«التشادري».. سجن جديد تفرضه حركة طالبان على المرأة الأفغانية

«التشادري».. سجن جديد تفرضه حركة طالبان على المرأة الأفغانية
المرأة الأفغانية

فرضت حركة طالبان الأفغانية على النساء ارتداء "التشادري" أو البرقع في الأماكن العامة، ما أثار مخاوف وانتقادات محلية ودولية جمة.

والسبت، شددت حركة طالبان القيود التي تفرضها على حرية النساء في أفغانستان، وأمرتهن بتغطية وجوههن في الأماكن العامة، الأمر الذي يعيد إلى البلاد مأساة التسعينيات، التي كانت تخوض فيها الحركة معارك مع معارضيها لفرض سياساتها المتشددة، وفق مراقبين.

وحدد القرار عددًا من الإجراءات التي ستتخذها السلطات حال عدم الالتزام، تبدأ من زيارة منزل السيدة ونصح ولي أمرها بإلزامها، وتصل إلى استدعائه أمام المحكمة ومعاقبته بالسجن 3 أيام. 

ومرارا تعهدت الحركة بالحفاظ على المكتسبات الحقوقية والمدنية التي حققها الشعب الأفغاني طوال العقدين الماضيين، إلا أنها اتخذت عدة إجراءات قمعية، أبرزها منع التعليم الثانوي للفتيات، وحل وزارة شؤون المرأة، ومنع إصدار تراخيص قيادة سيارات للنساء.

ومنتصف أغسطس الماضي، سيطرت حركة طالبان على أفغانستان بالكامل، بموازاة مرحلة أخيرة من انسحاب عسكري أمريكي من البلاد اكتملت أواخر الشهر ذاته. 

ولا تزال معظم دول العالم مترددة في الاعتراف بحكم طالبان، نظرا لسمعتها المتردية في التعامل مع قضايا الحقوق والحريات العامة.

مقاومة نسائية

وقالت ناشطة حقوقية أفغانية، طلبت عدم الكشف عن هويتها لـ"جسور بوست"، إن "القرارات التي تتخذها طالبان ضد النساء ستعيد البلاد إلى الأجواء الإرهابية التي كانت مفروضة على المرأة في فترة الحكم الأولى (1996-2001)".

وأضافت: "كانت المرأة لا تتمتع بأي حقوق إنسانية أو شرعية أو مدنية، يبدو أن المرأة الأفغانية ستظل ضحية لأفكار الجماعات المتطرفة، التي تناقض ما منحه الإسلام للنساء من حقوق وحريات".

ومن جانبه، أوضح مدير المركز الأفغاني للإعلام والدراسات عبدالجبار بهير لـ"جسور بوست"، أن حركة طالبان ما زلت محتفظة برؤيتها المتشددة تجاه عدة قضايا، أبرزها الديمقراطية والحقوق والحريات الفردية والنسوية.

وأضاف “بهير” أن الظرف العالمي لا يسمح لحركة طالبان بالعودة إلى حقبة التسعينيات من القرن الماضي، قائلا: "أصبحنا في عصر الإنترنت ومنصات التواصل الاجتماعي وعالم يتطلع على مجريات ما يحدث في بلدك".

وقال: "طالبان طرأ عليها بعض التغيير النسبي، ولكن الجناح الديني في الحركة لا يزال يبث أفكارا متشددة في مختلف المجالات، ولذلك فقراراتها تعد وليدة قناعات جهة الفتوى بها".

وتابع: "الحركة تدرك أنها لا تستطيع الاستمرار في هذا المسار دون تحديات، فالمجتمع الدولي لن يتجاوب معها وهي على هذه الشاكلة، أو يعترف بها كحركة مدنية تحكم بلدا".

وفي مارس الماضي، أصدرت طالبان قرارا بمنع الفتيات من التعليم الثانوي، ما أثار إدانات واسعة وتهديدات من الدول الكبرى بعدم التعامل مع الحركة الأفغانية سوى بعد الاعتراف بحق المرأة في التعليم.

وأوضح بهير أن "حركة طالبان إن لم تقدم تنازلات حقيقية، لا سيما في مجال حقوق المرأة بالتعليم والعمل والنشاط الاجتماعي، فلن يتعاطى معها المجتمع الدولي ولن يعترف بشرعيتها".

ومضى قائلا: "لا أظن أن تكون هناك مقاومة نسائية واضحة بشأن قرار فرض البرقع في الأماكن العامة، أتمنى ألا تصمت المرأة على حقوقها خاصة أنها خرجت في مظاهرات بالعاصمة كابل ومدن أخرى".

تحصيل حاصل

ومن جانبه، قال الأكاديمي والناشط في مجال السلام الدكتور فضل الهادي وزين لـ"جسور بوست"، إن المرأة الأفغانية ترتدي الحجاب كونه جزءا من المكون الديني والثقافي للشعب بأكمله.

وأضاف: "المشكلة في تعريف طالبان للحجاب، وفرض نمط معين بالقوة على جميع النساء، وهو الأمر الذي يثير المخاوف من عداء الحركة للحقوق والحريات وتكهنات بانتهاجها سياسة أكثر قمعية وشراسة".

وأوضح: "لا شك في أن قرارات حكومة حركة طالبان بفرض قيود على المرأة والحد من نشاطها وحضورها في الأنشطة الاجتماعية، ستكون له انعكاسات سلبية على وضعها أمام المجتمع الدولي".

وتابع: "الولايات المتحدة بتوقيعها على اتفاقية مع قطر بشأن مصالحها في كابل، يعتبر قبول بحكم طالبان لأفغانستان لا أظن أن البيت الأبيض يهمه حقوق الإنسان أو المرأة سوى بقدر استغلال هذا الملف داخليا وخارجيا".

وأشار وزين إلى أن "القرار الأخير يمثل تطبيقا بالقوة لفكر الحركة تجاه المرأة، وطالبان بهذا القرار تخوض حربا لا منافس لها فيها، بمعنى أن القرار تحصيل حاصل، حيث لا توجد امرأة متبرجة في أفغانستان".

وفي نوفمبر 2021، أبرمت الولايات المتحدة وقطر اتفاقا تتولى بموجبه الدوحة رعاية المصالح الدبلوماسية الأمريكية في أفغانستان، في إشارة تدلل على إمكانية التواصل المباشر بين واشنطن وطالبان مستقبلا بعد حرب بينهما دامت 20 عاما، وفق مراقبين.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية