المهاجرون الأفارقة باليمن.. رحلة غير شرعية تغمرها الانتهاكات والمعاناة

المهاجرون الأفارقة باليمن.. رحلة غير شرعية تغمرها الانتهاكات والمعاناة

جملة انتهاكات وخروقات حقوقية، يتعرض لها نحو 190 ألف مهاجر غير شرعي من إفريقيا باليمن، جراء تداعيات حرب ممتدة منذ نحو 7 سنوات.

ووفق بيان المنظمة الدولية للهجرة، التابعة للأمم المتحدة، "يبلغ عدد المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة في اليمن نحو 190 ألفا، ويتعرض معظمهم لهجمات من أطراف الصراع في البلاد".

وتشير منظمات حقوقية محلية، إلى مقتل المهاجرين الأفارقة العالقين في منطقة "الرقو" بمحافظة صعدة (شمال غرب) المحاذية للحدود السعودية، جراء إضرام النيران في خيامهم إثر هجمات شنتها جماعة الحوثي.

وعلى صعيد موازٍ، يتبادل التحالف العربي (تقوده السعودية)، وميليشيا الحوثي الإرهابية (الموالية لإيران) الاتهامات بشأن ارتكاب الانتهاكات والجرائم بحق المهاجرين الأفارقة في اليمن.

في المقابل، تعهدت المنظمة الدولية للهجرة، بالعمل على إعادة طوعية للمهاجرين الأفارقة العالقين في اليمن إلى بلادهم.

وقالت المنظمة في بيانات سابقة، إن معظم المهاجرين غير الشرعيين الأفارقة في اليمن من إثيوبيا والصومال، وإنها ستعمل في إطار برنامج العودة الطوعية للمهاجرين على نقل 5000 مهاجر إلى بلادهم.

رحلة معاناة

ويعد اليمن وجهة لمهاجرين من دول القرن الإفريقي، إذ يهدف الكثير منهم إلى الانتقال في رحلة صعبة إلى دول الخليج، خاصة السعودية بحثا عن فرص عمل وحياة أفضل. 

وتنشط عمليات تهريب المهاجرين عبر سواحل جيبوتي واليمن، كما تنشط عصابات الاتجار في البشر، التي تحتجز الأفارقة في مناطق متعددة باليمن للحصول على أموالهم.   

وبحسب منظمات حقوقية يمنية، يتعرض المهاجرين الأفارقة لجرائم الاعتداء والتعذيب البدني، والاحتجاز من أجل المال، والتجارة في الأعضاء وغيرها من الانتهاكات.

وقالت "الشبكة اليمنية للحقوق والحريات" (غير حكومية) إن الحوثيين يرتكبون جرائم متعددة ضد الأفارقة في اليمن، آخرها مقتل نحو 17 مهاجرًا إفريقيًا حرقا في صعدة، شمالي البلاد.

مطالبات بالتحرك لإنقاذ المهاجرين

وطالبت الأمم المتحدة بسرعة التحرك لإنقاذ المهاجرين الأفارقة، وتفعيل القوانين والإجراءات الدولية لحماية حقوق اللاجئين وفرض عقوبات على الجهات المتورطة في ارتكاب جرائم ضدهم.

من جانبه، قال نائب وزير حقوق الإنسان في الحكومة اليمنية سمير الشيباني، إن مشكلة المهاجرين الأفارقة معقدة ومتشعبة، وعملية ترحيلهم إلى بلادهم صعبة لأن القانون الدولي يمنع إجبارهم على العودة.

وأضاف الشيباني، في تصريحات صحفية سابقة، أن نزوح الأفارقة لليمن يمثل تهديدًا للأمن والسلم الاجتماعي، خاصة مع عجز الحكومة عن توفير الاحتياجات الأساسية لليمنيين بسبب ظروف الحرب. 

ومرارا اتهمت الحكومة اليمنية، جماعة الحوثي بالعمل على تهريب الأفارقة والاتجار في البشر، ما أسفر عن دخول عشرات الآلاف من الأفارقة إلى اليمن بشكل يهدد أمن البلاد. 

الحدود البحرية

بدوره، قال محمد نوري، باحث سياسي من الصومال لـ"جسور بوست"، إن الأفارقة خاصة من دولتي إثيوبيا والصومال، يهربون من الأزمات التي تجتاح بلادهم بسبب النزاعات السياسية والحروب الأهلية. 

وأضاف نوري: "الأحداث في اليمن أفقدت الدولة قدرتها في السيطرة على حدودها، وأصبح الدخول إلى اليمن والخروج منه ليس صعبًا، بل أصبحت الحدود البحرية لليمن في قبضة المهربين والعصابات". 

وأكد أن "جماعات التهريب والاتجار في البشر تنشط في المنطقة بين سواحل جيبوتي واليمن، لنقل الفارين من إثيوبيا والصومال إلى اليمن، تمهيدًا لعبورهم إلى دول الخليج وخاصة المملكة العربية السعودية".

وتابع: "رغم أن تلك الرحلات محفوفة بالمخاطر، جراء القوارب المتهالكة أو انتشار عصابات الاتجار في البشر، إلا أن ذلك لم يثنِ الأفارقة عن الهجرة غير الشرعية إلى السعودية عبر اليمن.

وقال إن "عمليات هجرة الإثيوبيين زادت بشكل فارق منذ اندلاع الحرب الأهلية بين حكومة بلادهم وجبهة تحرير تيغراي (شمالي إثيوبيا)، هربا من عمليات القتل الممنهجة التي قادتها السلطات في الإقليم". 

واستبعد نوري أن تتوقف موجات الهجرات غير الشرعية، طالما ظلت حدود اليمن مستباحة أمام العصابات بهذا الشكل مهما بلغت خطورة الرحلات.

وأوضح أن تردي الأوضاع الاقتصادية والأمنية، الناتجة عن العنف السياسي، هي السبب الرئيسي في هجرة هؤلاء، لكنهم ينتقلون من جوع وفقر إلى استغلال وانتهاكات. 

تورط جميع الأطراف

ومن جانبه، قال المدير التنفيذي لمنظمة "مواطنة لحقوق الإنسان" (غير حكومية، مقرها اليمن) عبدالرشيد الفقيه، إن المهاجرين الأفارقة يتعرضون لانتهاكات بالجملة، منذ بدء الرحلة في عرض البحر وحتى الوصول لمراكز الاحتجاز داخل اليمن. 

وأضاف الفقيه لـ"جسور بوست"، أن الانتهاكات التي يتعرض لها الأفارقة تصل إلى حد التعذيب والقتل، موضحًا أن كل الأطراف المتنازعة في اليمن تورطت في ارتكاب جرائم ضد المهاجرين الأفارقة. 

وحول حادث صعدة الأخير، قال الفقيه: "أرسلنا فريقين للتحقيق، الأول طبي والثاني ميداني، للوقوف على أسباب وملابسات الحادث، وسنعلن النتائج خلال أسبوع على الأكثر". 

والجمعة، أوضح التحالف العربي، في بيان، أن "عشرات المهاجرين الأفارقة قتلوا بعملية تهجير قسري واشتباكات مسلحة شنها الحوثيون في منطقة الرقو الحدودية (شمال).

وأضاف الفقيه أن اليمنيين يمرون عبر الحدود إلى السعودية أيضًا وليس الأفارقة فحسب، موضحًا أن الأطراف المتنازعة تتبادل الاتهامات حول الحادث، ونحن نحقق فيه للكشف عن الجاني الحقيقي. 

وأكد أن كثيراً من المهاجرين الأفارقة، الذين يتخذون من اليمن نقطة عبور إلى السعودية، يعلقون لمدد طويلة في مناطق يمنية مختلفة، ويتعرضون للتعذيب والانتهاكات الجسيمة. 

وقال الحقوقي اليمني: "نطالب المؤسسات الدولية بالتحقيق في الجرائم التي يتعرض لها المهاجرين الأفارقة العُزَّل داخل اليمن، ومعاقبة الجناة". 

وكانت المنظمة الدولية للهجرة التابعة للأمم المتحدة قالت إن "معظم المهاجرين الواصلين إلى اليمن يواجهون مخاطر شديدة، إذ يعدون من أكثر الفئات المحرومة والمهمّشة".

وتعد الهجرة غير الشرعية، واحدة من أخطر القضايا التي تؤرق المجتمع الدولي، وتضع الأمم المتحدة والقوى الدولية مكافحتها على قائمة أولويات العالم.

ويشهد اليمن حربا منذ نحو 7 سنوات، أودت بحياة أكثر من 233 ألف شخص، وبات 80 بالمئة من السكان البالغ عددهم نحو 30 مليون نسمة، يعتمدون على الدعم والمساعدات، في أسوأ أزمة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة. 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية