بوتين يأمر بمواصلة المعارك في أوكرانيا.. ومؤتمر في سويسرا لإعادة الإعمار

بوتين يأمر بمواصلة المعارك في أوكرانيا.. ومؤتمر في سويسرا لإعادة الإعمار

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، الاثنين، قواته بمواصلة هجومها في شرق أوكرانيا غداة السيطرة على مدينة ليسيتشانسك الإستراتيجية، فيما قدرت كييف كلفة إعادة إعمار البلاد مستقبلا بـ750 مليار دولار.

وصرح الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في كلمة ألقاها عبر الفيديو عند افتتاح مؤتمر دولي أقيم في لوغانو بسويسرا تمهيدا لهذه الورشة الهائلة، بأن إعادة الإعمار "هي المهمة المشتركة للعالم الديمقراطي بأسره"، بحسب وكالة "فرانس برس".

وعرض رئيس وزراء أوكرانيا دينيس شميغال الذي حضر إلى سويسرا خطة "تقدر منذ الآن بـ750 مليار دولار".

ويعقد المؤتمر الذي يستمر حتى الثلاثاء في وقت أمر بوتين الاثنين قواته خلال لقاء مع وزير الدفاع سيرغي شويغو بـ"تنفيذ مهمتها وفقا للخطط التي تمت الموافقة عليها".

وأعلنت هيئة الأركان الأوكرانية مساء الأحد انسحاب قواتها من ليسيتشانسك، آخر معقل لكييف في منطقة لوغانسك التي أعلنت موسكو السيطرة عليها بالكامل.

وبات الهدف الأول للقوات الأوكرانية الآن احتواء التقدم الروسي غربا نحو مدينتي سلوفيانسك وكراماتورسك الكبريين في منطقة دونيتسك المجاورة.

بعد استيلائها على ليسيتشانسك في مرحلة أساسية في خطتها للسيطرة على حوض دونباس الصناعي الذي ينطق غالبية سكانه بالروسية ويسيطر على جزء منه انفصاليون موالون لموسكو منذ 2014، "يسعى العدو بشكل رئيسي لأن يتجاوز تدريجيا" قدرات القوات الأوكرانية على هذا المحور، وفق ما أفادت رئاسة الأركان الأوكرانية، الإثنين.

ضربات روسية

وأفاد حاكم منطقة دونيتسك بافلو كيريلنكو بمقتل عشرة أشخاص بينهم طفلان الأحد جراء ضربات روسية في سلوفيانسك ومحيطها.

ومع اقتراب خط الجبهة من سلوفيانسك، تدعو السلطات الأوكرانية السكان إلى مغادرة المنطقة.

وكانت شوارع المدينة شبه مقفرة صباح الاثنين على ما أفاد صحفيون، وفي السوق المركزي وسط المدينة الذي اجتاحه حريق اندلع جراء ضربة روسية، كان بعض الباعة يعرضون منتجات أساسية فيما آخرون يزيلون الركام المتفحم.

وأعرب باعة وسكان التقتهم (فرانس برس) وبعضهم في حال الصدمة، عن خوفهم من الأيام والأسابيع المقبلة، فيما يسمع دوي قصف في البعيد.

وقال أندري غيراسيمنكو (38 عاما) وهو يلملم حطاما في السوق: "أعتقد أن ما ينتظرنا سيكون أسوأ، فكرت في الرحيل".

وأيدته فيكتوريا كولوتي (33 عاما) الرأي قائلة: "لن يحصل أي أمر جيد، الأفضل هو أن نرحل"، موضحة أنها أرسلت أولادها خارج البلاد.

في سيفيرسك الواقعة بين ليسيتشانسك وسلوفيانسك، تبدو القوات الأوكرانية عازمة على الحفاظ على خط دفاع بين هذه المدينة ومدينة باخموت إلى الجنوب لحماية سلوفيانسك وكراماتورسك.

وأفاد سكان تحدثت إليهم (فرانس برس) باشتداد القصف على سيفيرسك في الأيام الأخيرة.

وأكدت هيئة أركان الجيش الأوكراني في مؤتمر صحفي صباح الاثنين: "كثف العدو قصفه على مواقعنا باتجاه باخموت".

من جهتها، أعلنت وزارة الدفاع الروسية تدمير "سبعة مراكز قيادة" أوكرانية خلال الساعات الـ24 الأخيرة "من بينها قيادة الفوج المجوقل الخامس والعشرين في منطقة سيفيرسك"، وهو أمر يتعذر التثبت منه من مصدر مستقل.

في خاركيف، ثاني أكبر مدن أوكرانيا في شمال شرق البلاد، قتل ثلاثة مدنيين في قصف قبل فجر الاثنين، وفق ما أفادت السلطات المحلية.

عودة السكان

وفي بوتشا، رغم عودة السكان إلى مدينتهم المدمرة التي شهدت مجازر، إلا أنهم لا يجرؤون بعد على التفكير في إعادة الإعمار في ظل الغموض المحيط بالمستقبل. ولا تزال آثار المعارك ظاهرة في كل مكان من المدينة، من زجاج محطم وآثار رصاص وفجوات في الجدران.

وقالت فيرا سيمينيوك البالغة 65 عاما: "نذهب إلى النوم من غير أن نعرف إن كنا سنستيقظ في الغد"، مضيفة: "الجميع عادوا وبدؤوا يصلحون المنازل، العديدون يبدلون زجاج النوافذ. سيكون الأمر فظيعا إن عاد كل شيء وترتب ترك كل شيء مرة جديدة".

وفيما تبقى نتيجة الحرب غير مؤكدة على الرغم من المساعدات العسكرية والمالية الكبيرة من الحلفاء، يسعى مؤتمر لوغانو لرسم معالم إعادة إعمار أوكرانيا مستقبلا.

وقال زيلينسكي الأحد إن "المهمة هائلة فعلا" حتى لو اقتصرت على الأراضي المحررة فقط.

وكان منظمو المؤتمر يأملون بحضور زيلينسكي شخصياً إلا أنه اكتفى كالعادة بمداخلة عبر الفيديو خلال اللقاء الذي يجمع مسؤولين من الدول الحليفة لأوكرانيا والمؤسّسات الدولية وكذلك من القطاع الخاص.

مكافحة الفساد

وكان المؤتمر مقررا قبل الغزو الروسي لأوكرانيا بكثير وكان سيناقش أساسا الإصلاحات في هذا البلد ولا سيما مكافحة الفساد المستشري، لكن أعيد تركيزه على الإعمار.

ووصل شميغال ورئيس البرلمان رسلان ستيفانشوك إلى لوغانو الأحد، والتقيا رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لايين لإرساء أسس "خطة مارشال" لأوكرانيا.

ورأى روبير مارديني المدير العام للجنة الدولية للصليب الأحمر في مقابلة مع محطة "ار تي اس " التلفزيونية السويسرية أن عملية إعادة البناء بحد ذاتها يجب أن تنتظر نهاية القتال لكن من الحيوي توفير "أفق إيجابي للمدنيين".

ومن المتوقع أن يعرض بنك الاستثمار الأوروبي إنشاء صندوق جديد لأوكرانيا قد تصل قيمته إلى مئة مليار يورو وفق مصادر مطلعة. ويشير شميغال إلى أن الأموال الروسية المجمدة في الدول الغربية تقدر وحدها ما بين 300 و500 مليار دولار.

بداية الأزمة

اكتسب الصراع الروسي الأوكراني منعطفًا جديدًا فارقًا، في 21 فبراير، بعدما أعلن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الاعتراف بجمهوريتي "دونيتسك" و"لوغانسك" جمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا، في خطوةٍ تصعيديةٍ لاقت غضبًا كبيرًا من كييف والدول الغربية.

وبدأت القوات الروسية، فجر يوم 24 فبراير، في شن عملية عسكرية على شرق أوكرانيا، وسط تحذيرات دولية من اندلاع حرب عالمية "ثالثة"، ستكون الأولى في القرن الحادي والعشرين.

وقال الاتحاد الأوروبي إن العالم يعيش الأجواء الأكثر سوادًا منذ الحرب العالمية الثانية، فيما فرض الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة حزمة عقوبات ضد روسيا، وصفتها رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بأنها الأقسى على الإطلاق.


 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية