كابلات بحر الشمال.. بديل بريطانيا الأخضر للحصول على الكهرباء

 كابلات  بحر الشمال.. بديل بريطانيا  الأخضر  للحصول على الكهرباء

تبدو العلاقات الاقتصادية والسياسية لبريطانيا مع أوروبا “متدهورة”، ورغم ذلك هناك شبكة متنامية من الكابلات الكهربائية تحت سطح بحر الشمال تربط نظام الطاقة الحيوية في البلاد وتطلعاتها في مجال الطاقة النظيفة إلى القارة، وفقا لتقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية.

 

وتم مؤخرا وضع أطول وأقوى هذه الكابلات عبر بحر الشمال، من محطة للطاقة الكهرومائية في الجبال الوعرة في النرويج إلى بليث، وهو ميناء صناعي في شمال شرق إنجلترا، تمتد لمسافة 450 ميلاً، ويمكن للكابلات “التوأم”، التي يبلغ قطر كل منهما حوالي خمس بوصات، أن تحمل ما يكفي من الطاقة لما يقرب من 1.5 مليون منزل.

 

ويوضح تقرير “نيويورك تايمز” الفكرة، بأنها استخدام “كابل” لتحقيق التوازن بين أنظمة الطاقة في البلدين والاستفادة من الاختلافات بينهما، حيث تريد بريطانيا الاستفادة من الطاقة الكهرومائية الوفيرة في النرويج في كثير من الأحيان، في حين سيتمكن النرويجيون من الاستفادة من موجات الكهرباء من مزارع الرياح البريطانية التي قد تضيع لولا ذلك.

 

ويقول الخبراء إن النمو السريع لمصادر الطاقة المتجددة مثل الرياح والطاقة الشمسية، التي يختلف إنتاجها باختلاف شدة الرياح وأشعة الشمس، يجعل مثل هذا التقاسم ضروريا بشكل متزايد.

 

وتسمح هذه الكابلات التي تربط شبكة دولة بأخرى، وتعرف باسم الموصلات، لأوروبا ومناطق أخرى بالعمل بنظام طاقة أكبر وأكثر تنوعا يمكنه استخدام فوائض الكهرباء في منطقة واحدة لتعويض النقص في مناطق أخرى.

 

وقالت الرئيسة التنفيذية لشركة ستاتنيت، مشغل الشبكة الكهربائية النرويجية، هيلدا تون: “إن الموصلات عبر الحدود في قارة مثل أوروبا هي شرط أساسي لتمكين المجتمعات من العمل على الطاقة المتجددة”.

 

وأضافت: “القدرة على تقاسم الطاقة الكهربائية، واستيرادها أو تصديرها حسب الحاجة، أمر بالغ الأهمية للانتقال من الوقود الأحفوري إلى مزيج من الطاقة يعتمد على الطقس أكثر وأكثر”.

 

ويقول خبراء مثل “تون” إنه من الأرخص والأكثر كفاءة أن تضع البلدان الأوروبية الكابلات للاستفادة من نقاط القوة الخاصة في مجال الطاقة من محاولة القيام بكل ذلك بمفردها، موضحة أن النرويج موصولة بالفعل بجيران مثل السويد والدنمارك، وقد بنت مؤخراً خطاً إلى ألمانيا.

 

وتتسارع وتيرة الربط البيني بالنسبة لبريطانيا، التي تعتمد طموحاتها لتحقيق صافي انبعاثات الكربون الصفرية بحلول عام 2050 إلى حد كبير على الطاقة المتجددة، وخاصة التوربينات التي تدور قبالة سواحل البلاد، حيث تراهن بريطانيا بعد خروجها من الاتحاد الأوروبي قبل نحو عامين، بشكل كبير على الطاقة النظيفة والصناعة الخضراء للمساعدة في تأمين مستقبلها الاقتصادي.

 

وتنمو ترسانة الربط بين الوصلات في بريطانيا بسرعة ولديها الآن القدرة على توفير ما يقرب من ربع متوسط الطلب على الكهرباء، فإلى جانب الكابل إلى النرويج، تدير الشبكة الوطنية للكهرباء وصلات تحت سطح البحر إلى فرنسا وبلجيكا وهولندا، ويجري حاليا بناء وصلة ربط بقيمة ملياري جنيه استرليني (2.7 مليار دولار) إلى الدنمارك.

 

وقال رئيس “ناشيونال غريد فنتشرز”، وهي الوحدة التي بنت الرابط النرويجي مع ستاتنيت، كوردي أوهارا، مقابل 1.6 مليار يورو (1.8 مليار دولار): “إن الموصلات أداة حاسمة حقا لتمكين البلدان من إزالة الكربون من أنظمة الطاقة لديها.. عندما لا تهب الرياح أو لا تشرق الشمس في منطقة ما، يمكنهم الحصول على موارد متجددة من أماكن أخرى”.

 

وتضع بريطانيا ودول مثل الدنمارك وهولندا خططا كبرى لتحويل بحر الشمال، الذي طالما كان مركزا للنفط والغاز، إلى أحد أكبر مولدات الطاقة المتجددة في العالم، وقالت أوهارا: “إننا نرى أن بحر الشمال هو القوة الخضراء للكهرباء”.

 

ويمكن أن تكون خطط بريطانيا لبحر الشمال أكثر تعقيدا بسبب علاقات البلاد غير المستقرة مع شركائها الأوروبيين السابقين، حيث قال كريس ماتسون، وهو شريك في شركة LCP، وهي شركة استشارية، إنه تم استبعادها من نظام تسعير الطاقة الأوروبي، مما يجعل الموصلات أكثر تعقيدا للاستخدام.

 

وفي حين كانت التدفقات في العام الماضي في معظمها من النرويج إلى بريطانيا، فإن الاتجاه يمكن أن يتغير مرة أو أكثر في يوم واحد، مما يرسل الطاقة إلى أي سوق لديها أسعار أعلى، حيث يجني المشغلون المال بشكل أساسي من الاختلافات في التسعير بين النظامين.

 

وقالت “تون” من “ستاتنيت”: “إن خروج بريطانيا عن النظام الأوروبي أثبت أنه يشكل تحديا فيما يتعلق بالاضطرار إلى إيجاد طرق جديدة للقيام بالأمور”، وتأمل “تون” أن تساعد إعادة تطوير بحر الشمال للحصول على الطاقة الخضراء في التغلب على مرارة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية