اليوم الدولي لمحو الأمية.. جهود عالمية لتقليل الفجوة الرقمية

اليوم الدولي لمحو الأمية.. جهود عالمية لتقليل الفجوة الرقمية
اليوم الدولي لمحو الأمية

خبير تربوي لـ"جسور بوست": محو الأمية يعد عنصراً أساسياً في تحقيق الديمقراطية والتنمية المستدامة بالعالم

 

باضطراب مستمر في مسار محو أمية الأطفال والشباب والكبار، تتكثف الجهود الدولية لإزالة آثار عدم المساواة في الانتفاع بفرص تعلم القراءة والكتابة وتقليل الفجوة الرقمية.

ويحيي العالم اليوم الدولي لمحو الأمية في 8 سبتمبر من كل عام، بهدف التذكير بأهمية الحق في التعليم لجميع المواطنين وخطورة الأمية على استراتيجيات التنمية في مختلف دول العالم.

وتقول الأمم المتحدة، إن 773 مليون شاب وبالغ يفتقرون إلى المهارات الأساسية في القراءة والكتابة، كما لم يبلغ نحو 617 مليون طفل ومراهق الحد الأدنى من مستويات الكفاءة في القراءة والحساب.

وبسبب أزمة تفشي جائحة كورونا، تعرضت مسيرة التعليم إلى اضطراب غير مسبوق بسبب إغلاق المدارس، ما أدى إلى تفاقم أوجه عدم المساواة في الانتفاع بفرص بناءة لتعلم القراءة والكتابة في العالم.

وغاب هدف محو أمية الشباب والكبار عن خطط الاستجابة الوطنية للأزمة التي دفعت العديد من برامج محو الأمية الأخرى إلى تجميد نشاطها المعتاد في البلدان النامية.

وتؤكد الأمم المتحدة أن الأزمة العالمية لم تحل دون بذل الجهود الرامية إلى إيجاد سبل بديلة لضمان استمرار التعلم، على غرار التعلم عن بعد الذي كان مشفوعاً في بعض الأحيان بالتعلّم الوجاهي، لكن فرص تعلم القراءة والكتابة لم تكُن موزعة توزيعاً متساويا.

وأدى التحول المباغت إلى التعلم عن بعد أثناء جائحة كورونا إلى تنامي الفجوة الرقمية على صعيد الاتصال بالإنترنت، فضلاً عن القدرة على استخدام التكنولوجيا، وأبرز هذا التحول أشكال التفاوت في الخدمات الأخرى مثل الانتفاع بالكهرباء، الأمر الذي يقوّض فرص التعلم.

وجاءت الجائحة بمثابة تذكير صارخ بالأهمية الحاسمة لمحو الأمية، التي لا تقتصر على كونه لبنة من لبنات الحق في التعليم نظراً إلى دوره في تمكين الأفراد وتحسين ظروف حياتهم من خلال توسيع إمكانياتهم ليعيشوا الحيـاة بشكل أفضل.

ويُعتبر محو الأمية أيضاً بمثابة محرك للتنمية المستدامة، فضلاً عن كونه جزءاً متأصلاً في التعليم وشكلاً من أشكال التعلّم مدى الحياة المبنيّة على أساس الإنسانية، كما هو منصوص عليه في أهداف خطة التنمية المستدامة 2030.

ويضطلع محو الأمية بأهمية مركزية كشكل من أشكال التعافي من أزمة كورونا ومحوره الإنسان، وذلك مع التركيز بصفة خاصة على التفاعل بين محو الأمية والمهارات الرقمية التي يحتاجها الشباب والكبار غير الملمّين بمهارات القراءة والكتابة.

فجوة رقمية

وتعتبر الأمم المتحدة أن اليوم الدولي لمحو الأمية بمثابة فرصة للحكومات ومنظمات المجتمع المدني وأصحاب المصلحة، لإبراز التحسينات التي طرأت على معدلات الإلمام بالقراءة والكتابة، وللتفكير في بقية تحديات محو الأمية الماثلة أمام العالم.

وتعد قضية محو الأمية هي عنصر جوهري في أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة وجدول أعمال الأمم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة، والتي يأتي أبرزها الحصول على التعليم الجيد وفرص التعلم في أي المراحل العمرية. 

وتقول الدراسات الدولية، إن النظم التعليمية يجب أن تتيح التدريب التعليمي لتلبية حاجات الأجيال الشابة التي لم تدخل معترك الحياة بعد، وأجيال البالغين التي لم تستفد من الحد الأدنى الأساسي من التعليم الابتدائي.

وتنصح أن تشتمل خطط التعليم الوطنية على مفاهيم التعليم للأطفال وتدريب محو الأمين للبالغين، بوصفهما عنصرين متوازيين.

وكان لظهور جائحة كورونا مطلع عام 2020 تأثيرا في تصاعد دور تكنولوجيا المعلومات وتقنية الحواسيب، ما أدى إلى وقوع فجوة رقمية بين الذين يستطيعون استخدام الإنترنت ووسائل الاتصالات الحديثة، والذين لا يستطيعون استخدامها ولا يجيدون القراءة والكتابة.

وجه الديمقراطية     

بدوره، قال الخبير بالمركز القومي للبحوث التربوية بمصر الدكتور كمال مغيث، إن متطلبات الاندماج والتفاعل مع العصر الحديث باتت قائمة على عالم معقد ومتخم بالتحديات على جميع الأصعدة المحلية أو الإقليمية أو الدولية.

وأوضح مغيث في تصريح لـ"جسور بوست" أن الأمية في عصرنا لم تعد تقتصر على عدم القراءة والكتابة فحسب، بل تصل إلى الأمية الوظيفية لغير المؤهلين بمواكبة متطلبات سوق العمل، والأمية الثقافية والتكنولوجية وغيرها.

وأضاف: "مع تدهور الظروف الاقتصادية العالمية تزداد معدلات التسرب من التعليم، وتكون الفئات الأكثر فقرا واحتياجا هي الأكثر استعدادا لإنتاج الأمية، بسبب تغليب أولوية البحث عن فرص عمل ومورد للرزق".

ومضى مغيث قائلا: "الاهتمام بالتعليم قيمة أساسية في جميع الحضارات بالعالم، لكن الجهود الدولية لمحو الأمية لا تزال تمر بمراحل تعثر في كثير من الأحيان وفي مختلف دول العالم على السواء".

وتابع: "استراتيجيات محو الأمية تعد عنصرا أساسيا في تحقيق الديمقراطية والتنمية المستدامة على المستويات المحلية، أما على المستوى الدولي فإن ثورة الاتصالات والذكاء الاصطناعي باتت لغة أساسية في حياة الناس اليومية، ومن ثم تكون القراءة والكتابة فريضة دولية".

واختتم مغيث حديثه بأن "محو الأمية يعد عاملا أساسيا في تحقيق الأمن الإنساني على مستوى العالم، لا سيما وأن التعلم والوعي يساهمان في تقليل المخاطر البيئية والوبائية وغيرها".  


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية