استعداداً لاستقبال البابا لاوون.. لبنان يستقبل عشرات الآلاف من المغتربين (صور)

استعداداً لاستقبال البابا لاوون.. لبنان يستقبل عشرات الآلاف من المغتربين (صور)
استعدادات مكثفة في لبنان لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر

تتوافد مئات العائلات والشباب من أبناء الجاليات اللبنانية في دول العالم إلى بيروت، استعداداً لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر الذي يحلّ على لبنان في زيارة تستمر ثلاثة أيام بدءاً من 30 نوفمبر الجاري، في حدث ينتظره اللبنانيون وسط اشتداد الأزمات السياسية والاقتصادية التي دفعت الملايين إلى الهجرة. 

وتصل الشابة راشيل مزرعاني من سيدني نهاية الأسبوع، كواحدة من مئات المغتربين الذين قرروا العودة خصيصاً للمشاركة في استقبال البابا، أملاً في أن تحمل الزيارة جرعة معنوية لبلد أثقلته الحروب والاضطرابات.

ونقلت وكالة "فرانس برس"، اليوم الأربعاء، شهادات المشاركين والمنظمين الذين أكدوا أن أكثر من 120 ألف شخص سجّلوا أسماءهم لحضور القداس الكبير الذي يترأسه البابا على الواجهة البحرية لبيروت. 

وقالت إن وفوداً كنسية منظمة تضم أكثر من 500 شاب ستصل من دول مختلفة، للمشاركة في لقاء خاص بالبابا مع الشباب بين 16 و35 عاماً في مقر البطريركية المارونية في بكركي. 

وتعتبر الاستعدادات الكثيفة مؤشراً على تعطش اللبنانيين –في الداخل والخارج– لرسالة جامعة تُعيد إليهم شيئاً من الاستقرار الروحي المفقود.

استعدادات مكثفة في لبنان لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر

شوق وهوية لا تنطفئ

تؤكد الشابة الأسترالية اللبنانية الأصل راشيل مزرعاني بحماس أن زيارة البابا "تُمثّل طمأنينة بأن لبنان لم يُنسَ"، مشيرةً إلى أن بلدها الأم "رسالة روحية لا تمحوها الأزمات". 

وتوضح أن هذه المحطة تشجع الشباب على عدم فقدان الإيمان بقدرتهم على استعادة لبنان الذي يحلمون به. 

ويُشاركها الشعور آلاف اللبنانيين الذين غادرت عائلاتهم البلاد عبر عقود طويلة، بعدما رافقت الهجرة تاريخ لبنان منذ زمن الدولة الحديثة واشتداد الحروب الأهلية والصراعات الإقليمية.

ويشهد لبنان تغيّراً ديموغرافياً لافتاً، حيث تضاءلت أعداد المسيحيين رغم ثقلهم السياسي ومشاركتهم الجوهرية في نظام المحاصصة الطائفية، ورغم غياب الإحصاءات الرسمية، تشير تقديرات عديدة إلى انخفاض نسبتهم بشكل كبير خلال العقود الأخيرة بفعل الهجرة. 

ويأتي ذلك في وقتٍ تُغطي طرق لبنان لوحاتٌ ضخمة تتضمن صور البابا وشعار الزيارة: "طوبى لصانعي السلام"، في ظل قلق شديد يعيشه اللبنانيون بعد عام من وقف إطلاق النار الذي أنهى حرباً مدمرة بين إسرائيل وحزب الله، وما تبعها من ضربات متفرقة تُلقي بظلالها على الأمن والاستقرار.

استعدادات مكثفة في لبنان لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر

زيارة تُعيد الأمل للبنانين

يرى الطالب القادم من لاغوس جيلبر باخوس أن زيارة البابا تأتي في "لحظة عصيبة للغاية"، آملاً أن تمنح اللبنانيين دفعة نحو الوحدة والسلام. 

ويشرح الشاب ذو الـ19 عاماً، والمولود في نيجيريا، رغبته في أن يشارك في هذه "اللحظة التاريخية" التي قد تشجع عائلته على العودة إلى وطنها يوماً ما. وتُظهر شهادته ارتباط الجاليات اللبنانية حول العالم ببلدها رغم المسافات والمآسي.

وتعلن الحكومة عطلة رسمية خلال أيام الزيارة، حتى يتمكن اللبنانيون من المشاركة في الفعاليات. وتقدّم الفنادق عروضاً خاصة تشمل حسومات وخدمات نقل إلى موقع القداس، في محاولة للاستفادة من الزخم السياحي والروحي الذي تخلقه الزيارة. 

ويصف المغترب القادم من دبي أنطوني خديج الوضع بالقول: "يزور البابا لبنان في وقت يخاف اللبنانيون أنفسهم من المجيء"، معبراً عن تمنيه أن تعيد الزيارة "الرجاء إلى قلوب الناس" بعد مشاهد القتل والقصف التي يعيشها سكان الجنوب يومياً.

استعدادات مكثفة في لبنان لاستقبال البابا لاوون الرابع عشر

البعد الإقليمي للزيارة 

لا تقتصر المشاركة على لبنان وحده، إذ ترسل دول عدة وفوداً شبابية، بينها وفد كبير من سوريا التي تحاول التعافي من آثار حرب استمرت قرابة 14 عاماً. 

ويأمل الأب مكاريوس قلومة، كاهن كنيسة سيدة دمشق للروم الكاثوليك، أن تحمل الزيارة "الرجاء والسلام لبلادنا ولبنان وسوريا"، مؤكداً أن السوريين المسيحيين رغم الصعوبات "ما زالوا موجودين، ويجاهدون للبقاء". 

وتضاءل الوجود المسيحي في سوريا من نحو مليون شخص قبل 2011 إلى أقل من 300 ألف اليوم، وفق تقديرات خبراء، فيما فاقمت التفجيرات الأخيرة مخاوف هذه الأقلية من المستقبل.

التهدئة وإحياء الحوار

ينتظر اللبنانيون أن يركّز البابا خلال الأيام الثلاثة على الدعوة إلى الحوار بين الأديان، ومعالجة الانقسامات الداخلية التي عمّقتها الأزمات الاقتصادية والسياسية. 

ويترقب مراقبون أن تُعيد الزيارة تسليط الضوء على حماية الوجود المسيحي في الشرق الأوسط الذي يعاني نزيفاً ديموغرافياً متواصلاً. 

ويؤكد رجال دين أن حضور البابا يحمل قيمة رمزية وثقيلة، خصوصاً في بلدٍ "يقاتل شعبه للبقاء" وسط انهيار اقتصادي ومالي هو الأسوأ في تاريخه المعاصر.

أمل رغم الجراح

يُجمع المشاركون على أن زيارة واحدة لا يمكن أن تُحوّل واقع لبنان المتشعب بين ليلة وضحاها، لكنها تُعيد إلى اللبنانيين -خصوصاً المغتربين- شعوراً بأنهم غير متروكين في عالم يمتلئ بالفوضى. 

وبين قداس بحري ينتظره أكثر من 120 ألف شخص، ومشاركة شبابية واسعة، وتحضيرات رسمية وشعبية، يبدو لبنان مقبلاً على ثلاثة أيام يأمل فيها شعبه أن يسمع من البابا كلمة تُبدد ولو قليلاً من قتامة المشهد.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية