نظرة على مقاطعة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين

نظرة على مقاطعة دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين

باسم ثروت

 

 

لا تمر أي مناسبة عالمية، دون أن تظهر حالة التنافس والعداء الدولي خاصة بين الثلاث الكبار (الصين، روسيا، الولايات المتحدة الأمريكية) حيث يظهر الأخيرة تجاه السابقتين بشكل جلي، فهي غير قادرة على استيعاب فكرة النظام الدولي متعدد القطبية.

 

فمنذ أن سقط الاتحاد السوفيتي وأعلنت الولايات المتحدة الأمريكية القرن الواحد والعشرين قرناً بقيادة أمريكية خالصة، لا تنفك الولايات المتحدة تلعب دور شرطي العالم، فتتدخل هنا وهناك وتفرض عقوبات على ذلك وتلك، وتدعم أنظمة وتعادي أخرى، كما تلعب دور مقوم السلوك فهي دائماً تقييم سلوكيات الدول؛وبخاصة أوضاع حقوق الإنسان فيها وتتدخل في الشؤون الداخلية بناء على هذا الادعاء.

 

فلن تقبل الولايات المتحدة الأمريكية أن يشاركها أحد فى أمجاد هيمنتها علي مقدارات النظام العالمي على الأقل فى الوقت المنظور، فمنذ صعود التنين الصيني كمنافس قوي لها، ظهر العداء الشديد تجاه الصين من سباقات تسليح وتبادل الاتهامات والعقوبات الاقتصادية، عطفاً على وصف الصين فى المحافل الدولية بأن نظامها سلطوي مستبد.

 

استمرت حافلة العداء الأمريكي فى المضي قدماً نحو الصين، حتي وصلت محطة الألعاب الأولمبية المزمع إقامتها في بكين والمقرر أن تقام خلال الفترة من 4 إلى 20  فبراير المقبل، أعلنت الولايات المتحدة مقاطعتها الدبلوماسية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية 2022 في بكين مبررة ذلك بوجود انتهاكات لحقوق الإنسان.

 

لا تشمل هذه المقاطعة الرياضيين الأمريكيين، إنما لن ترسل إدارة الرئيس الامريكي جو بايدن أي تمثيل دبلوماسي أو رسمي إلى دورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين في 2022 والدورة البارالمبية نظراً إلى مواصلة جمهورية الصين الشعبية الإبادة والجرائم ضد الإنسانية في شينجيانغ والانتهاكات الأخرى لحقوق الإنسان، كما اعلنت المتحدثة باسم البيت الأبيض ” جين ساكي”.

 

لم تكن حافلة العداء الامريكي فارغة من الركاب، بل انضم اليها عدد من الدول في رحلتها إلى مقاطعة الألعاب الأولمبية الشتوية، فلقد أعلنت كندا وإستونيا واليابان فى وقت لاحق انضمامها لحملة المقاطعة التي تقودها الولايات المتحدة ، وكذلك بريطانيا واستراليا اللتان أسستا حلفاً جديداً ( اكوس) مع أمريكا منذ وقت ليس بالبعيد ستمنح فيه الولايات المتحدة الامريكية غواصات نووية لأستراليا بغرض مواجهة المد الصيني.

 

وكانت لتوانيا هي الوحيدة من دول الاتحاد الأوروبي التي لحقت بحافلة المقاطعة الأمريكية، حيث  أعلنت رسمياً تأييدها للمقاطعة الدبلوماسية لدورة الألعاب الأولمبية الشتوية في بكين، أما بقية دول الاتحاد فلم تؤيد حملة المقاطعة؛ فقد أعلنت فرنسا عدم مقاطعتها دورة الألعاب الأولمبية الشتوية وانضم لها كل من لوكسمبورغ والنمسا وألمانيا. حيث صرحت وزيرة الخارجية الألمانية “أنالينا بربوك «الألعاب الأولمبية احتفال بالرياضة يجب ألا تغتنم الفرصة لممارسة السياسة».

 

انضم الأمين العام للأمم المتحدة ” انطونيو غوتيرش” للدول الأوروبية التي تعارض المقاطعة فقد صرح ستيفان دوجاريك المتحدث باسم الأمين العام، بأن الأمين العام تلقى دعوة من اللجنة الأولمبية الدولية لحضور افتتاح دورة الألعاب الشتوية في بكين وقبلها.

 

بطبيعة الحال، لم تمرر الصين المقاطعة مرور الكرام، فقد هددت الصين بأن كل من قاطع سيدفع ثمن تصرفه غالياً.

 

لم تقف حافلة العداء الأمريكي فى محطة الألعاب الأولمبية فحسب بل توجهت نحو القمة التي أطللقها الرئيس الأمريكي “جو بايدن” التي أسماها قمة من أجل الديمقراطية ودعا إليها ممثلين من ١٠٠ دولة ومنظمات غير حكومية ولم يدعُ الصين وروسيا بأعتبارهما دولاً سلطوية.

 

اجمالاً، تحاول الولايات المتحدة الامريكية ممارسة سياسة الضغط على الصين من خلال التلاعب ببطاقة حقوق الإنسان التي كثيراً ما تستخدمها الولايات المتحدة للضغط على الدول فى حال فشل البطاقات الأخرى، لكن نقف هنا أمام حلقة مفقودة، ألا تدرك الولايات المتحدة الأمريكية أن الصين ليست مثل مثيلاتها من الدول النامية فهي قوة اقتصادية وعسكرية عظمى، فمن المحتمل أن تولد سياسة الضغط  والعزلة الدولية التي تنتهجها الولايات المتحدة انفجاراً، قد يطول أذاه البشرية جمعاء فى حال تطورت الأمور إلى حرب عالمية جديدة، مفارقات وتباينات عجيبة تثير الأذهان وإن غداً لناظره قريب.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية