«فرانس برس»: تظاهرات في تركيا احتجاجاً على سجن رئيس بلدية إسطنبول

«فرانس برس»: تظاهرات في تركيا احتجاجاً على سجن رئيس بلدية إسطنبول
الشرطة التركية تستخدم القوة لتفريق المتظاهرين

تجمعت حشود ضخمة، مساء السبت، أمام مقر بلدية إسطنبول لليلة الرابعة على التوالي، احتجاجا على اعتقال رئيس البلدية، أكرم إمام أوغلو، الذي ندد بتهم "الفساد" و"الإرهاب" الموجهة إليه، واصفًا إياها بأنها "غير أخلاقية ولا أساس لها".

ووفق إحصاءات وكالة "فرانس برس"، نُظمت احتجاجات واسعة في 55 محافظة تركية من أصل 81، ما أدى إلى مواجهات عنيفة مع الشرطة في أكبر موجة مظاهرات تشهدها تركيا منذ أكثر من عقد.

واعتقلت السلطات إمام أوغلو قبل أيام فقط من إعلان حزب الشعب الجمهوري المعارض ترشيحه رسميًا للانتخابات الرئاسية لعام 2028، في خطوة عدها أنصاره محاولة لإبعاده عن المشهد السياسي.

ورفع المتظاهرون خلال احتجاجات السبت الليلية لافتات كتب عليها "الديكتاتوريون جبناء" و"لن تسكتنا حكومة حزب العدالة والتنمية"، في مشهد يعكس الغضب الشعبي المتصاعد.

الشرطة تستخدم القوة 

فرقت شرطة مكافحة الشغب، بعيد منتصف الليل، المتظاهرين أمام مبنى البلدية باستخدام الغاز المسيل للدموع، ما دفع العديد منهم إلى الاحتماء داخل المبنى.

وأفاد مراسلو "فرانس برس" باعتقال عدد كبير من المتظاهرين، دون أن تصدر السلطات أي بيانات رسمية حول عدد الموقوفين.

وفي وقت سابق، استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي وغاز الفلفل والقنابل الصوتية لتفريق المحتجين، ما أدى إلى وقوع إصابات بين المتظاهرين والصحافيين الذين غطوا الأحداث.

الآلاف يشاركون في المظاهرات 

خاطب زعيم حزب الشعب الجمهوري، أوزغور أوزيل، المتظاهرين في إسطنبول، مؤكدًا أن "عدد المحتجين تجاوز نصف مليون شخص"، متعهدًا بمواصلة المظاهرات "لحماية إمام أوغلو والدفاع عن الديمقراطية".

ونُقل رئيس بلدية إسطنبول، برفقة 90 متهمًا آخرين، إلى محكمة تشاغليان، وسط طوق أمني مكثف فرضته عشرات شاحنات الشرطة، استعدادًا لمحاكمته.

وأصدر قاضٍ، الأحد، قرارًا بسجن إمام أوغلو بتهمة الفساد، وذلك بعد محاكمته التي استمرت حتى وقت متأخر من ليلة السبت.

وأفاد أحد محاميه لوكالة "فرانس برس" بأن المحكمة رفضت جميع الطعون المقدمة، مما يعني أن إمام أوغلو سيظل رهن الاحتجاز في انتظار الاستئناف.

الحكومة تصعّد حملتها 

أعلن وزير الداخلية التركي، علي يرلي كايا، السبت، عن توقيف 343 شخصًا على خلفية الاحتجاجات، مشيرًا إلى أن الاعتقالات استمرت طول الليل في العديد من المدن، أبرزها إسطنبول وأنقرة وإزمير وأنطاليا.

ووعد يرلي كايا، عبر منشور على منصة إكس (تويتر سابقًا)، بأن السلطات "لن تتسامح مع من يسعون إلى الفوضى والاستفزاز".

خضع رئيس بلدية إسطنبول، الجمعة، لجلسة استماع استمرت ست ساعات، حيث نفى جميع التهم الموجهة إليه في وثيقة دفاع من 121 صفحة، وفق ما أكده محاميه محمد بهليفان.

وانتقد بهليفان استخدام شهود سريين وتقارير غير موقعة كأدلة، معتبرًا أن المحاكمة "انتهاك صارخ لحقوق الدفاع والحق في محاكمة عادلة".

وأعرب أنصار إمام أوغلو عن مخاوفهم من إمكانية سجنه لفترة طويلة واستبداله بمسؤول تعيّنه الحكومة، ما يعزز المخاوف من إقصائه نهائيًا عن الحياة السياسية.

احتجاجات في مدن أخرى 

شهدت مدينة إزمير، ثالث أكبر مدن تركيا، صدامات عنيفة بين المحتجين والشرطة، التي استخدمت خراطيم المياه لتفريق المتظاهرين، وفق مقاطع مصورة بثتها وسائل الإعلام المحلية.

وفي إسطنبول، استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي ضد المتظاهرين في ساحة تقسيم، ما أسفر عن إصابة عدد من الصحافيين الذين كانوا يغطون المظاهرات.

نشر محامو إمام أوغلو رسالة له على منصة إكس، شكر فيها المتظاهرين على دعمهم، قائلين: "أنتم تدافعون عن جمهوريتنا، عن الديمقراطية، عن مستقبل تركيا العادلة وإرادة الأمة".

تصاعد الغضب الشعبي 

اعتبر مراقبون أن اعتقال إمام أوغلو يعكس تصعيدًا جديدًا من حكومة الرئيس رجب طيب أردوغان ضد المعارضة، حيث يواجه حزب العدالة والتنمية اتهامات بتقييد الحريات واحتكار السلطة.

وفي ظل التوتر المتزايد، تترقب تركيا الأيام المقبلة، وسط تساؤلات حول مدى قدرة المعارضة على مواصلة الضغط لإطلاق سراح إمام أوغلو، أم أن الحكومة ستمضي في مسارها دون تراجع.

وعلى صعيد متصل، أدان رؤساء بلديات عدد من العواصم والمدن الأوروبية الكبرى، توقيف أوغلو، مطالبين بالإفراج عنه فورًا، حيث أصدر المسؤولون بيانًا مشتركًا، الخميس، عبّروا فيه عن "إدانتهم الشديدة" لما وصفوه بـ"الاحتجاز التعسفي"، مشيرين إلى قلقهم العميق من الانتهاكات المتكررة للحقوق الأساسية والحريات البلدية في تركيا.

وشمل البيان توقيع رؤساء بلديات مدن كبرى، من بينها أمستردام، باريس، ميلانو، برشلونة، روما، هلسنكي، غنت، أوتريخت وبروكسل، إلى جانب الجمعية الدولية لرؤساء البلديات الناطقين بالفرنسية وشبكة المدن الأوروبية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية