منعت الغاز عن 6 دول.. روسيا لاعب "ماريونيت" يتحكم في أوروبا

منعت الغاز عن 6 دول.. روسيا لاعب "ماريونيت" يتحكم في أوروبا

يخوض الدب الروسي حرب تكسير عظام مع أمريكا والقارة العجوز من خلال الحرب الدائرة في أوكرانيا، الخطورة ليست في استخدام روسيا جناحها العسكري، وإنما في تطورها إلى حرب باردة تُستخدم فيها "كروت" تخفيض وقطع إمدادات الغاز عن أوروبا، ليصبح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، كلاعب "الماريونيت" المتحكم الوحيد في لعبة أطرافها عدة لكنه هو المسيطر الوحيد.

ففي إجراء جديد للتضييق على الدول الأوروبية، قررت روسيا وقف إمدادات الغاز إلى "لاتفيا" المجاورة لها، متهمة إياها بانتهاك شروط تسلم الغاز. 

لم تحدد "غازبروم" في بيانها، شروط سحب الغاز التي تزعم أن لاتفيا انتهكتها، لكن القرار جاء بعد يوم واحد من إعلان شركة "لاتفيا غاز" للطاقة أنها تشتري الغاز من روسيا وتدفع المقابل باليورو وليس بالروبل، كما تطلب "غازبروم" من المتعاملين معها. 

وبذلك تنضم لاتفيا، إلى قائمة من الدول تضم أيضا، بولندا وبلغاريا وهولندا وفنلندا والدنمارك، والتي رفضت دفع ثمن الغاز بالروبل بما يتماشى مع أمر أصدره الرئيس فلاديمير بوتين، يتطلب فتح حسابات بالروبل في أحد البنوك الروسية في إطار خطة جديدة، كما أوقفت روسيا مبيعات الغاز لشركة شل إنرجي أوروبا في ألمانيا.

وفي مارس الماضي، قال بوتين إن روسيا، أكبر منتج للغاز الطبيعي في العالم، ستطلب من الدول التي تصنفها "بغير الصديقة" في ما يتعلق بموقفها من الصراع في أوكرانيا أن تدفع ثمن الغاز المنقول عبر الأنابيب بالروبل.  

وحذرت المفوضة الأوروبية من أن الامتثال لأمر بوتين قد يشكل انتهاكا لعقوبات الاتحاد الأوروبي المفروضة على موسكو وحثت شركات الاتحاد الأوروبي على مواصلة الدفع بالعملة المتفق عليها في عقودها مع "غازبروم"، وهي اليورو أو الدولار في الأغلب.  

وكانت "غازبروم" خفضت بشكل كبير شحنات الغاز إلى أوروبا عبر خط أنابيب "نورد ستريم 1" إلى نحو 20 بالمئة فقط من طاقته، مما دفع دول الاتحاد الأوروبي إلى اتهام روسيا باستخدام الغاز كسلاح ضمن الحرب، فيما تقول روسيا إن السبب وراء خفض الإمدادات هو توقف أحد التوربينات التي تضخ الغاز في خط الأنابيب.

وارتفعت أسعار الغاز بنسبة تصل إلى نحو 400 بالمئة هذا العام في أوروبا، مدفوعة بانخفاض المخزون مع زيادة الطلب مع عودة النشاط الاقتصادي الصناعي. 

وتشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى احتماليات تواصل استمرار ارتفاع الأسعار خلال الفترة المقبلة وقبيل حلول فصل الشتاء، بما يزيد الضغوطات على المستهلكين.

وطلبت المفوضية الأوروبية من الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي خفض استهلاك الغاز الطبيعي بشكل طوعي بنسبة 15 بالمئة في الفترة المقبلة، من أجل تجاوز تقليص الإمدادات الروسية، كما أنها تريد إقرار تخفيضات إلزامية في حالة الضرورة.

وتضاعف الحكومات جهودها لتوفير الطاقة، ومنها فرنسا التي ضاعفت جهودها من أجل تقليل استهلاك الطاقة مع ارتفاع أسعارها، وقالت أغنيس بانييه-روناشيه وزيرة تحول الطاقة الفرنسية إن خطة توفير الطاقة التي وضعتها الحكومة تشمل حظر الإعلانات المضيئة ليلا، باستثناء محطات القطارات والمطارات، ومنع المتاجر من إبقاء أبوابها مفتوحة عند تشغيل التكييف أو التدفئة.

«جسور بوست» استطلعت آراء خبراء للوقوف على تأثير قطع إمدادات الغاز الروسية على اقتصاد تلك الدول.

العقد شريعة المتعاقدين

قال أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر ورئيس وحدة الأبحاث العلمية بالمركز الدولي للاستشارات الاقتصادية، صلاح الدين فهمي: "إن الدول الأوروبية أعلنت أن ذلك مخالف لتعاقد بينها وبين روسيا يقتضي توريد الغاز إليها بالدولار أو باليورو وليس بالروبل الروسي، كيف إذاً تعاقبهم روسيا العقود ملزمة والجانب الأوروبي ملتزم ببنودها، وفي ظل التوترات الحادثة روسيا لا تخضع لمعاقبة أحد ولن تلتزم بتعاقد ولو لم يكن هناك نزاع سيكون الحكم في صالح الدول الأوروبية، فالعقد شريعة المتعاقدين".

وتابع: "سيتأثر حتمًا الاقتصاد الأوروبي سلبًا بشكل عام والدول الست التي عاقبتها روسيا بشكل خاص، وستتوقف المصانع والإنتاج وبالفعل بدأت أوروبا في ترشيد استهلاكها للطاقة، روسيا تتعامل الآن بمنطق القوة ولن تحل تلك النزاعات إلا بشكل ودي، والآثار الاقتصادية لن تكون فقط سلبية على الغرب وإنما سيحصد تأثيرها كل دول العالم، والمساعي الودية كمساعي تركيا جيدة، والأهم قوتها حتى تجبر الطرفين بحل الأزمة، ولأن مشكلة القمح في بداية حلها وتبقى أزمة الروبل والغاز".

واستطرد: "وجهت المفوضية الأوروبية أعضاءها بالالتزام بالدفع بالدولار أو اليورو لأنهم كتلة واحدة والا سيضطر الاتحاد كله للدفع بالروبل".

مأزق كبير

وقال الخبير الاقتصادي الدولي، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية، رشاد عبده: "إن معاقبة أوروبا بمنع تصدير الغاز إليها يضعها في مأزق كبير، والألمان أكثر الدول المتأثرة، فمن قبل التخفيض أعلنت ألمانيا إلغاء عدد من الصناعات المهمة التي تستهلك كميات كبيرة، بخلاف دولة مثل المجر التي رفضت توقيع العقوبات الروسية والانصياع لمطالب أمريكا بخصوص ذلك الشأن، المجر الآن يتم توريد الغاز إليها وبالكميات التي تريدها". 

وتابع: "تحاول أوروبا الآن ترشيد استهلاكها من إنارة يافطات وترشيد استهلاك التكييف، دون جدوى حتمًا سيؤثر ما يحدث على قوتها التصديرية، والأخطر تكلفة التصدير ذاتها، حيث إن المنافس الصيني يستورد الغاز بتكلفة منخفضة بنسبة 30%، وبالتالي ستكون تكلفة المنتج الصيني أقل من تكلفة المنتج الألماني وعليه سعر بيعه أرخص كثيرًا وسيكون عليه الإقبال".


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية