خروقات الهدنة.. مخاوف من عدم اقتناص اليمن لـ"اللحظة الثمينة"

خروقات الهدنة.. مخاوف من عدم اقتناص اليمن لـ"اللحظة الثمينة"
الأزمة اليمنية

بترحيب محلي ودولي، استقبل اليمنيون إعلان الهدنة الإنسانية بين أطراف النزاع بمزيد من التفاؤل، لكن "اللحظة الثمينة"، كما أطلق عليها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، باتت مهددة بالخطر.

وفي أول أيام عيد الفطر المبارك، شهد اليمن، أكبر تصعيد ميداني بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، منذ بدء الهدنة قبل شهر، أسفر عن سقوط قتلى وجرحى من الجانبين، وفق بيانات رسمية وإعلام محلي.

وأعلن الجيش اليمني، في بيان مقتضب الاثنين، مقتل أحد جنوده بنيران الحوثيين في جبهة الجدافر بمحافظة الجوف (شمال)، فيما أفادت وسائل إعلام محلية بمقتل جندي آخر بنيران الحوثيين في مدينة تعز (جنوب غرب).

جاء ذلك بالتزامن مع اندلاع مواجهات عنيفة بين القوات الحكومية والحوثيين في جبهة الكسارة بمحافظة مأرب (وسط)، وهي المواجهات الأعنف التي يشهدها اليمن منذ بدء الهدنة في 2 إبريل الماضي.

وكانت الهدنة الإنسانية التي أعلنها المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ لمدة شهرين قابلة للتمديد، تتخللها خروقات شبه يومية، وسط اتهامات متبادلة بين القوات الحكومية والحوثيين بشأن ذلك.

ورصدت قوات الجيش الميني 1924 خرقا للهدنة من قبل الحوثيين خلال الثلاثة أسابيع الأولى، كما ذكرت تقارير إعلامية محلية وقوع 46 خرقا خلال الأسبوع المتمم للشهر الأول من الهدنة.

 ورغم مهددات استمرار الهدنة بين أطراف النزاع اليمني، تسعى الأمم المتحدة وأطراف دولية إلى تثبيتها على اعتبار أنها فرصة ذهبية لخروج البلد العربي المأزوم من كبوته الممتدة عبر سنوات.

ومنذ أكثر من 7 سنوات يشهد اليمن حربا مستمرة بين القوات الموالية للحكومة الشرعية، مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده السعودية، والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات، بينها العاصمة صنعاء.

أمل بعيد

وحذر خبيران سياسيان في الشأن اليمني لـ"جسور بوست" من خطورة الحشد الحوثي المتواصل على جبهات القتال، والذي يهدد بانهيار الهدنة وإعادة انفجار الأوضاع مجددا.

بدوره، قال الباحث اليمني في مركز كارنيغي للشرق الأوسط، أحمد ناجي، إن التقارير الميدانية تشير إلى وقوع مئات الخروقات الحوثية للهدنة الإنسانية، لكن الحوثيين ينفون ذلك ويتهمون الحكومة الشرعية بارتكابها.

وأضاف ناجي لـ"جسور بوست": "رغم هذه الخروقات والاتهامات المتبادلة لا يزال استمرار الهدنة في إطار الممكن، غير أن الخطورة الحقيقية تكمن في حالة الحشد التي يمارسها الحوثيون على جبهة مأرب (وسط)، في ظل غياب طيران التحالف".

وأوضح أن موافقة الحوثيين على الهدنة كانت استجابة للضغط الإقليمي وجهود الوساطة، خاصة التي تجريها سلطنة عمان، إلى جانب الإنهاك العسكري الذي وصلوا إليه بعد مواجهات عسكرية دامية.

ودلل ناجي على ذلك بعدم سيطرة الحوثيين على شبوة ومأرب رغم قتالها على الجبهتين، متوقعا نجاح المبعوث الأممي في تمديد الهدنة لأكثر من شهرين لبحث الملفات الإنسانية العالقة، والتي يأتي أبرزها فتح الطرق بين المحافظات وأهمها طريق تعز، وتبادل السجناء.

وتابع: "الأمل الكبير يكمن في معالجة هذه الملفات الإنسانية للوصول إلى اتفاق سياسي ينهي حالة الحرب ويعبر باليمن نحو المسار السياسي"، مؤكدا أن هذا الأمل لا يزال بعيدا بسبب ارتفاع هامش اشتراطات الحوثيين.

طاولة المفاوضات

من جانبها، قالت ميساء شجاع، باحثة سياسية من اليمن لـ"جسور بوست" إن الهدنة مستمرة ولم تخترق بشكل كلي، لكنها بالمقابل لن تستطيع الصمود طويلا بسبب إصرار الحوثيين على التوسع نحو محافظة مأرب الإستراتيجية.

وأضافت: "الحوثيون يعتبرون أن السيطرة على المأرب سيعزز من وضعهم التفاوضي مع الحكومة الشرعية إذا ما وصلوا إلى طاولة المفاوضات"، مؤكدة أن التحدي الأكبر أمام المبعوث الأممي يتمثل في الاستفادة من الهدنة في مجال للتفاوض قبل انتهاء مدتها وعودة انفجار الأوضاع مجدداً.

واعتبرت "شجاع" أن الوصول إلى مرحلة المفاوضات مرهون بجدية طرفي الصراع في اللجوء للحلول السياسية، لكن المليشيات الحوثية لم تيأس بعد وتريد تحقيق مطالبها بالاعتراف الدولي بها وإقرار حقها في الحكم الذاتي للمناطق التي تسيطر عليها.

ووفق الأمم المتحدة في نهاية 2021، أودت الحرب في اليمن بحياة 377 ألف شخص، وكبدت الاقتصاد خسائر 126 مليار دولار، بينما بات معظم سكان البلد البالغ نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على المساعدات، في إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية بالعالم.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية