انتخابات لبنان.. تغيير مستبعد وحقوق غائبة

انتخابات لبنان.. تغيير مستبعد وحقوق غائبة

 

-إعلامي لبناني لـ"جسور بوست": من المستبعد أن تؤدي هذه الانتخابات إلى تغيير حقيقي في المشهد السياسي

-محلل سياسي لبناني: المعارضة في لبنان ليست جسدًا واحدًا ولديها قوائم متعددة وأجندات مختلفة

 

عقب محطات عديدة من التعثر والإخفاق، وصل قطار الانتخابات النيابية في لبنان إلى مستقره داخل البلاد.

واليوم الأحد، تجرى الانتخابات النيابية في لبنان، بعد تصويت المغتربين اللبنانيين في 58 بلدا، بذلك الاستحقاق الذي يعده مراقبون "حاسما ومصيريا".

ويتوجه أكثر من 3.9 مليون ناخب لبناني إلى صناديق الاقتراع لاختيار 128 نائبا في البرلمان من بين إجمالي 718 مرشحا.

وتأتي أهمية الانتخابات النيابية الحالية كونها الأولى منذ احتجاجات أكتوبر 2019 والانفجار الهائل في مرفأ بيروت أغسطس 2020، وأزمة اقتصادية طاحنة وغير مسبوقة تشهدها البلاد منذ عامين.

ورغم مساعي الحشد والتشجيع على المشاركة السياسية، لكن الانتخابات البرلمانية في البلد المأزوم لا تزال تواجه تحديات المقاطعة، لعدة أسباب، بينها فقدان الأمل في التغيير وحث قوى سياسية بارزة على الإحجام عن المشاركة.

وتخشى قوى محلية ودولية من استحواذ "حزب الله" وحركة أمل (شيعيتان/ مواليتان لإيران) على معظم مقاعد البرلمان ومن ثم الانفراد بمقاليد الأمور في البلاد.

 وإمعانا في الاستقطاب دخلت المؤسسات الدينية على خط المنافسة، بتوجيه دار الفتوى تعميمًا لأئمة المساجد لحث اللبنانيين على المشاركة، معتبرة المقاطعة "وصفة سحرية" لوصول الفاسدين إلى السلطة. 

وارتفع عدد مرشحي المعارضة هذه الانتخابات بأكثر من 100% مقارنة بالانتخابات السابقة، حيث يخوض المنافسة الانتخابية 248 مرشحًا معارضًا مقارنة بـ124 مرشحًا في انتخابات 2018.

حقوق ذوي الهمم

ووفق مراقبين محليين، خلت برامج المرشحين للانتخابات النيابية والأحزاب السياسية من قضايا المهمشين وذوي الاحتياجات الخاصة، إذ لا تزال قضاياهم تغيب عن الاهتمامات السياسية في بلد يعاني من الانهيار. 

وبحسب إحصاءات رسمية،  يُقدر عدد حاملي بطاقة "ذوي الاحتياجات الخاصة" بـ120 ألف شخص، يفتقد معظمهم إلى الخدمات الأساسية، فيما ضاعفت الأزمة الحالية من حرمانهم، لا سيما في قطاعات الصحة والتعليم والوظائف.

ومؤخرا دعت منظمات حقوقية دولية، السلطات اللبنانية إلى تمكن الأشخاص ذوي الاحتياجات الخاصة من الإدلاء بأصواتهم في الانتخابات بأمان، لكن سياسات الدمج لا تزال بعيدة المنال في ظل غياب مظلة الحماية الاجتماعية في لبنان، وفق محللين.

تغيير مستبعد

بدوره، قال الإعلامي والمحلل السياسي اللبناني محمد علوش لـ"جسور بوست"، إن اللبنانيين يتطلعون من خلال الانتخابات النيابية إلى تحقيق الاستقرار والرخاء بعد سنوات عجاف.

وأوضح: "ثورة أكتوبر 2019 أحدثت تحولًا هائلًا في اهتمامات لبناني المقيم بالخارج، إذ صار الجميع يأمل في تحقيق تغيير حقيقي، ولذلك شهدت عملية اقتراع اللبنانيين بالخارج إقبالا فارقا مقارنة بالانتخابات السابقة".

وأضاف: "في تقديري فإن نسبة الاقتراع خارج البلاد لن تؤثر كثيرا على المشهد الداخلي، أو تهدد حظوظ القوى التقليدية، لكنها قد تكون دفعة معنوية للناخب اللبناني الذي يبحث عن التغيير".

وتابع: "من المستبعد أن تؤدي هذه الانتخابات إلى تغيير حقيقي في المشهد السياسي وإعادة توزيع للقوى، التي كانت ولا تزال تحتل النسبة الأكبر من مقاعد البرلمان". 

واستطرد: "جزء كبير من الناخبين اللبنانيين يتأثر بعوامل كثيرة أبعد ما تكون عن المشهد السياسي، فالتصويت غالبًا ما يكون طائفيًا أو على أساس جغرافي، أو لمن يقدم خدمات، وكل تلك العوامل تصب في مصلحة القوى التقليدية". 

وأوضح أن القوى الجديدة، المعروفة بـ(قوى ثورة تشرين)، الراغبة في التخلص من سيطرة حزب الله على المشهد، لديها صوت عالٍ، لكنها لا تملك الظهير الشعبي الكافي، الذي يمكنها من إحداث تغيير حقيقي. 

محطات مفصلية

من جانبه رجح الكاتب السياسي اللبناني بشار الحلبي، أن "تحصد المعارضة وقوى ثورة تشرين بعض المقاعد قد يصل عددها إلى 15 مقعدًا، لكن ذلك لا يعني أننا سنكون بصدد تغيير حقيقي".

وقال الحلبي لـ"جسور بوست" إن المعارضة في لبنان ليست جسدًا واحدًا ولديها قوائم متعددة، كما أن الشعب اللبناني الرافض للسير خلف الأحزاب التقليدية من الصعب حشده في كتلة واحدة.

وأضاف أن التغيير المتوقع سيكون في حصص الأحزاب والقوى التقليدية داخل البرلمان، فمن المتوقع أن تفقد التيارات القديمة جزءًا من كتلتها السياسية، لصالح حزب الله وحلفائه. 

وأكد أنه رغم محاولات القوى الإقليمية السنية والموالين لها في لبنان حشد الشارع السني، لكن المرجح أن الإقبال السني سيكون ضعيفًا. 

وسيكون البرلمان اللبناني المقبل أمام محطات مفصلية في تاريخ البلاد، أبرزها استكمال مفاوضات ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، واتفاق استدانة من صندوق النقد الدولي، وإنجاز خطة للتعافي الاقتصادي.

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية