أمريكا تتخلى عن جزء من مخزونها النفطي لتحفيز التعافي الاقتصادي العالمي

أمريكا تتخلى عن جزء من مخزونها النفطي لتحفيز التعافي الاقتصادي العالمي

 

في الوقت الذي تسعى فيه دول العالم للهروب من أزمة اقتصادية عالمية وموجه كساد، ومحاولاتها لإنعاش اقتصاداتها المنهكة بعد عامين من الإغلاق والركود بسبب تفشي كورونا، تأتي أسعار النفط، بوصفه السلعة الإستراتيجية الأهم لجميع دول العالم، لتهدد تلك المساعي، حيث تؤثر أي تغيرات في أسعاره على اتجاهات نمو الاقتصاد العالمي.

 

 

وتتجه أسعار النفط نحو إنهاء الأسبوع الجاري على انخفاض بعد تحركات حادة صعودا وهبوطا خلال نوفمبر الجاري مدفوعة بارتفاع الدولار وتكهنات قوية بشأن عزم إدارة الرئيس جو بايدن الإفراج عن جزء من الاحتياطي البترولي الإستراتيجي لتهدئة الأسعار، التي وصلت إلى أعلى مستوياتها في 7 أعوام في أواخر أكتوبر الماضي.

 

 

وفي الوقت الذي طالبت الإدارة الأمريكية بعض أكبر الدول المستهلكة للنفط في العالم دراسة استخدام احتياطياتها من الخام لتحفيز التعافي الاقتصادي العالمي، قاومت (أوبك+) التي تضم أوبك وروسيا وحلفاء، دعوات من الرئيس الأمريكي لتسريع وتيرة زيادة المعروض، واتفقت الأسبوع الماضي على التمسك بخطط إضافة 400 ألف برميل يوميا إلى السوق خلال ديسمبر.

 

وسجلت أسعار النفط العالمية أمس الأربعاء، انخفاضاً لأكثر من 3%، حيث بلغ سعر البرميل “برنت” أقل من 80 دولاراً، وذلك للمرة الأولى منذ 7 أكتوبر، ليبلغ 79.9 دولار للبرميل، بينما انخفض سعر العقود الآجلة لنفط غرب تكساس الوسيط بنسبة 3.32%، ليبلغ سعر البرميل 77.09 دولار.

 

الاحتياطات الأمريكية

 

وتراجعت أسعار النفط، خلال تعاملات أمس الأربعاء، بعدما أظهر تقرير أن مخزونات البنزين الأمريكية انخفضت بأكثر من المتوقع في الأسبوع الماضي، وهو الأمر الذي قد يكثف الضغوط على بايدن للسحب من احتياطيات الطوارئ النفطية من أجل وضع حد لارتفاع أسعار الوقود، حيث تعد الولايات المتحدة هي أكبر مستهلك للنفط في العالم.

 

وعبر الرئيس الأمريكي، عن وجود حاجة لمزيد من الإجراءات بسبب ارتفاع أسعار الطاقة، مؤكداً أنه لا يقبل أن يدفع الأمريكيون المزيد من المال مقابل ارتفاع هذه الأسعار.

 

وخفضت الولايات المتحدة مخزونها البترولي الإستراتيجي 3.2 مليون برميل الأسبوع الماضي إلى 606.15 مليون برميل، وهو أدنى مستوى منذ 2003.

 

 

وأفادت إدارة معلومات الطاقة الأمريكية بأن مخزونات البنزين هبطت الأسبوع الماضي إلى 212 مليون برميل، أدنى مستوى منذ نوفمبر 2017، فيما تراجعت مخزونات نواتج التقطير الأسبوع الماضي إلى 123.7 مليون برميل، أدنى مستوى منذ إبريل 2020.

 

 

ويدرس الرئيس الأمريكي السحب من الاحتياطيات الإستراتيجية للنفط لتهدئة أسعار البنزين التي سجلت ارتفاعات قياسية في كاليفورنيا هذا الأسبوع، لكن آراء المشرعين متباينة بشأن ما إذا كان ذلك ضرورياً.

 

 

ويقول محللون إن السحب من الاحتياطي الإستراتيجي لن يحقق سوى انفراجة مؤقتة في السوق، والمطلوب هو زيادة المعروض من الولايات المتحدة أو من منتجي النفط الصخري أو من “أوبك”.

 

 

وأفادت صحيفة “ساوث تشاينا مورنينج بوست” نقلاً عن مصدر “مجهول”، بأن الولايات المتحدة أثارت تحريراً محتملاً للاحتياطيات من الصين خلال القمة الافتراضية هذا الأسبوع مع الرئيس شي جين بينج، وقالت إن بكين منفتحة على الطلب لكنها لم تلتزم بإجراءات محددة.

 

 

ضغوط على (أوبك+)

 

وتلقت (أوبك+) العديد من الدعوات والمطالب لزيادة الإنتاج، في مقدمتها دعوة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، وكبار مستشاريه إلى تعزيز الإنتاج سعياً لمواجهة صعود أسعار البنزين الذي يهدد التعافي الاقتصادي في كل بلدان العالم.

 

 

وانتقد جاك سوليفان، مستشار البيت الأبيض، كبار منتجي النفط لما وصفه بزيادة غير كافية للإنتاج، في ظل تعافي اقتصادات من جائحة “كوفيد-19” العالمية، قائلاً: “ببساطة هذا غير كافٍ في لحظة حرجة للانتعاش العالمي”، بحسب ما نقلت رويترز.

 

 

وقال ستيفن برينوك من (بي.في.إم للسمسرة في النفط): “سوق النفط تسير دون إرادة نحو فوائض المعروض”، مضيفاً: “ستحتاج أوبك وحلفاؤها على أقل تقدير إلى وقف تخفيف القيود على الإمدادات في العام الجديد”، محذراً: “سيؤدي عدم اتخاذ أي إجراء إلى تضخم مخزونات النفط العالمية مرة أخرى”.

 

 

اختلافات حول عودة “الطلب”

 

وقالت وكالة الطاقة الدولية هذا الأسبوع، إنه بينما يظل نمو الطلب قوياً، فإن العرض يتعافى، متوقعة تراجع انتعاش سوق النفط، إذ ساعدت الأسعار التي سجلت أعلى مستوى لها في 3 سنوات الشهر الماضي في زيادة المعروض العالمي.

 

 

وأضافت الوكالة: “سوق النفط العالمية لا تزال تشهد شحاً بكل المقاييس، لكن انحسار ارتفاع الأسعار قد يكون في الأفق بسبب زيادة إمدادات النفط”.

 

 

ووافقها الرأي، بنك “جيه بي مورجان تشيس”، مشيراً إلى أن الطلب العالمي على النفط في نوفمبر عاد تقريباً إلى مستوياته قبل الجائحة عند مستوى مئة مليون برميل يومياً.

 

 

في غضون ذلك، قالت منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، إن الفائض قد يظهر قريبًا مع تعثر الانتعاش من الوباء.

 

 

توقعات بتجاوز حاجز الـ100

 

وذكرت وكالة “بلومبرج” أن الولايات المتحدة والهند واليابان ودولاً أخرى تمارس “أقوى ضغوط دبلوماسية على أوبك منذ فترة”، سواء بشكل علني أو بشكل مغلق، لدفعها لزيادة الإنتاج خوفاً من ارتفاع الأسعار وتخطيها حاجز الـ100 دولار خلال العام المقبل 2022.

 

ويرى المراقبون أن اليابان اتخذت خطوة نادرة لنفسها وانضمت إلى هذه الدعوات، في حين لا تزال الصين صامتة، لكنها تشترك في وجهة النظر هذه.

 

وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد صرح في منتصف أكتوبر في الجلسة العامة لأسبوع الطاقة الروسي، بأنه يرى أن من “الممكن جداً” أن يصل سعر برميل النفط إلى 100 دولار، مؤكداً أن روسيا تبذل “كل ما في وسعها من أجل استقرار سوق النفط بشكل كامل”.

 

الاحتياطي الأمريكي

 

تم إنشاء احتياطيات النفط الإستراتيجية الأمريكية في 1975 للتصدي لصدمات النفط. ويمكن أن تبلغ هذه الاحتياطيات المدفونة في كهوف ملح ضخمة يصل عمقها إلى 800 متر على طول ساحل خليج المكسيك، 714 مليون برميل من الذهب الأسود.

 

 

وحالياً، يبلغ مستوى المخزونات 609 ملايين برميل وفقاً لآخر بيانات وزارة الطاقة الأمريكية، وهو ما يعادل 6 أشهر من استهلاك النفط الخام في الولايات المتحدة، التي تعد أكبر مستهلك للنفط في العالم.

 

ويمنح القانون الرئيس الأمريكي الحق في سحب ما يصل إلى 30 مليون برميل خلال 60 يوماً أو أكثر، في حال حصول انقطاعات خطيرة في إمدادات الطاقة.

 

وفي 1991، أمر الرئيس جورج بوش الأب بسحب قرابة 17 مليون برميل خلال حرب الخليج الأولى، وفي 2005، أمر جورج بوش الابن بسحب 11 مليون برميل من هذه الاحتياطيات بعد إعصار كاترينا الذي دمّر لويزيانا ومنشآتها النفطية، وفي عام 2011، أمر باراك أوباما بسحب 30 مليون برميل للتعويض عن انقطاع تسليم النفط من ليبيا.

 

وفي 2001 بعد هجمات الـ11 من سبتمبر مباشرة، أمر الرئيس بوش الابن بإجراء احترازي يتمثل في ملء الخزانات إلى حدّها الأقصى.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية