كيف نقي أبناءنا من شر التطرف؟

كيف نقي أبناءنا من شر التطرف؟

يهتم هذا الكتاب بكيفية وقاية الأسر من صدمة خروج شخص متطرف من داخلها، ويناقش بعمق التعاليم والمناهج التربوية السرية التي تنتج فرداً قابلاً للتطرف ومهيئاً لقبول فكرة الانخراط في جماعات مغلقة وسرية تمارس العنف والإرهاب ضد الدول والمجتمعات.

 

الكتاب الصادر عن دار سما للنشر والتوزيع في القاهرة للأديب والباحث والكاتب الصحفي المصري هشام النجار، المتخصص في شؤون الإسلام السياسي، يتتبع ما تمارسه بعض الأسر في حياتها اليومية، وهي لا تدري أنه مغذيات تتراكم يوماً وراء الآخر لإنسان الجمود والتطرف داخل الإنسان الطبيعي، حتى تأتي مرحلة ويطغى ما ترعرع من جمود وتطرف حينما تتهيأ فرصة التأثير الخارجي ويتعرض لمغريات الاستقطاب والتجنيد.

 

ويطرح في المقابل القيم التربوية والمبادئ المنهجية التي ينبغي أن تنتشر وتطبق كأساس لبناء أفراد محصنين على المدى البعيد من التماهي مع الفكر المتطرف التكفيري، وقادرين على صده والنفور منه ساعة التعرض لمؤثراته تلقائياً وذاتياً.

 

المعضلة الثانية التي يتفاعل معها الأستاذ النجار في كتابه القيم الواقع في نحو أربعمائة صفحة من القطع المتوسط، موصولة بوجود أعداد كبيرة من الشباب والمراهقين بالفعل ونتيجة عوامل كثيرة، معتنقين للفكر المتطرف ومنحازين لتوجهات جماعة الإخوان المسلمين والجماعات التكفيرية وقناعاتها، بمعنى أننا بسبب طبيعة أوضاع المنطقة العربية ومتغيراتها طوال العقد الفائت والمستجدات التي طرأت على الوضع الإقليمي والمحلي ووجود قوى رعت ومولت مادياً وإعلامياً هذه الحالة، فنحن أمام أعداد ليست قليلة من الشباب يعتنقون أفكاراً مغلوطة تبيح العنف والإرهاب، والأمر اللافت أن الحوار مع هؤلاء في أدنى مستوياته حيث نفتقد المبادرات اليومية على المستوى العام.

 

 

وإذا حدث وتجرأ أحدهم ودخل في حوار مع واحد من هؤلاء الشباب، فهو يفتقر للثقافة العامة وللمنهجية الفكرية التي يستطيع من خلالها توجيه مسار الحوار لصالحه والانتصار لفكر الوسطية والاعتدال وإقناع هذا الشاب بالتخلي عمّا يعتنقه من أفكار متطرفة.

 

يرصد الكتاب الأفكار والمناهج الرئيسية المؤسسة للفكر المتطرف، ويقوم بتفكيكها وتحليلها ونقدها بشكل متطور وغير تقليدي، يتيح لكل أحد امتلاك القدرة المعرفية والفكرية على الصمود أثناء النقاش مع شخص متطرف وعلى معالجة تبريراته ومناوأة خدعه وملاحقة تأويلاته المحرفة بما يدحضدها من تفسير منطقي عقلاني متناسق مع صحيح الدين الحنيف ومتطلبات الواقع المعاصر.

 

ولعل الجميل وما يميز هذا الكتاب هو أن المؤلف أجرى حواراً سياسياً متخيلاً مع شخص متطرف، حلل الكاتب خلاله بالنقد الموضوعي وبالرؤية السياسية الواقعية مواقف جماعة الإخوان وحلفائها التكفيريين طوال السنوات الماضية خاصة أثناء صعودهم للمشهد السياسي عقب أحداث عام 2011 وبعد عزلهم عن السلطة في يونيو 2013.

 

يذهب المؤلف إلى أن هذه الرؤى السياسية لا غنى عنها كرافد وداعم للشقين التربوي والفكري لتوظيفها والاحتجاج بها خلال أي نقاش يجريه أحدنا مع واحد من المتطرفين أو من المتأثرين والمتعاطفين مع فكر ورؤية جماعة الإخوان السياسية.

 

وبذلك يصبح هذا الكتاب مستوعباً للمعالجات التربوية والفكرية والسياسية معاً للفكر المتطرف، في أول تجربة توظف هذه الأدوات مجتمعة بغرض تأسيس معرفة شاملة لا تترك ثغرة ينفذ من خلالها هذا الخطر الداهم إلى أسرنا ومجتمعاتنا وأوطاننا.

 

يركز الأديب هشام النجار في مؤلفه هذا على حالة شائعة وتسبب حيرة للمجتمع وهي خروج متطرف من وسط اجتماعي طبيعي ومن داخل أسرة لا تعاني تفككاً ولا أوضاعاً اقتصادية متردية، وهذا ما يدفعه لمناقشة معمقة حول التعاليم والمناهج التربوية التي تنتج فرداً قابلاً للتطرف.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية