«واشنطن بوست»: حمى الأسلحة تجتاح أعياد الميلاد في الولايات المتحدة

«واشنطن بوست»: حمى الأسلحة تجتاح أعياد الميلاد في الولايات المتحدة

كشفت صحيفة واشنطن بوست في تقرير لها عن انتشار ما وصفته بـ”حمى الأسلحة” في الولايات المتحدة تزامناً مع الاحتفالات بعيد الميلاد، وحقيقة تقبل تلك الصورة بين المعارضين والمؤيدين وتاريخها داخل الفكر الأمريكي.

 

وقالت الصحيفة، في الأسبوع الماضي شارك اثنان من أعضاء الكونغرس صورا لعائلاتهم المجتمعة أمام شجرة عيد الميلاد وهم يحملون البنادق، افترض البعض أن ذلك مجرد عمل لجذب الانتباه ليس أكثر من قبل المعارضين والمؤيدين على حد سواء، وهو الأمر الذى استنكره عدد من النواب وأعلنوا عن مواقفهم صراحة على تويتر بقولهم: “من قال إن السيد المسيح أخبرهم أن يحتفلوا بذكرى ميلاده بعرض أسلحة العنف لتحقيق مكاسب سياسية شخصية”.

 

وأوضح التقرير أنه ربما كان الرأي العام في الولايات المتحدة مختلفاً، فبعد أسبوع واحد من الجدل قام العمدة الجمهوري لمقاطعة مورى بولاية تينسي بنشر صور لأسرته بنفس الشكل المسلح حول شجرة عيد الميلاد ومعها تعليق نسبه إلى جورج واشنطن، قائلاً: “الأسلحة النارية تكبح الأرواح الشريرة”.

 

وأشارت الصحيفة إلى أنه بغض النظر عن التأثير السياسي لتلك الصور، هناك تفكير اجتماعي لدى الأمريكيين أعقد بكثير من الولع السياسي بإثارة الجدل بين المؤيدين والمعارضين، هذا التفكير يمكن أن نطلق عليه المسيحية الأمريكية واستعراض القوة.

 

وتابعت، أنه في قلب كل من الغضب والبهجة في تلك الصور الملتقطة لعيد الميلاد، ذلك التفكير الأمريكي الصميم لقوة النيران وسطوة السلاح التي تمثل في هذه الصور وبوضوح التحول الكبير في الشخصية الأمريكية الذي من الصعب تجاهل ما حل بها من تأثيرات دقيقة سابقة وارتباط بين الأسلحة النارية والإيمان.

 

وأكد التقرير أن الصور الملتقطة ليس جديدة المجتمع الأمريكي فمنذ عقد تقريباً شاركت السياسية في نيفادا ميشيل فيورى صورة بالشكل نفسه في عام 2015 بل ودعا أحد أندية اريزونا أعضاؤه لالتقاط الصور مع ترسانتهم من الأسلحة المتنوعة بين المسدسات والبنادق وقاذفات القنابل اليدوية وهو الحدث الذي أطلق عليه في حينها سانتا والرشاشات، ولقي اهتمام كبير من وسائل الإعلام.

 

وظهرت بعده المئات من بطاقات المعايدة الجاهزة التي تحمل ذلك الشكل، والتي أثارت ضجة هائلة حين ظهورها على الإنترنت، بالطبع بعدها ازدحم سوق المعايدات بعدها عبر أمازون وإيتسي وغيرهم بالمعايدات المسلحة من بنادق ورصاص وأغلفة ورقية مفخخة وجوارب تكتيكية مموهة.

 

ونوه التقرير إلى أن البعض يتساءل ما علاقة كل هذا بالمسيحية وميلاد المسيح؟ الحقيقة لأكثر من قرن من الزمان تشكلت البروتستانتية الأمريكية من خلال حركة معروفة باسم المسيحية العضلية والتي نشأت لمكافحة الإيمان الناعم كما وصف في حينها والذي وصفه البعض الآخر بأنه إيمان أنثوي ناعم لا يعبر عن القوة الذكورية للمسيح التي تقول إن المسيح كان رجولياً وبشكل واضح وإن مهمة المسيحي بحق أن يكون كذلك.

 

وتابع التقرير، المسيحية العضلية ولدت في إنجلترا في منتصف القرن الـ19 من أصول فكرية وبيئية متواضعة بعيدة كل البعد عن تجاوزات ثقافة السلاح الأمريكية ولكنها في أمريكا وجدت مناخاً خصباً حيث انسجم ما هو ديني مع طبيعة الشخصية الأمريكية المبالغة في تقدير إمكانياتها وذاتها، كان ثيودور روزفلت من أبرز مؤيديها، حيث قال في أثناء واحدة من جولاته بين الولايات الأمريكية: “لا أريد أن أرى المسيحية يعترف بها الضعفاء فقط. أريد أن أراها روحا مؤثرة بين رجال ذوي قوة”.

 

وبحسب الصحيفة اتسعت المسيحية العضلية لتشمل بجانب نوع اللياقة التي تحث عليها الكنيسة وجمعيات الشباب المسيحي عروض أكبر وأهم لاستعراض القوة، أساطير الدعاة حملوا مسدساتهم وجابوا الغرب بصحبة الكتاب المقدس في الجيب والبندقية في اليد وانضموا إلى الكرازة للرماة الستة التي يعشق الخيال الأمريكي الحديث عنها.

 

وأضافت: منذ سبعينيات القرن الماضي، اتخذ انتشار “كنائس رعاة البقر” نهجًا للعبادة بدأ في مسابقات رعاة البقر وجعله متاحًا في جميع أنحاء البلاد للإنجيليين الذين لم يجلسوا على ظهر حصان مطلقًا ولكنهم انجذبوا إلى جمالية رجل مارلبورو، كما هي الحال مع البنادق على بطاقات عيد الميلاد.

 

وتابعت: الخط الفاصل بين الإخلاص والأداء في مثل هذه الأماكن ليس واضحًا دائمًا، على الرغم من أنه غالبًا ما يكون واضحًا أن تفسيراتهم للكتاب المقدس تفضل “الوقوف في موقفك” على “قلب الخد الآخر”، غالبًا ما تشتمل منشآتهم على ميادين للرماية جنبًا إلى جنب مع مساحة للحبل والركوب.

 

وسردت الباحثة كريستين دو ميز في كتابها الأخير “يسوع وجون واين”، فإن تداخل أماكن العبادة وأماكن التصوير ليس من قبيل الصدفة.. كتب دو ميز: “احتفل كتاب الذكورة الإنجيلية منذ فترة طويلة بالدور الذي تلعبه البنادق في تشكيل الرجولة المسيحية”، “من لعبة البنادق في الطفولة إلى الأسلحة النارية الحقيقية الموهوبة في احتفالات البدء، يُنظر إلى البنادق على أنها تزرع الذكورة الأصيلة التي وهبها الله.

 

وقالت “واشنطن بوست”: “يمتلك أكثر من 40 في المائة من الإنجيليين البيض أسلحة نارية، وهو ما يفوق بكثير الجماعات الدينية الأخرى وعامة السكان، وفقًا لدراسة أجراها مركز بيو للأبحاث، بمعنى أن الثقافة الإنجيلية الأمريكية هي جزء مهم من ثقافة السلاح الأمريكية، والعكس صحيح، لن يكون أي منهما هو نفسه بدون الآخر”.

 

وأضافت: يمكن رؤية تأثيرهم المتشابك في الحجج الكتابية لجلب الأسلحة النارية إلى الكنيسة، وكذلك على القبعات التي تمجد ثالوث “الله والبنادق وترامب” الذي تم ارتداؤه في الهجوم على مبنى الكابيتول الأمريكي في 6 يناير.

 

وقالت الصحيفة إن كل هذا يبدو بعيدًا كل البعد عن بطاقات الأعياد، حتى يتذكر المرء أن يسوع نفسه هو الذي تم اقتراحه كنموذج للإيمان “الرجولي والرجولي” الموجود في جذور أشجار عيد الميلاد المزينة بالذخيرة.

 

واختتمت الصحيفة تقريرها بالقول “منذ فترة طويلة ضمنيًا في الفهم الإنجيلي للكتاب المقدس والتقاليد، وجدت العلاقة بين الله والبنادق مؤخرًا تعبيرًا أكثر وضوحًا، في 25 ديسمبر، سيتذكر المسيحيون حول العالم ولادة طفل يُدعى غالبًا أمير السلام وسيتذكرون أيضا أنه الرجل القادر على حمل المدفع والقنبلة والرشاش ولا يجدون في ذلك أي تناقض أو غضاضة”.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية