"من هنا تبدأ المعاناة".. ناجيتان من الاتجار بالبشر ترويان "كيف تٌستدرج الضحايا"

"من هنا تبدأ المعاناة".. ناجيتان من الاتجار بالبشر ترويان "كيف تٌستدرج الضحايا"

بين أم عزباء يائسة تبحث عن عمل، وفتاة تخرّجت حديثا تبحث عن مصدر لكسب الرزق وإعالة أسرتها، من هنا تبدأ رحلة المعاناة.

"فاتو" و"بينتا" وقعتا ضحية للمتاجرين بالبشر، هما اثنتان من بين 56 ضحية من غامبيا تقدّم لهن المنظمة الدولية للهجرة المساعدة منذ عام 2017.

قصة فاتو

بعد أن تسرّبت من المدرسة الثانوية، كانت فرص العمل بالنسبة للأم العزباء، فاتو (اسم مستعار)، صعبة، تواصلت معها إحدى الصديقات لتبشّرها “بفرصة العمر”، وفقا لما نشرته المنظمة الهجرة الدولية.

تحدثت فاتو عن الطريقة التي استُدرِجت بها قائلة: “أخبرتني أنه يوجد بلد حيث يمكن للمرأة الغامبية أن تعثر فيه بسهولة على عمل، على وظيفة، وتقدر على تغطية نفقات أسرتها”.

توجهت صديقة "فاتو" إلى مهرّب، أجرى جميع الترتيبات الخاصة المتعلقة بجواز السفر والتأشيرة والرحلة، مقابل مبلغ من المال حصل عليه من شبكة اتجار في لبنان.

وبعد وصولها بوقت قصير، وُضعت "فاتو" في غرفة صغيرة، مع عدّة نساء أخريات.

تقول فاتو: “عندما وصلت إلى هناك، كنت خائفة حقا، عندما تتم المناداة على أسمائهن يغادرن الغرفة ولا يعدن أبدا.. لم أكن أعرف ما إذا كانوا سيحاولون قتلي أم لا”.

وعندما جاء دور "فاتو"، أخذها الوكيل وسلّمها إلى أسرة، هي الأسرة التي دفعت ثمن وثائق السفر والطيران.

وهناك أجبِرت على العمل كخادمة مقابل أجر ضئيل وغير ثابت، توقفت عن تلّقيه بعد أشهر قليلة من انفجار بيروت في 2020.

ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي، تواصلت "فاتو" مع ناشط في مكافحة الاتجار بالبشر للفت الانتباه إلى وضعها، مما أدى في النهاية إلى عودتها إلى غامبيا.

وفي عام 2020، كانت من بين 6900 شخص في إفريقيا يُقدّر أنهم وقعوا ضحايا الاتجار بالعمال، وفقا لتقرير بشأن الاتجار بالبشر صدر عن وزارة الخارجية الأمريكية في عام 2021.

قصة "بينتا"

لدى بينتا (اسم مستعار) قصة مشابهة لقصة "فاتو" بعد إنهائها المدرسة الثانوية، تعرّضت لضغوط من قبل عائلتها للعثور على عمل.

تقول "بينتا": "شعرتُ بالإحباط، كنت أبحث عن عمل لما يقرب من عامين، وشعرتُ بالاكتئاب" كملاذ أخير، قررت بينتا أن الطريقة الوحيدة للعثور على عمل هي مغادرة غامبيا.

استغلّ أحد معارفها يأسها في العثور على عمل، واتصل بها لترتيب سفرها إلى لبنان، وهناك أجبرت على العمل بدون أجر، واعتدى عليها صاحب العمل جنسيا مرارا وتكرارا، تقول: "اعتقدتُ أن العمل معه في مكتبه من شأنه أن يوقف المضايقات، لكن ذلك لم يحدث".

وبعد أشهر من هذه المحنة، تم تكليف "بينتا" للعمل كخادمة في منزل طبيب، تستذكر قائلة: “مكثتُ هناك لمدة 10 أشهر، أعمل بشكل مستمر بدون ساعات محددة”.

في نهاية المطاف، دخلت في شجار مع زوجة الطبيب، وقاما بطردها من المنزل، وأعادا إرسالها إلى غامبيا، ولدى عودتها إلى غامبيا، سعت بينتا للحصول على المساعدة على الفور.

وقالت: “أحالتني اللجنة الوطنية لحقوق الإنسان إلى المنظمة الدولية للهجرة (IOM)، والتي ساعدتني عبر تقديم بعض آلات الخياطة حتى أتمكن من كسب الدخل”.

وبمساعدة المنظمة الدولية للهجرة، افتتحت "فاتو" صالوناً ومتجراً لمستحضرات التجميل.

تقول فاتو: “استخدمتُ المال من الصالون لإعالة أسرتي ودفع الرسوم المدرسية وثمن الزي المدرسي لأولادي”.

وتوضح العضوة في فريق مكافحة الاتجار بالمنظمة الدولية للهجرة، أميناتا باه، أن المساعدة التي تقدمها المنظمة تتراوح بين دعم العودة الطوعية لضحايا الاتجار بالبشر إلى بلدانهم الأصلية، وتقديم خدمات الصحة الطبية أو العقلية وخدمات الدعم النفسي والاجتماعي، وتقديم المساعدة الاقتصادية لإعادة الإدماج.

وتضيف قائلة: "من خلال ما تعلّمناه عن ضحايا الاتجار بالبشر وإعادة إدماجهم، نعرف ما أكثر أنواع المساعدات فاعلية للنساء من أجل إعادة الإدماج بسلاسة في غامبيا".

وتتجاوز جهود مكافحة الاتجار الحماية وإعادة الإدماج، قائلة، يجب عمل المزيد لمنع وقوع الأشخاص ضحية للاتجار في المقام الأول، فضلا عن محاسبة المتاجرين بالبشر من خلال نظام العدالة الجنائية.

وتضيف أميناتا باه: “مع وجود الكثير من المهرّبين الذين يستخدمون التكنولوجيا لتسهيل الاتجار، نحتاج إلى أن نكون على دراية بكيفية تواصلنا مع الأشخاص عبر الإنترنت، لمنع التجربة المؤلمة المتمثلة في التعرّض للاتجار”.

ومن جانبها، تنصح فاتو: “إذا عرض شخص ما عليكم دفع تكاليف وثائق السفر ورحلة البحث عن عمل، فاسألوا بدلا من ذلك عمّا إذا كان يمكنه استثمار هذه الأموال في عمل ما”.

وتتفق أمنياتا باه مع فاتو، وتقول: “عندما يرسل إليكم شخص ما رسالة من دون سابق إنذار، ليقدم لكم شيئا يبدو جيدا لدرجة يصعب تصديقها، فهناك فرصة جيدة أنك هدف للاتجار”.

أما بينتا، فتنصح السيدات الشابات اللاتي يرغبن في السفر لكسب المال، بإعادة النظر في السفر إذا لم تكن جهة العمل معلومة، “وإذا انتهى بكِ الأمر في مكان غير آمن، فسوف تُعاملين بطريقة لاإنسانية.. لا أتمنى هذا لأي شخص”.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية