على وقع الاحتجاجات الشعبية.. ليبيا تكافح من أجل تحقيق توافق لإجراء الانتخابات

على وقع الاحتجاجات الشعبية.. ليبيا تكافح من أجل تحقيق توافق لإجراء الانتخابات
احتجاجات في ليبيا

كاتب وباحث سياسي ليبي لـ«جسور بوست»: نعاني من طبقة سياسية ترفض مغادرة المشهد رغم انتهاء ولايتها الدستورية

بعد أن بلغت الأوضاع المعيشية والاقتصادية حداً لا يطاق، بات رهان السياسيين والمحللين على صبر الشعب الليبي المأزوم خاسراً. وخلال الأيام القليلة الماضية، خرج آلاف المتظاهرين في العديد من المدن الليبية شرقاً وغربا، للمطالبة برحيل مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة، وحكومتي فتحي باشاغا وعبدالحميد الدبيبة المتنازعتين، على وقع الأزمة الاقتصادية الخانقة في البلاد.

جاء ذلك ردا على فشل رئيس مجلس النواب في طبرق عقيلة صالح، ورئيس المجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري) خالد المشري في التوصل إلى توافق بشأن المسار الدستوري في ليبيا.

فيما تعيش ليبيا وضعا متأزما بسبب صراع حكومتي فتحي باشاغا وعبدالحميد الدبيبة على السلطة، إذ كلفت الأولى من قبل مجلس النواب مطلع مارس الماضي، فيما ترفض الثانية تسليم السلطة إلّا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.

وبالتزامن مع التوترات السياسية يعيش الليبيون أوضاعا معيشية متردية وانقطاعا متكررا للتيار الكهربائي، دفعا حراكاً شبابياً باسم "بالتريس" (أي الرجال) إلى إطلاق دعوة بتنظيم مظاهرات احتجاجية في عموم البلاد.

وجراء الخلافات بين المؤسسات الرسمية في ليبيا، تعذّر إجراء انتخابات برلمانية ورئاسية كان مقرراً لها ديسمبر 2021، ضمن خطة ترعاها الأمم المتحدة لإنهاء النزاع في البلد الغني بالنفط.

مساعٍ أممية

دعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، السبت، جميع الجهات الفاعلة في ليبيا إلى الامتناع عن أي أعمال من شأنها تقويض الاستقرار في أعقاب المظاهرات التي شهدتها عدة مدن في جميع أنحاء البلاد، بما فيها العاصمة طرابلس.

وفي بيان منسوب إلى المتحدث باسمه، قال غوتيريش، إنه يتابع بقلق التظاهرات التي جرت الجمعة، داعيا جميع المتظاهرين إلى تجنب أعمال العنف، فيما حث قوات الأمن على بذل أقصى درجات ضبط النفس.

وطالب غوتيريش الجهات الليبية بـ"العمل معاً للتغلب على المأزق السياسي المستمر، الذي يزيد من حدة الانقسامات ويؤثر سلباً على اقتصاد البلاد".

وأشار إلى أن الأمم المتحدة والمستشارة الأممية الخاصة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز، على استعداد لبذل المساعي الحميدة والوساطة بين الأطراف لرسم طريق للخروج من المأزق السياسي من خلال تنظيم انتخابات في أقرب وقت على أساس إطار دستوري ثابت.

بدورها، دعت وليامز، عبر حسابها على تويتر: القيادة الليبية إلى التعامل بمسؤولية تجاه الاحتجاجات الشعبية الحاشدة، وحثت الجميع على ممارسة ضبط النفس. 

وقالت المستشارة الأممية: "ينبغي احترام وحماية حق الشعب في الاحتجاج السلمي، لكن أعمال الشغب والتخريب كاقتحام مقر مجلس النواب في وقت متأخر يوم الجمعة في طبرق غير مقبولة على الإطلاق".

ومساء الجمعة، أضرم المحتجون النيران في مقر مجلس النواب في طبرق، بينما كانت مظاهرات العاصمة طرابلس أكثر سلمية ولم تمس مقر المجلس الأعلى للدولة بليبيا.

الإرادة الشعبية

من جانبه قال الكاتب والباحث السياسي الليبي فوزي حداد، لـ«جسور بوست» إن المشهد معقد ويزداد تعقيدا باستمرار بسبب الأزمات المتتالية على البلاد منذ عام 2014.

وأوضح حداد أن "الغضب الشعبي العارم الذي تبلور مؤخرا على الساحة الليبية، جاء نتيجة نفاد صبر الليبيين من محاولات إدارة الصراع دون البحث عن حل مستدام يحقق التنمية والاستقرار".

وأضاف: "للأسف الشعب الليبي يعاني من طبقة سياسية ترفض مغادرة المشهد رغم انتهاء ولايتها الدستورية، سواء المؤتمر الوطني المنتخب عام 2012 والذي تحول اليوم إلى المجلس الأعلى للدولة، أو مجلس النواب المنتخب عام 2014 ليستمر 18 شهرا فقط، لكن المجلسين مستمران إلى الآن في تحدٍ لإرادة الشعب الليبي".

وتابع حداد: "جميع مباحثات وتحالفات المجلسين (النواب والأعلى للدولة) باءت بالفشل بشأن التوافق على قاعدة دستورية توصل إلى انتخابات برلمانية ورئاسية متزامنة تنهي سنوات مريرة من الصراع على الشرعية في الدولة الليبية".

ومضى قائلا: "لكل هذه الأسباب انطلقت الحراكات الشعبية الاحتجاجية، والتي اتسم بعضها بالعنف، جراء انسداد المسار السياسي والوصول إلى مرحلة غير مسبوقة من التدهور الاقتصادي وانعدام السيولة المالية وانقطاع التيار الكهربائي وفشل مؤسسات الدولة في دفع أجور الموظفين وغيرها".

وأكد أن الفشل في خلق أفق سياسي لحل الأزمة الليبية، كإعلان إجراء الانتخابات في موعد ملزم لجميع أطراف الصراع، أدى بدوره إلى تصاعد وتيرة العنف والعنف المضاد في ليبيا.

ضغط الحراك الشعبي

ورغم ذلك قال حداد: "نأمل أن تستمر هذه الحراكات الشعبية، لضمان مواصلة الضغط الشديد على القادة والسياسيين بحيث تدفعهم إلى الوصول لحلول توافقية تضمن الوصول إلى انتخابات برلمانية ورئاسية عاجلة".

وكانت الأمم المتحدة، شكلت من خلال المستشارة الخاصة بشأن ليبيا ستيفاني وليامز، لجنة المسار الدستوري عقدت 3 جولات مباحثات وفق مبادرة لها لحل الأزمة الليبية للتوافق بشأن قاعدة دستورية تؤدي للانتخابات.

لكن المؤسسات الرسمية في ليبيا لم تتوصل إلى اتفاق بشأن قانون الانتخاب، كما أثيرت الانتقادات بشأن وجود حكومتين تتنازعان الشرعية يجعل من الصعب إجراء الانتخابات وتأمينها وتوفير الدعم اللوجيستي لمفوضية الانتخابات لإنجاحها.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية