الجارديان : إسترايجية صفر كوفيد-19 تهدد الاقتصاد الصيني

 الجارديان : إسترايجية  صفر كوفيد-19  تهدد الاقتصاد الصيني

 

 

حذر تقرير لصحيفة “الجارديان” البريطانية، اليوم الأحد، بكين، من السير في طريقها الانفرادي لتحقيق إستراتجيتها “صفر كورونا”، متوقعاً تبعات اقتصادية سلبية إلى جانب فقد الصين لنفوذها حول العالم.

 

وقال التقرير إن المبالغة الصينية في تنفيذ سياسية الإغلاق حتى الآن تهدد سلاسل التوريد العالمية، وهو ما يغضب الشركاء التجاريين للصين، متوقعاً أن تخفيف القيود في الأسواق العالمية مع استمرار إغلاق الصين، قد يدفع شركاء بكين التجاريين إلى البحث عن شركاء في أماكن أخرى.

 

وبدأ الطعام ينفد من السكان في مدينة شيان غربي الصين، بعد منعهم من شراء احتياجاتهم في ظل الإغلاق الشديد. وفي مقاطعة قوانغشى الجنوبية، تعرض الأشخاص الذين خالفوا القوانين المتعلقة بكوفيد مؤخرا للإهانة علنا من خلال استعراضهم في الشوارع ببذلات من المواد الخطرة حاملين لافتات حول أعناقهم.

 

وأشارت “الجارديان” إلى أن بقية العالم تتعلم ببطء وببعض الصعوبة، التعايش مع كوفيد-19، ولكن في الصين تضاعف السلطات من سياستها “صفر كوفيد”، محاولة القضاء على المرض كلما ظهر، وبأي ثمن.

 

ومن الجوانب الرئيسية لهذه السياسة إغلاق الحدود، ولا يسمح إلا لعدد قليل من الناس بدخول الصين أو الخروج منها، ويواجه أولئك الذين يدخلون البلاد ثلاثة أسابيع من الحجر الصحي الذي تفرضه الحكومة، وهو ما تخلت عنه معظم دول العالم.

 

وفي عدد من البلدان التي كانت تتبنى إستراتيجية “صفر كوفيد”، مثل أستراليا ونيوزيلندا وسنغافورة، أقنعها مزيج من التطعيم الجماعي، ونشر الوعي الاجتماعي، إلى حد كبير، بالبدء في الانفتاح ببطء مرة أخرى على العالم.

 

وداخل الصين، خاطر بعض كبار العلماء والمسؤولين أيضا بالدعوة إلى إعادة فتح مماثلة، اعترافاً بعالم يبدو أن كوفيد سوف يصبح متوطناً فيه.

 

وقال رئيس المركز الصيني لمكافحة الأمراض والوقاية منها، غاو فو، مؤخرا إن البلاد قد تكون مستعدة عندما تمر معدلات التطعيم بنسبة 85٪، متوقعا أن يكون ذلك في أوائل عام 2022.

 

وانضم إليه آخرون، محذرين من أنه حتى القوى الاستبدادية في بكين وغيرها من تدابير الرقابة قد لا يكون كافيا لإبعاد المتغيرات الجديدة.

 

وقال مدير مركز الاستجابة للأوبئة والابتكار في جنوب إفريقيا، توليو أوليفيرا، وهو أحد أعضاء الفريق الذي نبه منظمة الصحة العالمية لأول مرة إلى أوميكرون، على تويتر، إن “الصين ستواجه صعوبة كبيرة مع أوميكرون وسياسة كوفيد صفرية… قد يحتاجون إلى الانضمام إلى بقية العالم مع استراتيجيات التخفيف.. لا ينبغي للصين أن تعاقب موظفي الصحة العامة أو مواطنيها أو الأجانب بسبب متغير أكثر قابلية للنقل”.

 

وأكد تقرير “الجارديان”، أنه وأيا كانت التكلفة، فمن المرجح أن تضغط الصين بقوة لإبقاء الفيروس تحت السيطرة في أغلب هذا العام، قبل حدثين بارزين وعاليي المخاطر.

 

وتستضيف بكين الشهر المقبل، دورة الألعاب الأولمبية الشتوية، وهو تجمع تعصف به بالفعل المقاطعة الدبلوماسية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان، وفي الخريف سوف تجتمع القيادة الشيوعية في مؤتمرها العشرين للحزب، ومن المتوقع أن تمدد رسميا سيطرة شي جين بينج على السلطة لمدة خمس سنوات أخرى.

 

ولن يكون لدى السلطات في بكين رغبة كبيرة في تعريض دورة الألعاب الأولمبية أو مؤتمر الحزب للخطر مع تفشي مرض كوفيد، وهو ما من شأنه أن يرقى إلى اختبار غير منضبط لفعالية التطعيمات المحلية والاستعدادات الطبية.

 

وقال الأستاذ المساعد في جامعة نورث كارولينا في تشابل هيل، التي تركز أبحاثها على الاقتصاد الصحي والنظام الصحي في الصين، ون يوجي سيلفيا: “إن المخاطر الصحية لفتح الصين أمام كوفيد من المرجح أن تكون أعلى مما هي عليه في البلدان التي تخلت عن سياساتها الصفرية في كوفيد”.

 

وقال سيلفيا: “إن هناك عدة أسباب تجعل من المنطقي أن تحافظ الصين على ضوابط صارمة في الوقت الحاضر”، مشيرا إلى ارتفاع الكثافة السكانية واللقاحات الأقل فاعلية، والنظام الصحي الضعيف نسبيا في معظم أنحاء البلاد.

 

ومن المحتمل أن يؤدي التخلي عن صفر كوفيد إلى اندلاع أزمة في المستشفيات والرعاية الصحية من شأنها أن تفتح الانتقادات أمام الحكومة الصينية، مثلما حدث الأسابيع القليلة الأولى من الوباء، عندما كانت المستشفيات في ووهان غارقة وكان عدد القتلى يشمل العديد من المسعفين، والغضب والخوف في جميع أنحاء البلاد.

 

ولفتت “الجارديان” إلى أن الضوابط الصارمة كانت فعالة بشكل مدهش حتى الآن، فعلى مدى الأسابيع الأربعة الماضية، اكتشفت السلطات الصينية 3400 حالة ولم يمت أحد، في حين سجل أكثر من 5.7 مليون شخص إصابات كوفيد في الولايات المتحدة، وتوفي 36 ألف شخص بسبب المرض، ومع انهيار الاقتصادات الأخرى تحت ضغط الوفيات والإغلاقات، واصلت الصين نموها، ولكن إذا استمر مسارها في التباعد عن بقية مسارات العالم، فمن شبه المؤكد أن ترتفع تكاليف وتحديات نهج “صفر كوفيد”.

 

وفي العامين 2020 و2021، وبعد أن تخلصت الصين من تفشي المرض في البداية، ارتفع الإنفاق المحلي، واستأنفت مصانعها إنتاج السلع للعالم، وأضافت اختبارات كوفيد وغيرها من المعدات الطبية إلى خط إنتاجها، ولكن الآن أصبحت الحسابات الاقتصادية أكثر تعقيدا، حيث تؤثر قواعد الإغلاق والحجر الصحي الجديدة الصارمة على كل شيء من سلاسل التوريد العالمية ويتعين على البحارة الراغبين في العودة إلى ديارهم أن يقضوا أسابيع في عزلة.

 

وغضب الشركاء التجاريون من تأثير الرقابة الجديدة المفروضة فجأة على الحدود، وأكدوا أنه إذا استمرت أسواق أخرى في تخفيف الضوابط المتعلقة بـ”كوفيد-19″ على الحركة في حين لا تزال الصين مغلقة، فقد تضطر إلى البحث عن شركاء تجاريين في أماكن أخرى.

 

وبحسب الصحيفة، إذا بقيت بكين مغلقة عن العالم، فإن هذا قد يقلل أيضا من جهود الصين لإبراز نفوذها في مختلف أنحاء العالم، بعد أن كانت سمة بارزة في حكم شي جين بينغ الحازم بشكل متزايد، بما في ذلك مبادرته الرائدة “الحزام والطريق”، التي تقدم الاستثمار والمساعدات في جميع أنحاء العالم.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية