خبراء: أمريكا ورّطت أوروبا في الصراع مع روسيا وتستغل أزمة الغاز لديها

خبراء: أمريكا ورّطت أوروبا في الصراع مع روسيا وتستغل أزمة الغاز لديها

 

يعتقد محللون سياسيون أن حرب البلقان هي حرب أمريكية تسعى واشنطن من خلالها إلى فرض سيطرتها على أوروبا، بذات الوقت الذي تسعى فيه لتوسيع حلف شمال الأطلسي في شرق أوروبا ولتوسيع سوق السلاح، وها هي اللعبة الأمريكية تتكرر باستخدام أوروبا في حربها ضد الدب الروسي لفرض مزيد من الهيمنة وتحقيق انطلاقة اقتصادية بسببها أصبح الدولار العملة الأقوى بعدما كان اليورو يتفوق عليه.

فقد استغلت أمريكا أزمة الغاز لدى الاتحاد الأوروبي وعرضت ما لديها منه بأسعار خيالية، وهو ما أثار استنكار بعض الدول وعلى رأسها ألمانيا.

وأعرب وزير الاقتصاد الألماني روبرت هابيك عن استنكاره لطلب دول "صديقة"، في مقدمتها الولايات المتحدة، من ألمانيا، أسعاراً "خيالية" لتوريد الغاز من أجل تعويض وقف الشحنات الروسية. 

وقال المسؤول الألماني في مقابلة مع صحيفة "نيو أوسنابروكر تسايتونغ"، يوم الأربعاء: "بعض الدول، حتى الصديقة، تحصل أحيانًا على أسعار خيالية". 

وأكد هابيك أن "هذا يطرح مشكلة" داعياً المفوضية الأوروبية إلى "بحث" ذلك مع هذه الدول.

منذ بدء العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا، خفضت موسكو إمدادات الغاز إلى ألمانيا قبل أن توقفها في مطلع سبتمبر، وتمثل واردات الغاز الروسي 55 بالمئة من إمدادات البلاد قبل النزاع. 

لضمان أمن الطاقة والحفاظ على صناعتها التي تستهلك الغاز بشكل كبير، تسعى برلين إلى الحصول على مصادر بديلة وزادت بشكل كبير مشترياتها من الغاز المسال، لكن استيراده مكلف جداً.

لجأت ألمانيا، كحال "القارة العجوز" بأكملها، بشكل خاص إلى الولايات المتحدة التي زادت من صادرات الغاز الطبيعي المسال نحو أوروبا من 28 بالمئة إلى 45 بالمئة بين عامي 2021 و2022. 

لذلك تحدث هابيك عن الموردين الأمريكيين بشكل خاص، وقال الوزير: "لجأت الولايات المتحدة إلينا عندما ارتفعت أسعار النفط بشكل حاد، أعتقد أن مثل هذا التضامن سيكون مفيدًا أيضًا لخفض أسعار الغاز".

في الربيع الماضي، مع ارتفاع أسعار النفط، اعتمدت الولايات المتحدة وحلفاؤها في وكالة الطاقة الدولية على احتياطاتها الاستراتيجية الوطنية لتخفيف الضغط على الأسواق.

كما دعت برلين الاتحاد الأوروبي إلى تنسيق مشترياته من الغاز لخفض الأسعار.

"جسور بوست"، ناقشت الأزمة وتداعياتها ودلالتها مع عدد من المتخصصين.

https://jusoorpost.com/public/uploads/143-234020-us-natural-gas-highest-price-31-months_700x400.jpg

تورط واستغلال

قال أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية، ورئيس المنتدى المصري للدراسات الاقتصادية والاستراتيجية، رشاد عبده، إن الوضع الاقتصادي الأوروبي صعب للغاية، ولقد ورطت الولايات المتحدة أوروبا، وأكبر مؤشر على ذلك قيمة الدولار مقارنة باليورو، وذلك بسبب تأثير منع روسيا للطاقة التي تسببت بدورها بوقف المصانع وتضخم الاقتصاد ومشكلات أخرى ما كانت لتحدث لولا العقوبات التي فرضها الاتحاد الأوروبي على الدب الروسي استجابة لمطالب الولايات المتحدة الأمريكية.

وتابع أستاذ الاقتصاد في تصريحات خاصة لـ"جسور بوست": تستورد الصين ما يلزمها من غاز من روسيا بتخفيضات تصل إلى 25%، ولكن ألمانيا على سبيل المثال تستورد حاليًا من أمريكا اضطرارًا ويكلفها هذا أموالًا طائلة حيث تصل تكاليف نقل الغاز فقط إلى أكثر من 100% من سعره، مما يؤثر قطعًا على تكلفة الإنتاج فتصبح مرتفعة جدًا، وإذا كان المستخدم للسلعة أمام منتجين متنافسين أحدهما ألماني وآخر صيني يبلغ ثمنه نصف الألماني فماذا سيفعل المستخدم؟ وبهذا تكون الميزة التنافسية لدى المنتج الأوروبي غير موجودة.

https://jusoorpost.com/public/uploads/19_2017-636401640526015529-601(18).jpg

أستاذ الاقتصاد والعلاقات الدولية رشاد عبده

واستطرد: لقد استغلت أمريكا أوروبا وآسيا وعلى فترات طويلة الأمد، حيث وقعت معهم اتفاقات طويلة تصل إلى 30 عامًا لضمان الانتفاع منهم حال انتهاء الحرب الروسية الأوكرانية وعودة الأمور إلى طبيعتها مرة أخرى بين جميع الأطراف، ولذا هدد ترامب بتوقيع عقوبات على الدول التي تساهم في بناء خط الغاز الروسي وقتها، كذلك باع الأسلحة لبعض الدول الأوروبية مثل فنلندا والسويد، أيضًا فإن الأموال التي سخرها الغرب لشراء الأسلحة اللازمة لأوكرانيا في حربها ضد روسيا، لم تكن منحة خالصة من الجانب الأمريكي وإنما سددت ثمنها دول الاتحاد، خاصة السلاح المؤثر والصواريخ المتميزة طويلة الأجل والتي أحدثت فرقا بالفعل في الحرب لصالح الأوكران.

وفسر الخبير الاقتصادي انسياق أوروبا وراء أمريكا، قائلًا، إن ذلك بسبب الحماية التي ينشدونها من أمريكا ولقد دفع الاتحاد الثمن من قيمة عملته واقتصاده، في مقابل ارتفاع سعر الدولار الأمريكي.

على أوروبا الحذر وإيجاد حلول

وعلق الخبير الاقتصادي ورئيس مركز العاصمة للدراسات والأبحاث الاقتصادية، خالد الشافعي، بقوله: "إن أمريكا تتعمد استغلال وخلق الأزمات للاستفادة منها اقتصاديًا ولفرض مزيد من الهيمنة وآخر ضحاياها كان الاتحاد الأوروبي بعدما انساق وراء فرض مزيد من العقوبات على الدب الروسي رغم أزمة الغاز، كما فعلت مع العراق وما ادعته من وجود أسلحة نووية لديه كذريعة للسيطرة على منابع البترول، وفرض مزيد من سيطرتها على الخليج، وبالطبع لم تكن هناك أسلحة نووية في العراق.

وتابع: تخوض أوكرانيا حربًا نيابة عن الولايات المتحدة، لتحجيم روسيا، وفي تحقيق هذا الهدف تستغل الجانب الأوروبي كما شاهدنا، والغريب أن الاستغلال قد وصل إلى معدلات غير مسبوقة وهو ما دعا ألمانيا إلى الاستنكار والتعجب، حيث رفعت أمريكا سقف استغلالها للدول الأوروبية ورفعت أسعار الغاز لتحقيق مزيد من الانطلاق للاقتصاد الأمريكي.

https://jusoorpost.com/public/uploads/elbashayer-2022-05-30_189007(7).jpg

الخبير الاقتصادي خالد الشافعي

وأكد الخبير الاقتصادي ضرورة حدوث استفاقة أوروبية، والعمل على إصلاح الأمور واتخاذ إجراءات إصلاحية في ضوء احتياجاتها، إذ لا بد أن تكون لها مطالب خاصة بها، الآن تحدث مظاهرات في ألمانيا للمطالبة بالغاز الروسي، لأنه أوفر وإمداده أقوى، هذه المظاهرات ارتفع سقف مطالبها وهي الآن تطالب برحيل الحكومة التي لم تستطع تلبية طموح الشعب الألماني.

وأردف: وإن كانت الشعوب لا ترغب في دخول صراعات فإن الحكومات لها رأي آخر، فقد أعلن الاتحاد الأوروبي عن حزمة جديدة من العقوبات على روسيا على خلفية ضمه لأربعة مناطق أوكرانية. 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية