التنمر الإعلامي والانتخابي!

التنمر الإعلامي والانتخابي!

نشهد تنمراً إعلامياً وانتخابياً مكثفاً وموجهاً في منصات التواصل الاجتماعي والحسابات الإخبارية الإلكترونية ضد بعض المرشحين لانتخابات 2022 من جهة، وبين بعض المرشحين من جهة ثانية، من دون أدنى مسؤولية أخلاقية واجتماعية وسياسية وإدراك لهذا التلويث والتخريب.
ظاهرة التنمر هي ظاهرة اجتماعية سلوكية يعاني منها المجتمع الكويتي منذ عشرات السنين في المدارس والشوارع والعمل، مثلها مثل ظاهرة العنف الآخذة بالتمدد والانتشار منذ زمن طويل في شتى ميادين الحياة وعلى المستوى التعليمي والتربوي والوظيفي والسياسي بشكل خاص.

فالتنمر بلغ حد الاستخفاف بالقوانين وكسرها بالعلن، وكأنها بطولة اجتماعية وسياسية ووظيفية بالرغم من كونها من الممارسات الشاذة التي تحولت إلى داء سلوكي خبيث في ظل بيئة حاضنة للعصبية القبلية والطائفية والفئوية والعائلية.

بلا شك أن كثافة الحسابات الإعلامية الإلكترونية المرخصة من وزارة الإعلام تتطلب إعادة النظر والتنظيم وليس تغليظ الرقابة والتضييق عليها، فالحريات يجب عدم المساس بها كما صانها دستور الدولة، ولكن ثمة نوافذ ووسائل أخرى للتنظيم والتهذيب للحوار.

ولعل تنظيم عمل الحسابات الإخبارية الإلكترونية وتهذيب الحوار الإعلامي على نحو رصين وحصيف من شأنه أن يقود إلى ضغط على المرشحين بالتقيد بأدب الحوار وعدم الخروج عنه لتسود أخلاقيات سياسية واجتماعية محمودة وليس فوضى التنمر والتلويث الأخلاقي.لقد جاءت الانتخابات النيابية الحالية بعد القرار السامي بحل مجلس الأمة السابق بهدف إنقاذ الدولة والمجتمع من الانزلاق نحو هاوية الصراعات السياسية والاجتماعية، وهو ما يضاعف المسؤولية على جميع الأطراف المعنية بما فيها الشعب بالدرجة الأولى بحسن الاختيار لنواب الأمة.

ويجب ألا نطوي صفحات من النعرات العصبية والدينية التي قادت إلى تنفيذ عمليات إرهابية في الدولة لاستهداف مكونات المجتمع ودور العبادة على أيادي أبناء المجتمع الواحد، فالتصدي للعصبية التي فتكت بنسيج المجتمع في السنوات الأخيرة هي مسؤوليتنا جميعاً.

انتقل تنمر الأطفال في المدارس إلى الكبار في الميدانين السياسي والإعلامي وانتشار مظاهر السخرية في المنصات وحسابات الإخبارية كنتيجة حتمية لغياب الثقافة الاجتماعية والسياسية كاحدى الركائز لتطور الدول والمجتمعات نحو الاستنارة والتسامح والتعايش الفكري.

لا ينبغي التقليل من أهمية الدور الشعبي والناخبين ككل بالانتخابات النيابية، فالمرشحون أصحاب المواقف العدائية والغوغائية والانتقائية السياسية لن يأتي منهم سوى المزيد من الضرر العميق على البلد والمجتمع والنظام الديموقراطي خاصة، وهو ما يضاعف المسؤولية بحسن اختيار نواب الأمة.

ولا ينبغي التهاون مع ظاهرة التنمر الإعلامي والانتخابي، فالتساهل مع هذه الظاهرة من شأنه أن يجعل قبة عبدالله السالم ساحة للاصطفاف القبلي والطائفي والفئوي والعائلي ونافذة للتنمر على الغير من النواب والآخرين خارج مجلس الأمة ومظلة للقدح غير المباح.


نقلا عن “العربية”


كاتب المقال: خالد الطراح صحافي وإعلامي كويتي


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية