مصر تعتزم إقرار تشريع يضمن حماية حقوق كبار السن

مصر تعتزم إقرار تشريع يضمن حماية حقوق كبار السن
مجلس النواب المصري

بعد سنوات من التجاهل والإهمال، اتجهت مصر إلى إقرار حقوق صحية واجتماعية للمسنين، الذين تتجاوز أعمارهم 65 عاما.

ومؤخرا اتخذ مجلس النواب المصري خطوات مكثفة، للانتهاء من مناقشة وإصدار تشريع يسن حقوقا اجتماعية لشريحة كبار السن "المسنين".

مشروع القانون، المقدم من الحكومة لغرفتي البرلمان، أقره مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية) في نهاية ديسمبر الماضي، استجابة لإطلاق الرئيس عبدالفتاح السيسي، الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان. 

 ويأتي مشروع قانون حماية كبار السن، وفقا لنص المادة 83 من الدستور المصري الصادر في 2014، والتي تلزم الدولة بضمان حقوق المسنين صحيًا واقتصاديًا واجتماعيًا وثقافيًا وترفيهيًا.

حقوق وضمانات

ويقر مشروع القانون توفير معاش مناسب يكفل لهم حياة كريمة، إلى جانب تمكينهم من المشاركة في الحياة العامة وتشجيع المنظمات الأهلية على المشاركة في رعايتهم، وإلزام الحكومة بمراعاة احتياجات كبار السن في التخطيط للمرافق العامة.

ويناقش مجلس النواب (الغرفة الأولى للبرلمان) مشروع القانون، والذي يلزم الأبناء والأحفاد بالإنفاق على ذويهم المسنين، وفي حال عدم مقدرتهم تتكفل الدولة برعاية المسن، بإدراجه ضمن برامج الحماية الاجتماعية في البلاد.

ووافقت لجنة التضامن الاجتماعي بمجلس النواب، على 16 مادة من مشروع القانون، أبرزها المادة التي تحدد التزامات الدولة تجاه حماية حقوق كبار السن، المنصوص عليها في القانون والمواثيق الدولية.

وأهم هذه الحقوق، هي احترام حرية كبار السن في ممارسة خياراتهم بأنفسهم وإرادتهم المستقلة، والتمتع بجميع حقوق الإنسان وحرياته الأساسية في مختلف المجالات، وتوفير البيئة الآمنة وتهيئة الظروف لمعيشة كريمة لهم. 

ووفق مشروع القانون أيضا، يحق للمسن من يصل أعمارهم إلى 65 عامًا، أو من يعاني عجزًا أو مرضًا مزمنًا، وليس لديهم دخل شهري أن يتقاضى من الحكومة مساعدة شهرية تكفل له حياة كريمة. 

وتلتزم الدولة بإنشاء دور رعاية خاصة بكبار السن، وافتتاح أندية رعاية نهارية لهم، وإصدار وثيقة مكتوبة بحقوقهم، مع توعية المجتمع بكيفية التعامل معهم وحفظ هذه الحقوق. 

وتلزم الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أطلقها الرئيس عبدالفتاح السيسي في الربع الأخير من العام الماضي، الدولة بأن تراعي احتياجات المسنين في تخطيطها للمرافق العامة.

وتوقعت مصادر برلمانية، أن ينتهي مجلس النواب من إقرار مشروع القانون، قبل 30 يونيو المقبل، مشيرة إلى أن لجنة التضامن الاجتماعي بالمجلس تعتزم عقد جلسات مكثفة خلال الأيام المقبلة للانتهاء من مرحلة المناقشة وإحالته للجلسة العامة لإقراره.

وأضافت المصادر لـ"جسور بوست"، أن الحكومة تهتم بشكل كبير بالانتهاء من مناقشة وإقرار القانون، وهو ما يتضح من التزام ممثلي وزارات الشباب والثقافة والتضامن والتعليم والصحة وغيرها بحضور المناقشات في مجلس النواب.

صيغة عمومية

من جانبه، قال عضو مجلس الشيوخ المصري (الغرفة الثانية للبرلمان) سيد حجازي، إن مشروع القانون الذي تناقشه السلطة التشريعية حاليًا، يؤكد اهتمام الدولة المصرية برد الحقوق لأصحابها خاصة كبار السن.

وأضاف حجازي لـ"جسور بوست" أن مجلس الشيوخ وافق على مشروع القانون قبل أشهر وتم إحالته إلى مجلس النواب لمناقشته وإقراره بشكل نهائي، لأنه يحقق للمسنين رعاية متكاملة ماديًا وصحيًا واجتماعيًا، ويلزم الدولة بأن تكفل لهم حقوق وتجرم الاعتداء عليها.

وأكد أن "جوهر الإستراتيجية الوطنية لحقوق الإنسان، التي أعلنت عنها الدولة نهاية العام الماضي، هو أن تلتزم الدولة بحماية حقوق المهمشين والفئات المستضعفة، سواء ذوي الاحتياجات الخاصة أو المرضى وكبار السن والفقراء".

وأشار إلى أن مشروع قانون المسنين لا يكتفي بإلزام الدولة بدعمهم ماديًا، لكنه يلزمها بتوفير الراحة لهم في الشارع والمواصلات العامة والجهات الحكومية التي يتعاملون معها. 

وقال حجازي إن المقترح القانوني يمثل تطبيقًا قانونيًا لنص المادة 83 من دستور 2014، موضحًا أن المقترح يستهدف أيضًا توعية المجتمع بحقوق كبار السن، بالتأكيد على مفهوم أنهم "ليسوا عالة" على المجتمع.

وأضاف: "الإحصائيات الرسمية والواقع العملي يؤكدان أن كثيرا من كبار السن لدينا ينزلون ميدان العمل، وبعضهم يضطر للعمل في مهن شاقة لا تتناسب مع أعمارهم، لذلك تحاول الدولة أن تكرمهم في هذه المرحلة من سنهم".

وأكد “حجازي”، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي تحدث أكثر من مرة عن اهتمام الدولة بحقوق كبار السن، وهو يسعى بشكل حقيقي لحمايتهم ودعمهم، لأن هذا حقهم على البلد.

بدوره، قال الباحث بالمبادرة المصرية للحقوق الشخصية (غير حكومية، مقرها القاهرة) أحمد عزب، إن مجمل مشروع القانون جيد لكنه جاء في صيغة عمومية دون التطرق إلى تفاصيل وضمانات حماية حقوق كبار السن. 

وأضاف “عزب” لـ"جسور بوست"، أن المادة التي تتعلق بالرعاية الصحية تنص على أن الدولة تكفل كامل الرعاية الصحية لكبار السن، لكن هذه صيغة عامة وكان من الأفضل ربطها بمنظومة التأمين الصحي الشاملة الجديدة. 

وأوضح أنه كان من المتوقع أن يعفي المقترح كبار السن من دفع قيمة الاشتراك في مشروع التأمين الصحي، وبذلك نضمن حصولهم على رعاية صحية متكاملة دون تكلفة.

وأكد عزب أن الرعاية الطبية هي أكثر ما يحتاجه كبار السن، خاصة وأن أغلبهم من ذوي الدخول الشهرية المنخفضة، والحديث عن رعاية متكاملة دون صيغة تنفيذية واضحة يضطرنا إلى انتظار دخول القانون حيز التنفيذ.

وبحسب تقرير الجهاز المركزي للإحصاء (رسمي) صادر في 2021، يبلغ عدد المسنين في مصر 6.8 مليون مسن، بينهم 3.6 مليون ذكور، و3.2 مليون إناث، أي بنسبة 6.7% من إجمالي تعداد السكان البالغ 103 ملايين نسمة.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية