المفكر الفرنسي أوليفييه روا في حواره لـ"جسور بوست" (1-2): العالم لا يرى الحرب الأوكرانية "معركة شرسة".. وغالبية الشرق الأوسط لا يهتم بها

المفكر الفرنسي أوليفييه روا في حواره لـ"جسور بوست" (1-2): العالم لا يرى الحرب الأوكرانية "معركة شرسة".. وغالبية الشرق الأوسط لا يهتم بها

المعركة في أوكرانيا لن تتجه لحرب عالمية ثالثة والجميع يعرف الخطوط الحمراء ولن يتجاوزها

الحرب الأوكرانية تأثيرها جانبي على الدول العربية بعكس الأتراك والإيرانيين

حاوره في فلورنسا - محمد الحمادي 

في خضم الأحداث التي يعيشها العالم اليوم وخاصة الحرب الروسية الأوكرانية، كان من المهم ألّا يمر لقائي في فلورنسا مع العالِم السياسي الفرنسي أوليفييه روا -الأستاذ في الجامعة الأوروبية بفلورنسا- دون حديث حول هذه الحرب وتأثيراتها على العالم العربي والشرق الأوسط ومدى صحة تحولها إلى حرب عالمية ثالثة لا تبقي ولا تذر، مع توضيح مدى صحة نظرية "الحياد" الشرق أوسطي منها، وهل هو فعلا أنجع الطرق للتعامل معها؟

في البداية أود أن أسألك عن أهم حدث عالمي اليوم وهو الحرب الروسية الأوكرانية.. ما رأيك بشأنها؟ وكيف ستؤثر في الشرق الأوسط؟
علينا أولاً أن نلاحظ كيف يفكر بوتين، فهو يريد إعادة بناء الإمبراطورية الروسية، سواء روسيا السوفيتية أو جميع الأراضي الروسية، بوتين لديه تصور إقليمي لروسيا، علاوة على اعتقاده أن بلاده تحت حصار حلف شمال الأطلسي، ولذا، فإنه من المهم جداً، بالنسبة له استعادة أوكرانيا، لكن ما فاته هو أن لدينا الآن قومية أوكرانية جديدة، ولا يهم ما هي الجذور التاريخية لتلك القومية، ومدى معرفتنا بها، لكن الحقيقة هي أن الأوكرانيين الآن هم أوكرانيون ويقاتلون من أجل بلادهم، وسوف يقاتلون، لذلك يبدو أن بوتين قد فوجئ -بشكل غير متوقع- بمقاومة الأوكرانيين.
النقطة الثانية، هي أن الجيش الروسي ليس جيداً كما كان يبدو، فالجميع اعتقد -وأنا منهم- أنه بعد غزو أفغانستان، والحرب الأولى في الشيشان، قام بوتين، بإعادة تشكيل الجيش الروسي، وجعله أكثر حداثة وكفاءة، ولكن يبدو أن الأمر لم يكن بهذا الشكل، ويبدو كجيش روسي سوفيتي تقليدي، فالجيش لا يبدو جيداً، والجنود ليست لديهم مراعاة للأخلاق، ولا يفهمون ما يفعلونه، فهم يحاربون أشخاصاً يشاركونهم ذات اللغة والعقيدة، وأشياء أخرى، وهكذا فإن الأمور لا تسير بالنسبة إلى بوتين على ما يرام، والآن، نحن لا نعلم ما سيفعله، هل سيتجه إلى التصعيد، أم يلجأ إلى الخطة البديلة ويسلك المسار التفاوضي؟
وبالنسبة للشرق الأوسط، أود أن أقول إن معظم الرأي العام في الشرق الأوسط، يرون أنها حرب بين الأوروبيين، فهم لا يشعرون أن الموضوع يهمهم بشكل كبير، وصحيح أن الروس قد تدخلوا في مناطق معينة، وهم موجودون بالفعل في ليبيا وسوريا وأذربيجان، لكن روسيا لا ينظر لها في الشرق الأوسط كقوة استعمارية، بالطبع ينظر إلى روسيا على أنها قوة تدخلت في أوكرانيا، لكن لا يُنظر للموضوع على أنه معركة شرسة، لذا أرى أن الغالبية في الشرق الأوسط لا تهتم كثيراً بما يجري في أوكرانيا.
والمشكلة هي أن موضوع الحرب الأوكرانية سيكون له تأثير على روسيا في منطقة الشرق الأوسط، فهو إما سيضعف روسيا، أو العكس؛ سيشجعها على أن تكون أكثر نشاطاً واستباقية في الشرق الأوسط، نحن لا نعرف بعد، لذلك، فإن ما يجري في أوكرانيا مهم للغاية، ويرسم شكل العلاقة خلال العقد القادم بين الغرب وروسيا، وكذا العلاقة بين روسيا وبقية العالم، وسيكون علينا الانتظار لنرى ذلك.



الكثيرون في منطقتنا يرون أن لدينا ما يكفي من الحروب التي تغنينا عن التركيز على الحرب بين روسيا وأوكرانيا.. هل ترى أن ذلك تفكير صحيح؟ وهل من الأفضل أن تكون دول الشرق الأوسط محايدة وأن تقف على مسافة واحدة من طرفي الحرب؟
بالنسبة للرأي العام العربي، الإجابة هي نعم.. فهذه الحرب ستؤثر عليهم تأثيراً جانبياً، لكنها لن تكون ذات تأثير جوهري، أو إستراتيجي في الشرق الأوسط، والأمر يختلف بالنسبة إلى الأتراك، وكذلك بالنسبة إلى الإيرانيين، فروسيا دولة مجاورة لإيران، والأتراك لديهم أسباب وجيهة لمعارضة احتكار روسيا للبحر الأسود، لذلك فإن الأتراك متورطون، إنها ليست مسألة القيام بأي شيء آخر، وليست مسألة تتعلق بالإسلام، هي قضية إستراتيجية، لكن بالنسبة للدول العربية، لا تعد قضية حقيقية.

هل ترى أن ذلك صحيح من الناحية الإستراتيجية؟
هذا أمر منطقي، لكن عليهم النظر بشكل كامل إلى نتائج الحرب، فهناك زيادة في التوترات بين الغرب وروسيا، ما سيكون له أثر على الشرق الأوسط، سواء خرجت روسيا من الحرب قوية أو ضعيفة، وبحسب اعتقادي، لا أرى أي موقف سياسي محدد من دولة عربية ولا أرى ما يمكنهم فعله، فهم على جانب الصراع، وهم يراقبون ما سوف تسفر عنه الأمور.
عندما تسمع البعض يتحدث عن أن هذه الحرب هي بداية لحرب عالمية ثالثة، هل تعتقد أن ذلك سوف يحدث؟
لا، أعتقد أن الخطوط الحمراء واضحة جداً لكلٍ من الجانبين، فالدول الغربية والناتو لن يتجاوزوا الحدود الغربية بين الناتو وأوكرانيا، فهم يساعدون، وسوف يستمرون في مساعدة الأوكرانيين بالتأكيد، لكنهم لن يرسلوا طائرات حربية، ولن يفرضوا منطقة حظر طيران أو أشياء من هذا القبيل، وأعتقد أن بوتين قد فهم الآن أن تهديده باستخدام الأسلحة النووية لم يكن له تأثير، إذاً أنا لا أؤمن أن الصراع سوف يتسع لسبب بسيط جداً، وهو أن الهجوم على أوكرانيا كانت له نتائج معاكسة تماماً لما كان يأمله بوتين، كما أنه أقنع الأوروبيين أنه لا خيار أمامهم سوى الوحدة، وزيادة الإنفاق العسكري، وتعزيز الناتو الذي كان في أزمة قبل التدخل الروسي في أوكرانيا، والآن أصبح الناتو أقوى من أي وقت مضى، ولا أعتقد أن روسيا سوف تواجهه.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية