خريجو جامعات من غزة يبحثون عن "لقمة العيش" في إسرائيل

خريجو جامعات من غزة يبحثون عن "لقمة العيش" في إسرائيل
العمالة الفلسطينية في إسرائيل

حين حصل حسين على تصريح للعمل داخل إسرائيل، لم يتردّد لحظة بتعليق حلمه الوشيك بالحصول على درجة الماجستير في العلاقات الدولية التي كان سيحصل عليها من إحدى جامعات غزة، آملا تحقيق حياة كريمة لعائلته.

ويقول الشاب حسين (البالغ 38 عاما)، الذي اكتفى بذكر اسمه الأول: "شعرت أن باب الجنة فتح أمامي، اخترت العمل وتركت الدراسة".

ويروي لوكالة (فرانس برس): "الحظ لم يحالفني بالحصول على فرصة عمل في قطاع غزة بعد تخرجي في الجامعة وحصولي على شهادة البكالوريوس في العلاقات العامة، ما دفعني للالتحاق بالجامعة مجددا للحصول على درجة الماجستير لأزيد من فرص الحصول على وظيفة حكومية أو في مؤسسة خاصة".

ويشرح حسين الذي يعول زوجة و3 أطفال: "كنت عاطلا عن العمل لسنوات، وكنت على وشك مناقشة رسالة الماجستير للتخرّج، لكنني كنت بحاجة لمبلغ 3500 دولار أمريكي لتسديد ديون متراكمة للجامعة حتى تتسنى لي مناقشة الرسالة".

وخرج حسين من قطاع غزة المحاصر منذ عام 2007، وبدأ منذ شهرين بالعمل مساعدا لتاجر في توزيع مواد تموينية بالجملة في مدينة يافا بالقرب من تل أبيب، ويقول: "هذه فرصة لتحسين دخلي وتحقيق حلم إكمال الماجستير والدكتوراه لاحقا".

ويعيش في القطاع نحو 2,3 مليون فلسطيني، وتتجاوز نسبة البطالة فيه 50 في المئة، ويبلغ معدل الفقر نحو 60 في المئة.

ويقول محمود، البالغ 40 عاما، والذي يحمل شهادة في الخدمة الاجتماعية، إنه حصل على تصريح مؤخرا للعمل داخل إسرائيل، فبدأ العمل في مطعم في مدينة هرتسيليا شمال تل أبيب، وكان عمل لسنوات في منظمات دولية في غزة، قبل أن يصبح عاطلا عن العمل.

ومحمود أب لثلاثة أطفال، ويقول: "أحصل على أجرة يومية في هرتسليا تصل إلى 550 شيكل (نحو 170 دولاراً) مع الساعات الإضافية".

ويعمل معظم العمال القادمون من غزة داخل إسرائيل في قطاعات الزراعة والبناء والسياحة، ويتلقون أجورا تتراوح بين 70 دولاراً ونحو 250 دولاراً في اليوم، بحسب كفاءاتهم والساعات الإضافية، أي ما يعادل خمسة أضعاف ما يتلقاه العامل في غزة.

 

حصار إسرائيلي

قبل سيطرة حركة حماس على السلطة في عام 2007 والحصار الإسرائيلي، كان نحو 120 ألف فلسطيني من غزة يعملون في إسرائيل، لكن بعد تفرّد حماس بالسيطرة على غزة، "لم تعد هناك فرص عمل"، وفق محمود.

في عام 2019، سمحت إسرائيل مرة أخرى لسكان غزة بالعمل فيها شرط أن تتجاوز أعمار الرجال العاملين 26 عاما وأن يكونوا متزوجين ومستوفين للمعايير الأمنية (على الأرجح غير مشتبه بارتباطهم بعمليات أو هجمات ضد إسرائيل).

ويسعى عشرات آلاف الفلسطينيين في القطاع إلى العمل داخل إسرائيل، لكن الأمر مرهون بالموافقة الإسرائيلية.

وإثر تفشي جائحة كورونا، أغلقت إسرائيل معبر بيت حانون (ايريز) أمام العمال لنحو عام ونصف لاحتواء الوباء، وخلال الأشهر الأخيرة، أعطت السلطات الإسرائيلية 120 ألف تصريح جديد، معظمها لمدة ستة أشهر قابلة للتجديد.

 

مئات العمال

كل يوم، وقبل بزوغ الشمس، تكتظ صالة الانتظار في المعبر الحدودي بين القطاع وإسرائيل بمئات العمال الفلسطينيين.

يقف عبدالسلام علوان، البالغ 58 عاماً، ذو الشعر الأبيض، في إحدى زوايا الصالة، ويقول لـ(فرانس برس): "نعمل من أجل لقمة العيش.. أريد أن أكون قادرا على دفع ثمن تفاحة أو موزة لابني أو حفيدي عندما يطلبان".

في الجانب الفلسطيني من المعبر، ينتظر كمال حمادة، البالغ 65 عاما، الحافلة التي ستقله مع آخرين إلى إسرائيل بعد حصوله قبل شهرين على إذن مدته ستة شهور. 

ويقول إنه اضطر للعمل "في قطاع البناء رغم أنني أعاني من مرضي السكر والقلب"، ويحمل الأب المسؤول عن 15 فردا في العائلة، أدويته معه.

وتشير منظمة "خط العامل" (كاف لعوفيد) الإسرائيلية إلى أن التصاريح الممنوحة لسكان غزة تحمل اسم "ظروف اقتصادية" أو "تاجر" ولا تحمل صفة العامل، مبينة أنه في هذه الحالة، لا يكون العامل مؤمنا من الحوادث، إلا إذا اتخذ صاحب العمل الخطوات اللازمة لذلك، و"هو أمر نادرًا ما يحدث".

 

صفة عامل

ودعا نقيب العمل سامي العمصي، إسرائيل إلى استخدام صفة عامل في التصاريح التي تمنحها للعمل، وقال إن عاملا من غزة "توفي قبل عدة أسابيع على إثر حادثة دهس تعرض لها خلال عمله في مدينة تل أبيب، ولم تحصل عائلته على أي تعويض".

رغم ذلك، يقول أدهم، البالغ 35 عاما، والذي يحمل ثلاث شهادات في الصحة العامة والمعلوماتية، إنه مستعد للعمل في أي مجال "في مطعم أو سوبر ماركت أو مصنع".

ومن بين المتقدمين للعمل داخل إسرائيل، مصوّر صحفي فضّل التعريف عن نفسه بلقب أبوعدي، البالغ 38 عاماً، ويقول: "أعمل بالقطعة منذ 15 عاما، لكنني لا أحصل على دخل جيد إلا أثناء العمل في الحرب".


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية