جدل حول تعيين الإماراتي سلطان الجابر رئيساً لمؤتمر المناخ (كوب 28)
بعد مرور أسبوعين على تعيين الدكتور سلطان الجابر، الإماراتي، رئيسا لمؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب 28) الذي ستستضيفه دولة الإمارات في نهاية عام 2023، قامت مئات المنظمات غير الحكومية حول العالم بإصدار رسالة مفتوحة موجهة للأمم المتحدة.
في هذه الرسالة، دعا الموقعون إلى عدم منح العاملين في القطاع النفطي الفرصة لرعاية المحادثات المتعلقة بالمناخ، مشيرين إلى مخاوفهم من استغلال منصبه كرئيس تنفيذي لشركة بترول أبوظبي الوطنية (أدنوك) للتأثير على القرارات المتعلقة بالتغير المناخي لصالح صناعة النفط في دولة الإمارات.
وبالرغم من أن معظم من سبقوه كانوا يشغلون مناصب حكومية مرتبطة بالطاقة والبيئة، يعتبر الإماراتي سلطان الجابر أول مسؤول في شركة نفطية يتولى هذا المنصب في قمة الأمم المتحدة للتغير المناخي، وقد تمكن الجابر من تحقيق جوائز دولية وأممية في مجال الطاقة النظيفة، ومع ذلك، لا يزال يواجه انتقادات من منظمات حقوق الإنسان التي تعارض تعيينه.
بعد دراسة وتحليل العديد من التصريحات التي أثارت الشكوك حول استضافة دولة الإمارات لمؤتمر (كوب 28)، تبين أن هذه المنظمات غير معنية بقضايا المناخ لعدم اختصاصها في علوم البيئة والأرض، فعادة ما تعمل هذه المنظمات في مجالات حقوق الإنسان والحريات العامة، ويركز بعضها على القضايا العرقية والدينية.
قبل عام 2019، يمكن القول إن هذه المنظمات لم يكن لها دور في النشاطات المتعلقة بالمناخ، حيث كان النهج السابق للأمم المتحدة في مناقشات المناخ يستند إلى مصطلح "البشر" وتأثير التغيرات المناخية على "الحياة البشرية"، ولم تكن هناك أدلة علمية تدعم تمييز فئات محددة من البشر على حساب غيرهم في ما يتعلق بالقضايا البيئية.
وفقا للصحيفة الرسمية رقم 38، التي أصدرتها مفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان، أطلقت المقررة الخاصة في مجال الحقوق الثقافية نداء لتحقيق تكامل في السياسات والخبرات بين المنظور البيئي والمنظور الثقافي ومنظور حقوق الإنسان على جميع المستويات.
بعد ذلك، توسعت الأمم المتحدة في مفهومها لمصطلح "البشر" المتأثرين بالتغير المناخي، حيث تم تصنيف البشر على عدة مستويات وفقا لثقافاتهم ومراحل حياتهم وتنوع توجهاتهم الجنسانية، بدلا من التصنيف الجغرافي السابق الذي كان يعتمد على المناطق الأكثر تضررا من التغيرات المناخية.
وبالتالي، يتبين أن الفئات الأكثر تأثرا في الوقت الحاضر تشمل النساء والأطفال والمهاجرين وذوي الإعاقة، بالإضافة إلى فئات أخرى مثل كبار السن والأقليات الفقيرة والعرقية والإثنية، وفقا لما نشر على الموقع الرسمي لمفوضية الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان.
وتبعا لذلك، يمكن القول إن إعادة صياغة فلسفة المنظورات الأممية المتعلقة بالفئات المتأثرة بتغير المناخ من التصنيف الجغرافي إلى التصنيف الثقافي كان السبب وراء تحوّل مجال العمل المناخي من التركيز على قضايا البيئة بشكل علمي إلى التركيز على قضايا حقوق الإنسان بشكل نظري.
وقد بدا ذلك واضحا من خلال المصطلحات الحقوقية التي استخدمتها المنظمات غير الحكومية في بياناتها ومنشوراتها الإعلامية للتعبير عن رفضها تعيين الإماراتي سلطان الجابر رئيسا لمؤتمر المناخ.. وبالفعل، لم تعكس هذه المصطلحات أي اهتمام فعلي بالقضايا المتعلقة بالتغير المناخي والحفاظ على البيئة، ما أدى إلى حدوث هذه الأزمة الجدلية حول النهج الإماراتي وتطبيقاته للعدالة المناخية.
وفي سياق يبرز مدى الانحراف في الفلسفة الأممية المتعلقة بالقضايا المناخية، يمكن أن نستشهد بموضوعية كاتارينا رال، الباحثة البارزة في قسم البيئة وحقوق الإنسان بمنظمة هيومن راتس وتش، التي حذرت المشاركين في مؤتمر كوب 28 من نظام القوانين المعمول به في دولة الإمارات، الذي يحظر بشدة أي إساءة للديانات، وعلى وجه الخصوص الإسلام، واعتبرت هذا التقييد تهديدا للمشاركين في المؤتمر الإماراتي للمناخ.
يمكن اعتبار الفلسفة التي تربط بين قضايا التغير المناخي وحقوق الإنسان من قبل المنظمات الحقوقية غير المختصة بالشؤون المناخية بمثابة انحراف عن المنهج العلمي المتعلق بالتغير المناخي، كما يعد مؤشرا على فشل المنظمات الحقوقية في تقديم حلول قانونية مناسبة من خلال قنواتها الرسمية وليس التشويش على المؤسسات البيئية القائمة على الدراسات والأبحاث العلمية.
لقد تبنت دولة الإمارات نهجا واقعيا وعلميا في التعامل مع أزمة التغير المناخي، من خلال إنشاء بيئة تشجع على التعاون بين الخبراء، ولا سيما الشركات التجارية في قطاع النفط والمؤسسات البحثية البيئية، وهو ما أشار إليه المبعوث الأمريكي للمناخ جون كيري، الذي رفض فكرة استبعاد الإماراتي الدكتور سلطان الجابر من رئاسة مفاوضات الأمم المتحدة بشأن المناخ، “معتبرا أن اختياره رائع لأنه رئيس شركة نفطية ويعلم من أين وكيف نبدأ بالتحول التدريجي”، من أجل بيئة مستدامة بشكل منهجي مع الواقع الاقتصادي والحياة البشرية، وليس عبر مروجي النظريات غير المحسوبة التي أضرت بمفهوم العدالة المناخية.