تغير المناخ يفرض على العالم تخفيض معدلات الهدر الغذائي

تغير المناخ يفرض على العالم تخفيض معدلات الهدر الغذائي
زراعة الأسطح بالنباتات المثمرة

باتت أزمة الأمن الغذائي من أبرز مهددات ظاهرة التغير المناخي، والتي تؤدي بشكل مباشر إلى خسائر في الإنتاج الزراعي والغذائي بالعالم.

وتغير المناخ أصبح تهديدًا خطيرًا للأمن الغذائي العالمي والتنمية المستدامة والجهود المبذولة للقضاء على الفقر، حيث يشهد سكان مختلف البلدان والمناطق تحولًا في أنماط الطقس يؤدي إلى مزيد من مخاطر حدوث فيضانات تهدد إنتاج الغذاء في العالم.

وتكافح دول العالم لتخفيض معدلات الهدر الغذائي، بهدف تقليل حجم الخسائر التي تكبدتها المحاصيل الزراعية بسبب التغيرات المناخية، والتي أدت إلى انخفاض المعروض من المحاصيل وبالتالي زيادة أسعارها.

وفق تقديرات الأمم المتحدة، فإن الحد من فقد وهدر الغذاء يقلل من الفقر والجوع ويحارب تغير المناخ، حيث يتسبب هدر الغذاء في نحو 7% من انبعاثات غازات الدفيئة على الصعيد العالمي، وإن ما يقرب من 30% من الأراضي الزراعية في العالم تُستخدم في إنتاج غذاء لا يُستهلك.

وتقول منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة "فاو" إن إقليم الشرق الأدنى يعاني من الهدر الغذائي وخسائر الإنتاج الزراعي بسبب نقص مرافق التخزين والتبريد وغيرها من عمليات المعالجة، والتجهيز، والتعبئة، والتوزيع.

وتوضح المنظمة الأممية أن الثروة الحيوانية تواجه تهديدات كبيرة بما تمثله بين 30 و50 بالمئة من مجموع الناتج الزراعي في الإقليم بسبب شح المياه، كذلك يواجه قطاع الثروة السمكية أخطاراً موازية نظراً للارتفاع المتوقع في منسوب البحار.

ويعد إقليم الشرق الأدنى واحداً من أكثر المناطق ندرة في العالم من حيث الموارد المائية، إضافة إلى تدهور نوعية المياه من حيث تلوّث المياه الجوفيّة، وتدهور النظم البيئية المرتبطة بالموارد المائية. 

ويصنف علماء الجغرافيا الإقليم بأنه المنطقة الواقعة في جنوب غرب آسيا، وتحديدا المنطقة التي يحيط بها البحر المتوسط، والبحر الأسود، وبحر قزوين، والبحر الأحمر والخليج العربي، ويضم الأردن وسوريا ولبنان وفلسطين وإسرائيل والعراق وتركيا وسوريا وإيران ومصر.

مخاوف أممية

وتسجل البلدان التي تعاني انعدام الأمن الغذائي أعلى معدلات الهجرة الخارجية للاجئين، إذ يشير برنامج الغذاء العالمي إلى أن نحو 821 مليون شخص يعانون من سوء التغذية، ونحو 151 مليون طفل دون سن الخامسة يعانون من التقزم في العالم. 

وتتوقع منظمات معنية بمكافحة الفقر عالمياً، زيادة عدد الجياع في العالم خلال السنوات القليلة المقبلة بسبب ظاهرة التغير المناخي، إذ يعاني حاليا من الجوع نحو 800 مليون شخص، كما يعاني واحد من كل 9 أشخاص من الجوع اليومي وسوء التغذية نتيجة لذلك.

وتعتبر الأمم المتحدة أن تزايد عدد السكان على كوكب الأرض يستدعي بإلحاح معالجة الكميات الكبيرة من الطعام المفقود والمهدر حول العالم، مع التركيز على المخاطر التي ينطوي عليها تغير المناخ، والاستدامة الزراعية، والإمدادات الغذائية. 

وورد التأكيد على ضرورة الحد من فقد الأغذية وهدرها في خطة التنمية المستدامة لعام 2030، والتي تدعو إلى خفض نصيب الفرد من نفايات الطعام العالمية إلى النصف على مستوى البيع بالتجزئة والمستهلكين، فضلاً عن الحد من خسائر الغذاء على طول الإنتاج والإمداد السلاسل.

ورغم أن الدول والمؤسسات الدولية تبذل جهوداً مستمرة للقضاء على الجوع، فإنها لم تنجح في الحد من الظاهرة، لأن العالم يحتاج إلى زيادة سنوية في الإنتاج الزراعي العالمي بنسبة 70 بالمئة حتى عام 2050 لإطعام 9 مليارات نسمة، وهم عدد سكان الأرض المتوقع بحلول هذا التاريخ.

ويتوقع أن يتسبب الاحتباس الحراري في انخفاض الكميات المنتجة من الغذاء بنسبة 5.5 بالمئة حتى عام 2050، إضافة إلى زيادة متوقعة في الأسعار بمعدل يصل إلى 29بالمئة في حال ثبات باقي العوامل المؤثرة على الإنتاج والتسعير.

وبذلك تضيف ظاهرة الاحتباس الحراري إلى العالم ما يصل إلى 183 مليون جائع بحلول عام 2050، وفقاً لتقديرات الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC) التابعة لمُنظمة الأمم المتحدة.

الغذاء التقليدي

بدوره، اعتبر استشاري التثقيف والإعلام الغذائي بمصر الدكتور مجدي نزيه، أن جميع الجهود الدولية والأممية بشأن الحد من الهدر الغذائي جيدة، لكن تأثيرها لا يزال محدود للغاية.

وأوضح نزيه في تصريح خاص لـ«جسور بوست»، أن معظم هذه الجهود لا تقابل باهتمام شعبي لترشيد الاستهلاك والمشتريات وتحسين سبل تخزين الأغذية في مختلف دول العالم.

وأضاف: "الوعي الشعبي بشأن مخاطر الهدر والفقد الغذائي في أدنى مستوياته عالميا، ويجب توعية المستهلكين بترشيد الاحتياجات والمشتريات وأفضل طرق التخزين والتبريد للسلع الغذائية".

ودعا إلى ضرورة توجيه الشعوب إلى ما يسمى بـ"النمط الغذائي والتغذوي التقليدي"، والذي يعتمد على الخضراوات والمسلوقات والمشويات، مقابل تجنب المقليات والأنماط الغذائية غير الصحية.

واقترح نزيه التشجيع على زراعة أسطح المنازل والشرفات بالمحاصيل الغذائية، والتي يمكن أن تتنوع بين الورقية (الجرجير والبقدونس مثالا)، والخضراوات، بهدف تخفيض الاستهلاك من الأسواق وخفض الإنفاق ومن ثم دعم الاقتصاد الوطني.

وتابع: "هذا المشروع إلى جانب أهميته الاقتصادية في إنتاج الغذاء، فإنه يساهم في إنتاج الأكسجين من خلال عملية التمثيل الضوئي، وبالتالي يصبح صديقا للبيئة في مواجهة مخاطر ظاهرة التغير المناخي".


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية