COP26 .. قادة العالم يتفادون الوصول لنقطة اللاعودة

 COP26 .. قادة العالم يتفادون الوصول لنقطة  اللاعودة

في الوقت الذي تتجه في أنظار العالم إلى مدينة جلاسكو الاسكتلندية، خلال الفترة 31 أكتوبر وحتى 12 نوفمبر المقبل، حيث يجتمع قادة من 197 دولة، وعشرات الآلاف من المفاوضين، والمسؤولين والنشطاء، يتباحثون قضية التغير المناخي، أو مايعرف بمباحثات”COP26” ، أكد تقرير حديث للبنك الدولي أن التغير المناخي سوف يشرد عشرات الملايين، حتى لو طبقت مشروعات الحد من تأثيره.

 

وقال نائب رئيس البنك الدولي لمنطقة منطقة شرق وجنوب أفريقيا، حافظ غانم: “ما لم يتم اتخاذ إجراء عاجل على نطاق واسع يمكن أن يضطر 38.5 مليون شخص للنزوح داخليا نتيجة تغير المناخ بحلول 2050“، مضيفا: حتى في حالة اتخاذ خطوات ملموسة لخفض الغازات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري، وتوفير التمويل اللازم للمشاريع المطلوبة للحد من التغير المناخي، فإن ذلك يمكن أن يخفض العدد المتوقع لحالات النزوح، لكن بنسبة 30 % فقط.

 

الطريق إلى “جلاكسو” سبقه نحو 12 فعالية خلال عام 2021 تمهيدا لانطلاق مباحثات”COP26، فضلا عن مئات المبادرات والقمم الإقليمية المهتمة بهذا الموضوع المصيري، والذي بات يشكل أولوية في كافة استراتيجيات التنمية لأغلب الدول ومنها بالطبع الدول العربية.

 

الإمارات: خطة وطنية للتغير المناخي 2050

وتعد دولة الإمارات إحدى الدول السباقة في المنطقة التي حرصت على دعم ملف التغير المناخي، فقد كانت من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية باريس عام 2016، فضلا عن  وضعها خطة وطنية للتغير المناخي 2050، تهدف إلى تقديم إطار شامل لمواجهة التداعيات المناخية المتوقعة.

 

وأعلنت الإمارات عن هدفها في تحقيق الحياد المناخي بحلول عام 2050، و التحول إلى اقتصاد بصافي صفر من انبعاثات غازات الدفيئة، والتي تعتبر من أخطر الظواهر الطبيعية التي تشهدها منطقتنا والعالم، بسبب ارتفاع درجات الحرارة الناجمة عن انبعاثات الكربون.

 

 السعودية “الخضراء”

ومن جانبها، أطلقت المملكة العربية السعودية منذ أيام النسخة الأولى للمنتدى السنوي لمبادرة السعودية الخضراء، والذي يهتم بإطلاق المبادرات البيئية الجديدة، ومتابعة أثر المبادرات التي تم الإعلان عنها سابقاً، بما يحقق مستهدفات مبادرة السعودية الخضراء، واستهدافها للوصول للحياد الصفري في عام 2060.

 

وأعلنت المملكة عن إطلاق الحزمة الأولى من المبادرات النوعية لتكون خارطة طريق لحماية البيئة ومواجهة تحديات التغير المناخي، معلنة أن إطلاق هذه المبادرات من شأنه تخفيض الانبعاثات الكربونية بمقدار 278 مليون طن سنوياً بحلول عام 2030، ويمثل ذلك تخفيضاً طوعياً بأكثر من ضعف مستهدفات المملكة المعلنة فيما يخص تخفيض الانبعاثات.

 

وأكدت السعودية بدء المرحلة الأولى من مبادرات التشجير بزراعة أكثر من 450 مليون شجرة، وإعادة تأهيل ثمانية ملايين هكتار من الأراضي المتدهورة، وتخصيص أراضٍ لمحمية جديدة، ليصبح إجمالي المناطق المحمية في المملكة أكثر من 20% من إجمالي مساحتها.

مصر تستضيف قمة 2022

وتحظى مشاركة مصر في قمة جلاسكو بأهمية كبيرة، بعد الإعلان رسميا عن اختيارها كمرشحة لاستضافة القمة الـ27 في 2022 ممثلة لقارة أفريقيا.

 

ومن المقرر أن تشهد مشاركة مصر في “قمة جلاسكو” إطلاق استراتيجية مصر الوطنية للتغيرات المناخية إلى 2050، والتي تركز على مجالي التخفيف والتكيف مع تغيرات المناخ.

 

وتعتزم حكومة مصر، الوصول في عام 2021/2022 إلى 691 مشروعا أخضرا، وتأمل أن تكون 30 في المئة من المشروعات خضراء بحلول عام 2024.

 

تونس.. التوجه نحو “التمويل الأخضر”

حذرت رئيسة الحكومة التونسية، نجلاء بودن، من خطورة التحديات البيئية التي تجاوزت آثارها وتداعياتها الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية،إن جائحة كوفيد-19 فاقمت من حدتها لدى العديد من الدول.

 

ودعت تونس إلى ضرورة تظافر الجهود وحشدها لتعزيز البحث العلمي والابتكار وتطوير حلول الطاقة المستدامة لتعزيز مسيرة التحول نحو الاقتصاد الأخضر، من خلال التوجه نحو الطاقات النظيفة والمتجددة، وتشجيع المبادرات والمشاريع الرائدة المتخصصة، وكذلك التوجه نحو “التمويل الأخضر”.

 

وأعلنت تونس أنه لا يمكن تحقيق الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر دون زيادة الاستثمار في مشاريع الطاقة المتجددة والزراعات المستدامة والبناء الايكولوجي، داعية الدول المانحة إلى ضرورة زيادة ضخ التمويلات للدول النامية؛ لدفع تقدمها نحو التحول نحو الاقتصاد الأخضر.

 

الكويت.. الحل في الاستدامة البيئية

من جانبها أعلنت دولة الكويت أن استمرار التغير المناخي يقودنا إلى سلسلة من الكوارث بما في ذلك حرائق الغابات والفيضانات ودمار المحاصيل الزراعية والجوع وشح المياه والأوبئة.

 

وشددت الكويت على أنها تسعى إلى تحقيق الاستدامة البشرية والبيئية، وأنها شريك دائم لكل ما من شأنه تنسيق الجهود الإقليمية والدولية لمكافحة التغير المناخي العالمي، وأنها لن تتخلى عن التزاماتها في هذا السياق.

 

وأطلقت الكويت استراتيجيتها البيئية ضمن رؤية الكويت الجديدة 2035، بالإضافة إلى التشريعات المعنية بالبيئة وقوانين حمايتها ،وترشيد استهلاك المواد الطبيعية، وخفض نسبة التلوث وإعادة تأهيلها، وتوظيف الطاقات المتجددة.

 

“اليمن” تحت قصف التغير المناخي

وتعد اليمن من الدول العربية التي ظهرت فيها تأثيرات التغير المناخي بشكل مباشر، حيث يخضع اليمن منذ أشهر لطقس سيئ منبعه التغيرات المناخية، ما خلف بشكل مباشر خسائر بشرية ومادية كبيرة ضربت الاقتصاد والتجارة، إضافة إلى إعصار “شاهين” الذي ضرب سواحل البلاد الشرقية، ووصلت تأثيراته إلى المرتفعات والمناطق الغربية.

 

وعصفت المتغيرات المناخية التي تعرضت لها اليمن وجمعت بين المنخفض الجوي والإعصار، بحياة عدد من المواطنين، وتسببت بتوقف حركة النقل التجاري والمسافرين بين المحافظات؛ ما نتجت عنه خسائر اقتصادية كبيرة.

 المهمة المستحيلة

وفي الوقت الذي اتفق فيه القادة سابقا على محاولة إبقاء معدل ارتفاع درجات الحرارة، دون الدرجتين، وقصره على درجة ونصف الدرجة المئوية، أكد علماء فشل هذه الجهود، واحتمال ارتفاع درجات الحرارة حول العالم، بمقدار ثلاث درجات.

 

وهي الأهداف التي يؤكد الخبراء أنه لا سبيل لتحقيقها، إلا بوضع نهاية لاستخدام الفحم، ووقف قطع الأشجار، والتحول إلى المركبات الكهربائية، والاستثمار في الطاقة المتجددة.

وفيات التغير المناخي

تشير دراسة حديثة إلى أنه من المتوقع أن يتسبب تغير المناخ في عدد كبير من الوفيات الزائدة يصل إلى 83 مليون حالة وفاة زائدة بحلول عام 2100، ليصبح أكبر تهديد صحي يواجه البشرية.

 

ونقلت مجلة “فوربس”، عن مؤلف الدراسة، دانييل بريسلر ، إنه مقابل كل 4.434 طنًا متريًا من ثاني أكسيد الكربون نضيفه إلى ما بعد معدل الانبعاثات لعام 2020، سنقتل شخصًا واحدًا.

 

وتفترض الدراسة أنه في مسار الانبعاثات الحالي وبحلول عام 2050 سيتجاوز متوسط درجات الحرارة 2.1 درجة مئوية، سرعان بعد ذلك ما تزداد سوءًا، حيث تصل درجات الحرارة إلى 4.1 درجة مئوية أعلى بحلول عام 2100.

 

وأشارت الدراسة إلى أنه نظرًا لأن درجات الحرارة تبدأ في الوصول إلى مستويات خطيرة  بحلول عام 2050 في ظل هذا السيناريو، فإن معظم الوفيات المبكرة ستحدث بعد ذلك.

 

وكشفت الدراسة عن أنه في ظل غياب التكيف والحد من انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، من المتوقع أن يرتفع معدل الوفيات العالمي في نهاية القرن لتتراوح النسبة بين 1.1% و4.2 %.

 

وعلى الصعيد نفسه قدرت دراسة حديثة، أن الاحترار البشري المنشأ خلال الفترة 1991 – 2018 مسؤول عن 37٪ من الوفيات المرتبطة بالحرارة في فصل الشتاء، ونقلت صحيفة  “لوس أنجلس تايمز” عن المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض، أن نحو 700 أمريكي يموتون من أسباب مرتبطة بالحرارة سنويًا، لكن العلماء أثبتوا أن عدد الوفيات الناجمة عن الحرارة أعلى من ذلك بكثير.

 

ووفقا لموقع  Bloomberg، فإن الباحثين في الدراسة خلصوا إلى أن درجات الحرارة المرتفعة والباردة غير العادية التي أصبحت أكثر شيوعًا مع تسارع تغير المناخ، مسؤولة عن 5 ملايين حالة وفاة على مستوى العالم كل عام.

 

وقدر باحثون في جامعتي موناش الأسترالية وشاندونغ الصينية، أن هناك 74 حالة وفاة زائدة بسبب درجات الحرارة الباردة أو الساخنة غير العادية لكل 100 ألف شخص.

 

13 وفاة في الدقيقة

ومن جانبها حذرت منظمة الصحة العالمية مرارا وتكرار من أزمة التغير المناخي، مؤكدة في أحدث تقرير بهذا الشأن، إن تلوث الهواء الناتج عن حرق الوقود الأحفوري يتسبب في حدوث 13 حالة وفاة في الدقيقة في جميع أنحاء العالم، فضلا عن تسببه في تغير المناخ.

 

وطالبت المنظمة بخفض تلوث الهواء إلى المستويات الإرشادية لمنظمة الصحة العالمية، إذ من شأنه أن يقلل العدد الإجمالي للوفيات العالمية من تلوث الهواء بنسبة 80٪، بينما يقلل بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري التي تغذي تغير المناخ.

 

وذكرت أن “التحول إلى أنظمة غذائية نباتية يمكن أن يؤدي إلى تقليل الانبعاثات العالمية بشكل كبير وضمان أنظمة غذائية أكثر مرونة، وتجنب ما يصل إلى 5.1 مليون حالة وفاة مرتبطة بالنظام الغذائي سنويًا بحلول عام 2050.

 

قالت منظمة الصحة العالمية، في تحذير شديد اللهجة إن تغير المناخ يعد أكبر تهديد صحي يواجه البشرية، وأضحت أن تسعة من كل عشرة أشخاص يتنفسون الهواء الملوث بشكل مفرط، وأن حرق الوقود الأحفوري يتسبب في وفاة الملايين قبل الأوان سنوياً، داعية الحكومات إلى وقف دعم الوقود الأحفوري وإنهاء بحلول عام 2025 والتخلص التدريجي من الفحم بحلول عام 2030.

 

وقالت المنظمة في تقريرها أن العالم يقترب من نقطة “اللاعودة” مع تجاهل تغير المناخ، إذ يبدو سيناريو “الحلقة المفرغة” واردا، فيصبح الجوع والعطش والكوارث أمرا مستمرا


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية