تزايد الكراهية والتحريض ضد المهاجرين، وكيف تتغلغل هذه النزعات السلبية في الخطابات السياسية، مؤثرة بعمق على النسيج الإنساني العالمي.

التقرير يسلط الضوء على التحديات العميقة والمتزايدة التي تواجه المهاجرين في ظل تصاعد الخطاب التحريضي والعدائي تجاههم، تتجلى في هذا الخطاب السياسي التحريضي معاناة تاريخية متجددة، إذ إن العداء للمهاجرين ليس ظاهرة جديدة. 

على مر التاريخ، كان المهاجرون هدفاً للخوف والتحريض، حيث يُستخدمون كبش فداء في الأوقات الصعبة اقتصاديًا واجتماعيًا منذ العصور القديمة، اعتبرت الجماعات المستقرة المهاجرين تهديدًا لثقافتها واقتصادها. 

في العصر الحديث، وعلى الرغم من التطور الحقوقي والتشريعي، لا تزال هذه العقلية قائمة بل وتعززها الأزمات الاقتصادية والسياسية. 

التقرير الذي قدمه جهاد ماضي يُحذر من أن الخطاب السياسي حول الهجرة قد انحرف نحو منحى سلبي وتحريضي بشكل متزايد، بلغ هذا المنحى ذروته في تبني سياسات هجرة تنطلق من عقلية تثير الخوف والكراهية، متجاهلة الفوائد الاقتصادية والاجتماعية التي يجلبها المهاجرون. 

ويعزو التقرير هذا التحول إلى تصاعد المعلومات المضللة والمغلوطة، التي تنشرها غالبًا مجموعات منسقة بهدف تشويه صورة المهاجرين، هذه المعلومات الكاذبة تُسهم في تأجيج الكراهية والتمييز، ما يؤدي إلى بيئة غير مرحبة وعدائية تجاه المهاجرين. 

يشير التقرير إلى أن التطبيع مع كره الأجانب والعنصرية وخطاب الكراهية والعنف ضد المهاجرين يحدث في وقت تُتجاهل فيه المساهمات العديدة والموثقة للمهاجرين، هذا الخطاب الضار لا يقتصر على إيذاء الضحايا فحسب، بل يهز أيضًا أسس التنوع والمساواة وحقوق الإنسان. 

ورغم البيئة المعادية، يستمر المهاجرون في تقديم مساهمات هائلة تُثري المجتمعات من خلال إدخال عادات وتقاليد وتكنولوجيا ومهارات ومعارف جديدة. 

على الرغم من هذه المساهمات، يواجه المهاجرون في العديد من البلدان سياسات هجرة انتقائية تعزز رؤية تقسيمية تميز بين المهاجرين المرغوب فيهم وغير المرغوب فيهم، هذه السياسات تزيد من التفاوتات في فرص الهجرة النظامية، ما يجعل سكان البلدان ذات الدخل المنخفض، وخاصة في إفريقيا، يعانون من أشد القيود، ويؤدي ذلك إلى تفاقم أوجه عدم المساواة، ويحول المهاجرين إلى أهداف سهلة للخطاب التحريضي.

ويُبرز التقرير أن الروايات السلبية التي تتبع هذا التحول غالبًا ما تتضمن تجريد المهاجرين من إنسانيتهم وتجريمهم، خاصة الذين يعيشون في أوضاع غير نظامية وطالبي اللجوء. 

ويستغل السياسيون والمؤثرون هذه المخاوف الاقتصادية، مدعين أن الهجرة تتسبب في فقدان الوظائف وانخفاض الأجور، وهي مزاعم غالبًا ما تكون بعيدة عن الحقيقة. وفي الوقت الذي يمتلك فيه المهاجرون إمكانيات هائلة لإثراء المجتمعات، إلا أنهم يواجهون انتهاكات حقوقية عديدة. 

يصف التقرير الانتهاكات التي يعاني منها المهاجرون الذين يعيشون في أوضاع غير نظامية، بما في ذلك سوء المعاملة، والاستغلال، وظروف العمل غير الملائمة، ونقص الخدمات الاجتماعية والصحية، وظروف الاحتجاز المزرية. يواجه المهاجرون أيضًا عقبات كبيرة في سوق العمل، حيث يعملون في ظروف لا تستوفي المعايير، رغم أنهم يسدون نقصًا حيويًا في اليد العاملة. 

وغالبًا ما تدفعهم الصعوبات في الحصول على تصاريح العمل أو تجديدها إلى الوقوع في أوضاع غير نظامية، مما يزيد من خطر استغلالهم. يشدد التقرير على ضرورة دعم الروايات القائمة على الأدلة بشأن الهجرة لصون حقوق المهاجرين وضمان الاعتراف بمساهماتهم وتقديرها. 

يؤكد أن الشهادات الشخصية تلعب دورًا مهمًا في هذا السياق، وأن الروايات المتجذرة في قيم مثل الأسرة والحرية والإنصاف تكون أكثر فاعلية في التواصل مع الجمهور. يدعو التقرير إلى تبني سياسات أكثر إنسانية وشمولية، تعترف بالمساهمات الإيجابية للمهاجرين وتحترم حقوقهم الأساسية.

من الناحية الحقوقية، يدعو التقرير إلى تجديد الالتزام بالمبادئ الأساسية لحقوق الإنسان والعدالة الاجتماعية. يجب على الدول الأعضاء في مجلس حقوق الإنسان اتخاذ خطوات جادة لمواجهة الخطاب التحريضي وتعزيز حقوق المهاجرين، وينبغي أن تشمل هذه الخطوات توفير الدعم النفسي والاجتماعي، وضمان حصول المهاجرين على حقوقهم الأساسية، بما في ذلك العمل اللائق والخدمات الصحية والاجتماعية. 

ويسهم المهاجرون الذين يشكلون 4.9 في المئة من القوة العاملة العالمية، في التوازن الديمغرافي، ويعززون القوى العاملة، ويدفعون الضرائب، وينشطون الأسواق الاستهلاكية، وتشكل تحويلاتهم شريان حياة ماليا للبلدان منخفضة الدخل والبلدان متوسطة الدخل، وتوفر سندات الشتات للبلدان وسيلة لتمويل مشاريع إنمائية وتدعم في الوقت ذاته اقتصادات بلدان المنشأ. بحسب التقرير. 

ورغم مساهمات المهاجرين المستمرة والفوائد الهائلة التي يجلبونها، فإن عدة عوامل مكنت من حدوث تحول في التصورات المجتمعية بشأن المهاجرين، فبعد أن كان ينظر إلى المهاجرين على أنهم قوة اقتصادية واجتماعية إيجابية، أصبح يتم اعتبارهم تهديدا أمنيا تجب السيطرة عليه.

ويرى محللون، أن التقرير يمثل دعوة للمجتمع الدولي للتصدي للخطاب التحريضي ضد المهاجرين والعمل على حماية حقوقهم. إن حماية حقوق المهاجرين ليست فقط مسألة قانونية، بل هي مسؤولية أخلاقية وإنسانية تتطلب جهودًا مشتركة لبناء مستقبل أكثر عدالة وإنسانية للجميع، في عالم يزداد تعقيدًا وتنوعًا، يجب أن نعمل معًا لتكريس قيم حقوق الإنسان والكرامة للجميع، دون تمييز أو تحيز.

إرث من الظلم

العنصرية ضد المهاجرين ظاهرة تاريخية تتكرر عبر العصور والأماكن المختلفة. على الرغم من التطور الذي شهده العالم في مجال حقوق الإنسان، لا يزال المهاجرون يتعرضون لتمييز واضطهاد نتيجة للخطاب العنصري والسياسات المعادية لهم. 

خلال القرن التاسع عشر، هاجر الملايين من الأيرلنديين إلى الولايات المتحدة هربًا من المجاعة والفقر، إلا أنهم واجهوا موجة كبيرة من العداء والتمييز. 

كانت اللافتات التي تحمل عبارة "لا أيرلنديين بحاجة للتقديم" شائعة في إعلانات الوظائف، وتعرض الأيرلنديون للتهكم والاعتداءات العنصرية من السكان المحليين الذين كانوا يرون فيهم تهديدًا اقتصاديًا وثقافيًا. 

في عام 1882، أصدرت الولايات المتحدة قانون استبعاد الصينيين، الذي منع هجرة العمال الصينيين إلى البلاد واستهدف بشكل خاص الجالية الصينية التي كانت تُتهم بسرقة وظائف الأمريكيين. 

واستمر هذا القانون حتى عام 1943 وأدى إلى تفاقم العداء والتمييز ضد الصينيين المقيمين في الولايات المتحدة. 

وخلال الحرب العالمية الثانية، بعد الهجوم على بيرل هاربور في عام 1941، أمرت الحكومة الأمريكية باعتقال أكثر من 120,000 من الأمريكيين اليابانيين ووضعهم في معسكرات اعتقال. 

كانت هذه الخطوة نتيجة للشك والعداء العرقي، وأدى هذا الإجراء إلى تدمير حياة العديد من العائلات اليابانية الأمريكية، حتى أولئك الذين كانوا مواطنين أمريكيين لعدة أجيال. 

خلال أوائل القرن العشرين، تعرض المهاجرون الإيطاليون والشرقيون لموجات من العداء والتمييز في الولايات المتحدة، واجهوا اتهامات بالتسبب في الجرائم والفقر، وعانوا من سياسات الهجرة التقييدية والتحامل العنصري. كان حادث الشغب في مدينة شيكاغو في عام 1919، حيث هوجمت الأحياء الإيطالية والإفريقية بشكل خاص، تجسيدًا لتلك المشاعر العدائية. 

كما كان نظام الفصل العنصري في جنوب إفريقيا (1948-1994) نظامًا عنصريًا مؤسسًا، قمع بشكل خاص حقوق غير البيض، بمن في ذلك المهاجرون الأفارقة والآسيويون. 

وأُجبر الملايين على العيش في مناطق منفصلة وتعرضوا للتمييز المؤسسي في جميع جوانب الحياة، كان سقوط هذا النظام في عام 1994 نتيجة نضال طويل من قبل حركة مناهضة الفصل العنصري بزعامة نيلسون مانديلا. في الوقت الحاضر، تواجه أزمة اللاجئين السوريين مواقف عنصرية وعدائية في العديد من دول العالم. 

ومنذ اندلاع الحرب الأهلية في سوريا في عام 2011، فرّ الملايين من السوريين بحثًا عن الأمان في دول الجوار وأوروبا، رغم احتياجاتهم الإنسانية الملحة، يواجهون في بعض الأحيان سياسات تمييزية وخطابًا عدائيًا يصفهم بالإرهابيين أو بالعبء الاقتصادي. يعد الروهينغا، وهم أقلية مسلمة في ميانمار، من أكثر الجماعات تعرضًا للاضطهاد العنصري في العالم الحديث. 

منذ عقود، تُنكر الحكومة الميانمارية حقوق الروهينغا وتعتبرهم مهاجرين غير شرعيين من بنغلاديش، على الرغم من وجودهم في البلاد لعدة أجيال.

وفي 2017، تعرض الروهينغا لحملة عنيفة من القتل والاغتصاب والحرق على يد الجيش الميانماري، ما أدى إلى نزوح مئات الآلاف إلى بنغلاديش في ظروف إنسانية قاسية. 

وواجه اللاجئون والمهاجرون الأفارقة الذين يحاولون عبور البحر الأبيض المتوسط إلى أوروبا سياسات قاسية ومواقف عنصرية، تتعرض حياتهم للخطر أثناء الرحلة، وعند وصولهم يواجهون سياسات إغلاق الحدود والمخيمات المزدحمة والمعاملة غير الإنسانية في بعض الأحيان. 

يُستخدم هؤلاء اللاجئون غالبًا كأدوات سياسية في الخطابات المناهضة للهجرة في العديد من الدول الأوروبية، 

انتهاكات حقوقية كبيرة

وبدوره علق الحقوقي التونسي البارز مصطفى عبدالكبير بقوله، إن التحريض السياسي ضد المهاجرين هو ظاهرة تتجلى في توظيف الخطاب السياسي لزرع الكراهية والخوف من الأجانب. هذا الخطاب، الذي غالبًا ما يعتمد على معلومات مضللة وأفكار مبنية على التحيزات العنصرية، يؤدي إلى تعزيز العنصرية والتمييز، ويعزز من الانقسامات الاجتماعية، مما يزيد من حدة المشكلات الأمنية والاجتماعية التي يُزعم أنها ناتجة عن الهجرة، والتي في الواقع لا تعدو كونها نتاجًا للخطاب السياسي التحريضي. 

وتابع عبدالكبير، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، من الناحية الحقوقية، يتعارض هذا التحريض مع المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي نص عليها الإعلان العالمي لحقوق الإنسان والعهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، تنص هذه الوثائق على أن لكل فرد الحق في الحياة والكرامة، ويجب حماية هذا الحق من جميع أشكال التمييز، بما في ذلك التمييز المبني على الأصل القومي أو العرقي. 

وأكد الحقوقي التونسي أن التحريض السياسي الذي يُحرض على كراهية المهاجرين أو استهدافهم بشكل متعمد يشكل انتهاكًا لهذه المبادئ، حيث يعزز من مشاعر الكراهية والعنف ضد هؤلاء الأفراد، مما يؤدي إلى تدهور حقوقهم الأساسية.

وأضاف، القانون الدولي يضع أيضًا معايير صارمة لحماية المهاجرين، وفقًا لاتفاقيات عدة مثل اتفاقية حقوق الطفل واتفاقية حماية حقوق العمال المهاجرين وأفراد أسرهم، هذه الاتفاقيات تدعو الدول إلى ضمان عدم تعرض المهاجرين لأي نوع من التمييز وتوفير الحماية القانونية لهم. التحريض السياسي ضد المهاجرين يشكل انتهاكًا لهذه المعايير الدولية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تشريع سياسات تمييزية أو تطبيق قوانين تضر بمصالحهم وحقوقهم الأساسية. 

مصطفى عبد الكبير 

وأردف: تعزيز قيم التسامح والشمولية واحترام التنوع هو السبيل الوحيد لضمان حقوق الإنسان للجميع، يتطلب ذلك من الدول والمجتمعات أن تتبنى سياسات شفافة وغير تمييزية، وأن تعزز من الحوار البناء والتفاهم المتبادل.

وأتم، يجب أن تُبذل جهود كبيرة لمكافحة الخطاب التحريضي ومحاسبة المسؤولين عنه، لضمان حماية حقوق المهاجرين وتعزيز القيم الإنسانية التي تشكل أساسًا لمجتمعات عادلة وشاملة.

عزلة واكتئاب ومشكلات مجتمعية كثيرة

وقال خبير علم النفس الدكتور جمال فرويز، إننا كثير ما نجد استغلال المخاوف والقلق الشعبي لتشويه صورة المهاجرين وتصويرهم على أنهم تهديد للأمن والاستقرار والهوية الوطنية. هذا الخطاب، بغض النظر عن الشكل الذي يأخذه، سواء كان مباشراً أو ضمنياً، له آثار سلبية عميقة على نفسية المهاجرين واندماجهم الاجتماعي في البداية، يؤدي الخطاب التحريضي إلى زيادة الشعور بالخوف والقلق لدى المهاجرين عندما يرون أنفسهم مستهدفين بالكلام العنصري والتحريض، يشعرون بعدم الأمان والترحيب في المجتمع المضيف، هذا الشعور بالخوف يؤثر سلباً على صحتهم النفسية، حيث يزيد من احتمالية إصابتهم بالاكتئاب والقلق واضطرابات النوم. 

وتابع فرويز، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، كما أنه يعيق قدرتهم على بناء علاقات اجتماعية جديدة والتكيف مع بيئة جديدة. بالإضافة إلى ذلك، يساهم الخطاب التحريضي في تعزيز الشعور بالوحدة والعزلة لدى المهاجرين. عندما يواجهون رفضاً واستبعاداً من المجتمع، يميلون إلى الانسحاب إلى مجتمعاتهم الخاصة، مما يحد من فرص اندماجهم، هذا الانعزال الاجتماعي يؤدي إلى تفاقم المشكلات النفسية التي يعانون منها، ويجعلهم أكثر عرضة للإحباط واليأس. 

جمال فرويز 

واستطرد، من ناحية أخرى، يؤثر الخطاب التحريضي سلباً على صورة المهاجرين الذاتية، فعندما يتعرضون باستمرار للإهانات والتحقير، يبدؤون في الشك في قيمتهم الذاتية وقدراتهم. هذا يؤدي إلى انخفاض احترامهم لذاتهم وتقويض ثقتهم بأنفسهم، وفي بعض الحالات، قد يدفعهم ذلك إلى اللجوء إلى سلوكيات مدمرة مثل العنف أو تعاطي المخدرات، على المستوى الاجتماعي، يؤدي الخطاب التحريضي إلى زيادة التوتر والانقسام بين المهاجرين وسكان المجتمع المضيف. 

وأتم، بدلاً من بناء مجتمع متعدد الثقافات، يعزز هذا الخطاب الانقسامات القائمة ويخلق جوًا من عدم الثقة والكراهية. هذا يؤثر سلباً على التماسك الاجتماعي ويجعل من الصعب بناء مجتمعات أكثر عدالة وتسامحًا.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية