الصوراني لـ«جسور بوست»: حقوق الإنسان في فلسطين الأسوأ منذ 55 عاماً

الصوراني لـ«جسور بوست»: حقوق الإنسان في فلسطين الأسوأ منذ 55 عاماً
راجي الصوراني في حواره مع جسور بوست

لا يمكن خلق مناخ صحي لحقوق الإنسان في ظل الانقسام الفلسطيني

دور المفوض السامي في فلسطين انتهى على أرض الواقع بسبب إسرائيل

السياسة الأمريكية وأوروبا وراء تعطيل تقارير حقوق الإنسان المتعلقة بفلسطين

هناك ازدواجية في التعامل مع القضية الفلسطينية فضحتها مواقف الدول من الحرب الروسية الأوكرانية 

القضية الفلسطينية لم تأخذ مكانتها في الأجندات الدولية نتيجة سياسات الدول والإرادة السياسية الدولية

الانقسام الداخلي والشرعية.. أخطر أزمتين على حقوق الإنسان في فلسطين

 

أحمد حرب – فلسطين

وصف رئيس الفريق القانوني الفلسطيني بالمحكمة الجنائية الدولية ومدير المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، راجي الصوراني، حالة حقوق الإنسان الحالية في فلسطين بأنها الأسوأ منذ 55 عاما، نتيجة الانتهاكات الإسرائيلية والانقسام الفلسطيني.

وكشف الصوراني، في حواره مع "جسور بوست" عن عراقيل أمام طرح إشكاليات القضية الفلسطينية في المنظمات الدولية، مؤكدا في الوقت نفسه أن المنظمات الحقوقية الفلسطينية أصبحت أكثر صلابة ومهنية.. فإلى نص الحوار:-

كيف ترى حالة حقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية؟

عندما نتحدث عن أوضاع حقوق الإنسان في فلسطين، تحديدا على أجندة إسرائيل، فهي الأسوأ منذ 55 عاما بكل المعايير، لدرجة أن بعض المنظمات الدولية وما وثقناه نحن في المؤسسات الحقوقية الفلسطينية، يؤكد أن الأشهر الثمانية الماضية هي الأكثر دموية وقتلا واحتجازا وتدميرا وحصارا منذ عام 1967 نتيجة الممارسات الإسرائيلية.

قطاع غزة ما زال محاصراً من جميع الاتجاهات، وحرية التنقل للأفراد والبضائع يتم التحكم بها، وهو ما أدى  إلى “خنق اقتصادي واجتماعي”، حيث يعيش 80% من سكان غزة على المعونات الغذائية والنقدية، أما في الضفة الغربية فهناك نظام يمارس عليها الضغوط من خلال الاستيطان وسياسة الاحتجاز.

ورغم بؤس الواقع ما زالت منظمات حقوق الإنسان تعمل بحرية، وهي قادرة على التعبير أكثر عن مواقفها حتى في أكثر الأمور حساسية، صحيح هناك انتقادات وتلويح باستخدام العنف ضدها، لكن المنظمات اشتد عودها ونضجت ولديها من القوة والمناعة ما يعينها على مواجهة السلطات المحلية الفلسطينية إذا ما أرادت انتقادها أو تعطيل عملها.

العلاقة بين المؤسسات الحقوقية والسلطات في غزة والضفة قائمة على احترام وضمان الحد الأدنى من الحقوق لأبناء الشعب الفلسطيني في حرية الرأي والتعبير والاجتماع وممارسة العمل المدني، رغم وجود ممارسات وقرارات تنتقص من هذه العلاقة، مثل تنفيذ عقوبة الإعدام في غزة، وعدم تطبيقها في رام الله، والتضييق على حرية الرأي والتعبير ووجود حالات اعتقال سياسي.

وأسوأ انتهاك يمارس بحق الشعب الفلسطيني من السلطتين في غزة ورام الله، هو استمرار وبقاء حالة الانقسام السياسي الفلسطيني، وهو اللعنة التي أصابت الجسد الفلسطيني، ومن الصعوبة بمكان الحديث عن مناخات صحية تكون فيها حقوق الإنسان في حدها الأدنى دون إنهاء الانقسام الفلسطيني.

ما الدور الذي تلعبه المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان في الأراضي الفلسطينية؟ 

الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي هو صراع مطول ومعقد ويعتبر عبئا ثقيلا بكل المعايير، ومكتب المفوض السامي قدم الكثير وكنا له خير معين في إمداده بالمعلومات والحقائق وقام بكل الإجراءات على المستوى الفني، لكن ونتيجة ما نشره مكتب المفوض من الحقائق والتقارير وأسماء الشركات الدولية المتورطة بعملية البناء الاستيطاني في الضفة الغربية، فرضت إسرائيل عقوبة على مكتب المفوضية السامية بالأراضي الفلسطينية بمنع دخول كل أعضائه للسنة الثالثة على التوالي، وعمليا انتهى وجود المفوض السامي بفلسطين بعقاب إسرائيلي.

أين القضية الفلسطينية من مجلس حقوق الإنسان الأممي؟ وما مصير التقارير التي تم تقديمها في السنوات السابقة؟ 

الأمر لا يتعلق بالحقائق أو التقارير أو النتائج المقدمة لمجلس حقوق الإنسان، فهناك حالة من التفوق الإنساني والأخلاقي والقانوني غير الملتبس موجودة لدى الشعب الفلسطيني، ليس في الأمم المتحدة فحسب، بل أيضا في المحكمة الجنائية الدولية ولا تجرؤ إسرائيل على مواجهة المحاميين الفلسطينيين في المحكمة وتقاطعها باستمرار.

ونحن جعلنا الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي الأسرع توثيقا قانونيا وأبدلنا كل اللغة الأدبية العربية إلى لغة الأرقام والحقائق والأسماء، لذلك حالة التفوق الفلسطيني واضحة للعيان وإسرائيل تقاطعها باستمرار ولا تستطيع أن تواجه في المنطق القانوني، وبالتالي العيب ليس في مجلس حقوق الإنسان إنما في الإرادة السياسية الدولية.

وهناك عاملان رئيسيان وراء تعطيل تقارير حقوق الإنسان المتعلقة بفلسطين؛ الأول هو السياسة الأمريكية والثاني أوروبا من خلال إضفاء الحماية والحصانة القانونية الدولية لإسرائيل عبر التصويت، وهذا ما يعيق تنفيذ القرارات الصادرة عن المجلس الأممي.

لماذا لم تأخذ القضية الفلسطينية مكانتها المستحقة على الأجندات الدولية من حيث النتائج والقرارات؟

لم تأخذ القضية الفلسطينية مكانتها في الأجندات الدولية نتيجة سياسات الدول والإرادة السياسية الدولية، وهذا يقودنا إلى ما يجري في أوكرانيا وطريقة تعامل الدول معها مثل بريطانيا وألمانيا وأمريكا، حيث يدعمون جميعا كييف وقدموا لها الدعم المالي والعسكري ونحن نتحدث عن غزو روسي عمره نحو 6 أشهر، في المقابل هناك غزو تتعرض له فلسطين عمره 55 عاما دون أي استجابة دولية، مشيرا إلى أن هناك ازدواجية في التعامل وهي ليست مشكلة فلسطين إنما مشكلة المجتمع الدولي.

وهذا هو المنطق وراء إعطاء الحصانة لإسرائيل وعدم مساءلتها ومحاسبتها، كل ما ناضلنا به في أدبيات القانون الدولي الإنساني واتفاقيات جنيف هم أخذوه واستخدموه في الحرب الأوكرانية وتجاهلوه في الصراع الفلسطيني– الإسرائيلي.

كيف تقيّم عمل المؤسسات والمراكز الحقوقية العاملة في فلسطين، هل تقوم بدورها وما معيقات عملها برأيك؟ 

نحن فخورون بعمل المراكز والمؤسسات الحقوقية الفلسطينية، وبتقديري ما قامت به أكثر من ناجح رغم ما يحيط بها من ظروف متعلقة بإسرائيل، ولكنها بالرغم من الصعوبات فرضت نفسها على الأرض وهي جزء أساسي ومهم من مكونات المجتمع المدني الفلسطيني، كانت وما زالت وستبقى وهي الجدار الأخير للمقاومة.

ماذا يعني توجه السلطة الفلسطينية إلى المحكمة الجنائية الدولية؟ 

في السنوات الماضية كان يتم منعنا من التوجه إلى المحكمة الجنائية الدولية، لكن خلال حرب عام 2012 على قطاع غزة تحركت فلسطين وأخذت قرارا من الجمعية العامة في الأمم المتحدة بأنها دولة غير عضو، وفي يناير 2015 تم توقيع اتفاقية تعاون مع الجنائية الدولية في مجال تبادل المعلومات.

وأنا كرئيس الفريق القانون الفلسطيني في المحكمة الجنائية الدولية أشعر بالفخر، حيث قمنا بعمل رائع أمام المحكمة، ونسعى الآن لتوحيد المواقف كما تم بشأن أوكرانيا.

كيف ترى مستقبل حقوق الإنسان في فلسطين؟

برأيي أخطر أمرين على حقوق الإنسان بفلسطين، الأول هو الانقسام الفلسطيني، وغير مقبول أن يبقى، وهو عار تتحمل السلطتان في غزة ورام الله وكل الفصائل السياسية الفلسطينية مسؤوليته، وبقاء الانقسام هو عبث بالحالة الحقوقية الفلسطينية.

الأمر الثاني لدينا خطر هيكلي عندما نتحدث عن الشرعية الفلسطينية نحن في مأزق، ولذلك نحن في حاجة إلى تجديد هذه الشرعية ولا توجد طريقة أخرى سوى الانتخابات التشريعية والرئاسية وتفعيل دور الهيئات المحلية، وباستمرار الانقسام ستكون هناك مشكلة حقيقية على الأرض في ظل الهجمات الإسرائيلية التي تستهدف القضاء على الحقوق الفلسطينية.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية