متخصصون يدعون لدعم مرضى سرطان الثدي والتصدي للعنف الاجتماعي

متخصصون يدعون لدعم مرضى سرطان الثدي والتصدي للعنف الاجتماعي

 

دعا متخصصون لدعم مريضات سرطان الثدي من السيدات نفسياً واجتماعياً، وتوعيتهن بأهمية الكشف المبكر عن سرطان الثدي، تجنباً لأي مضاعفات، والتصدي للعنف الاجتماعي المبني على النوع، وتمكينهن في المجالات كافة، من خلال جلسات تبادل التجارب ومشاركة قصص النجاح في التصدي للمرض مع قريناتهن.

 

وأكد متخصصون على أهمية توجيه الناجية لطلب المساعدة الطبية لبدء رحلة العلاج الفاعلة، دون تردد أو خجل أو خوف، انطلاقاً من توصيات دينية لحفظ النفس وعدم الإلقاء بها في التهلكة، واللجوء للجهات المتخصصة عند تعرضهن لأي من أشكال العنف، بحسب وكالة الأنباء الأردنية (بترا).

 

“زهرة” اسم مستعار بناء على طلبها، وصفت مسيرتها الاجتماعية والوظيفية بـ”الناجحة” على مختلف الأصعدة، إذ تميزت بعطائها في العمل العام إلى جانب وظيفتها الأساسية، حتى استوقفها خبر إصابتها بسرطاني الثدي والرحم، ولسان حالها يقول “هل سأكون بخير؟”.

 

تسارعت الأحداث بعدها وتدهورت حالتها النفسية والاجتماعية انحداراً في غياهب الألم، فكان عدم تقبل زوجها وأهلها لمرضها، إضافة إلى ابتعاد صديقاتها، أصعب من المرض نفسه، حسب تعبيرها.. وتابعت: “بعد خضوعي لعملية استئصال ورم من الرحم بوزن 3 كغم، وتكبدي مصاريف العلاج، تنبهت لتراجع زوجي عن الإنفاق، وشروعه بتوفير أمواله لأغراض أخرى غير العلاج، وترك المنزل”.

 

وتضيف أن الأمر اتخذ منحى مختلفاً عندما طلب زوجها منها ضرورة مغادرة البيت لنيته الزواج بأخرى، وتقول: جرحت بأقسى العبارات التي تمس أنوثتي، فقدت منزلي ونعمة العيش مع أولادي، فقدت حقوقي المادية بتوقيعي على وثيقة لم أقرأ ما أدرج فيها من نوايا “خبيثة”.

 

بعد ذلك، انتهجت “زهرة” الدعم المعنوي وتبادل الخبرات مع مصابين آخرين، لتقوية الذات والتعلم من تجارب الغير، فأنشأت مجموعة اتصالية لفتح قنوات التواصل كردة فعل رافضة للاستكانة، ما عاد عليها بالثقافة الواسعة عن المرض، ودفعها للاستمرار ومقاومة الصعاب.

 

وقال رئيس جمعية نبض الحياة عبدالله الضمور، إن الجمعية تأسست عام 2018 لرعاية هذه الفئة من خلال تنفيذ برامج خدماتية على مستوى الأردن، لدحض المعتقدات المغلوطة حول المرض لدى البعض.

 

وبين أن الجمعية تعمل على تنظيم الحملات التوعوية والدورات التي تستهدف ذوي الناجين لإرشادهم لكيفية التعامل معهم، ومساعدتهم على التخلص من حالات الاكتئاب والضغط النفسي، ومساعدتهم على فهم حالتهم المرضية وبرنامجهم العلاجي حتى يتمكنوا من الاستمرار فيه.

 

وقال الضمور، إن الجمعية ضمن أنشطتها المتعددة تسعى إلى تقديم سبل الدعم الممكنة للناجيات، اللاتي يواجهن في الغالب مشكلات زوجية قد تفضي للانفصال وغيره من التبعات الاجتماعية كفقدان الحق في حضانة أطفالهن.

 

وقالت المستشارة القانونية المتخصصة في مجال حقوق الإنسان، رضية العمايرة، إن القانون يراعي دائما مصلحة الصغار الفضلى في هذا الوضع، وتسقط حضانة السيدة لأطفالها في حال لم تمكنها حالتها الصحية من تهيئة الرعاية الكاملة لهم، أما الأمهات اللاتي استطعن التعايش مع المرض فلا يفقدن الحضانة.

 

وفي السياق، أكد المتخصص في علم الاجتماع، الدكتور حسين الخزاعي، أن الزواج عقد اجتماعي، وعلاقات تشاركية تبنى لمواجهة الظروف الطارئة التي قد تتعرض لها الأسرة، كمرض أحد أفرادها، وبالتعاون تتجاوز المحن.

 

وأضاف أن كثيراً من المصابات ينعزلن عن الأقارب، ويخشين فقدان الزوج وتعرض الأسرة للانهيار، مشيرا إلى أن سرطان الثدي يشكل في مجتمعاتنا العربية وصمة اجتماعية ناجمة عن الموروثات الاجتماعية، تلاحق المصابات به.

 

ودعا الخزاعي إلى ضرورة التصدي لتأثيرات ذلك على معنويات المريضة والحد من شجاعتها، والتوجه إلى المراكز الطبية والمنظمات المعنية والجمعيات الخيرية المتخصصة لتلقي المشورة والعلاج، الذي يدعمه تقبل الزوج للمرض باعتباره السند والعون لزوجته.

 

وشددت المثقِفَة في مركز الحسين للسرطان ضمن البرنامج الأردني للكشف عن سرطان الثدي، ريم بنات، على ضرورة الإلمام بسبل الكشف المبكر عن سرطان الثدي حتى قبل ظهور الأعراض، وخاصة لمن بلغن سن الأربعين من خلال حثهن على التوجه لعمل صورة “الماموغرام”، مؤكدة ارتفاع نسبة الشفاء حال اكتشافه في مراحله المبكرة.

 

وعرفت الأخصائية النفسية في جمعية معهد تضامن النساء الأردني الدكتورة ملك السعودي، العنف المبني على النوع الاجتماعي بأنه: مصطلح شامل لأي فعل ضار، يتم اقترافه ضد شخص آخر، ويشمل الأفعال التي تلحق الأذى أو المعاناة الجسدية أو النفسية أو الجنسية أو اللفظية أو الإهمال.. ويتم العنف تحت التمييز بين الجنسين وعدم المساواة بينهما وأدوار كل منهما، وقد يقع على النساء والفتيات تبعاً للمنظومة الاجتماعية والأعراف.

 

وتابعت: تحتاج النساء اللاتي يعانين من مرض السرطان بشكل عام، وسرطان الثدي على وجه الخصوص لتدخل نفسي فوري تداركا للآثار النفسية التي يتركها، حيث تقدم الخدمة النفسية لمساعدة الناجية على تجاوز حالة الصدمة وتدريبها على آلية التعامل مع المشاعر والبنى المعرفية التي تتبادر إلى تفكيرها والتي قد تقودها للاكتئاب.

 

ودعت الجمعية على موقعها الإلكتروني لإعداد استراتيجية وطنية تهدف لتغيير الصورة النمطية للنساء المبنية على الهيمنة الذكورية، بمشاركة جميع الجهات المعنية، وتعزيز العمل على مكافحة جميع أشكال العنف القائم عليه، وتشجيع النساء للتخلي عن ثقافة الصمت على العنف والإبلاغ عنه، وبناء قدرات العاملين على كيفية التعامل مع قضايا هذا العنف.

 

ووفقاً للجمعية فإن 50 بالمئة من النساء بالعالم يتعرضن للعنف خلال حياتهن، 25 بالمئة منهن يشعرن بعدم الأمان في أماكن العمل، كما أن النساء مسؤولات عن 75 بالمئة من أعمال الرعاية غير مدفوعة الأجر، و26 بالمئة من الزوجات تعرضن لعنف الأزواج مقابل 1 بالمئة من الأزواج تعرضوا لعنف زوجاتهم.

 

وقالت المنسقة في وحدة التواصل الاجتماعي في البرنامج الوطني للكشف المبكر عن سرطان الثدي، الدكتورة دينا الشافعي، إن سرطان الثدي لا يعتبر مرضاً معدياً، إلا أن الوراثة تعتبر أحد عوامل الخطورة للإصابة بسرطان الثدي بنسبة 5- 10 بالمئة.

 

وأشارت إلى أن نسبة الإصابة بسرطان الثدي تبلغ 39.7 بالمئة من مجموع الإصابات بالسرطان لدى النساء، وما نسبته 21.3 بالمئة من مجموع الإصابات بالسرطان لدى الجنسين.

 

ودعا المركز الوطني لحقوق الإنسان، إلى إطلاق برامج تأهيلية للأشخاص المتورطين بقضايا عنف ضد النساء، بما يضمن عدم تكرارها ومعالجة الأسباب التي دفعتهم إلى ارتكابها. وتعديل التشريعات بحيث تتضمن عدم الأخذ بإسقاط الحق الشخصي في حالات العنف بين الأقارب.

 

 


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية