"غزة".. قطاع فلسطيني يختنق تحت وطأة الحصار وتعطيل إعادة الإعمار

"غزة".. قطاع فلسطيني يختنق تحت وطأة الحصار وتعطيل إعادة الإعمار

بوقوع 45 قتيلا ومئات المصابين، طرقت الاعتداءات المسلحة أبواب قطاع غزة الفلسطيني مجددا، لتخلِّف دمارا هائلا أبرز معالمه تضرر مئات الوحدات السكنية.

ومنذ يوم الجمعة الماضي، شن الجيش الإسرائيلي غارات على قطاع غزة، على مدى 3 أيام، ضد حركة "الجهاد الإسلامي"، مقابل إطلاق "سرايا القدس"، الجناح المسلح لحركة الجهاد، رشقات صاروخية وقذائف هاون باتجاه المواقع الإسرائيلية المحاذية للقطاع.

وأسفرت الغارات الإسرائيلية عن مقتل 46 فلسطينيا بينهم 15 طفلا و4 سيدات، إضافة إلى إصابة 360 آخرين بجراح مختلفة، وفق بيانات وزارة الصحة الفلسطينية.

ومساء الأحد، دخل اتفاق بوقف إطلاق النار حيز التنفيذ، والذي جرى بوساطة مصرية بين حركة الجهاد الإسلامي بغزة والسلطات الإسرائيلية. 

ونقلت وكالة الأنباء الرسمية بمصر، عن مصادر مسؤولة (لم تسمها) قولهم إن "اتصالات مكثفة أجرتها القاهرة خلال الساعات الأخيرة مع الأطراف كافة للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار بقطاع غزة".

فيما قال الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، إن بلاده تبذل جهدا كبيرا مع شركائها لاستعادة الهدوء في قطاع غزة، وتؤكد استمرار جهودها المضنية لتحقيق التهدئة المنشودة بين الجانبين.

تحقيق دولي

وفي سياق الأزمة، أعلنت الأمم المتحدة، الاثنين، دعمها إجراء تحقيق بشأن مقتل مدنيين فلسطينيين جراء الغارات الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة، والحفاظ على الوضع الراهن بالأماكن المقدسة في مدينة القدس.

وردا على سؤال بشأن موقف الأمم المتحدة حيال إجراء تحقيق في مقتل مدنيين في غزة جراء الغارات الإسرائيلية، قال المتحدث باسم الأمين العام ستيفان دوجاريك، في مؤتمر صحفي بنيويورك: "لا بد من إجراء تحقيق بشأن أي موقف نشهد فيه مقتل مدنيين".

وأضاف دوجاريك: "نؤمن بشدة بأهمية المحافظة على الوضع الراهن للأماكن المقدسة في القدس ونطالب كل الأطراف بالإحجام عن الاستفزاز".

و"الوضع الراهن" هو الذي ساد بالأماكن المقدسة الإسلامية والمسيحية أثناء الفترة العثمانية، واستمر خلال فترة الانتداب البريطاني لفلسطين والحكم الأردني، وحتى ما بعد السيطرة الإسرائيلية على القدس عام 1967. 

وفي 10 مايو 2021، شنت إسرائيل حربا على قطاع غزة استمرت 11 يوما، قبل أن تتوسط مصر برعاية دولية وتسهم في اتفاق تهدئة، وتبدأ عمليات إعمار غزة، فضلا عن لقاءات مستمرة مع الفصائل الفلسطينية.

إعادة إعمار

بدورها دعت قيادات فلسطينية، المجتمع الدولي إلى الضغط على إسرائيل لرفع الحصار المتواصل على غزة منذ 16 عاما، والذي وصفوه بـ"العقاب الجماعي" لسكان القطاع.

ويعيش أكثر من مليوني فلسطيني أوضاعا متردية في غزة جراء حصار إسرائيلي متواصل للقطاع منذ أن فازت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) بالانتخابات التشريعية الفلسطينية عام 2006. 

وبحسب تقديرات فلسطينية رسمية، تسبب العدوان الأخير في هدم 18 وحدة سكنية بشكل كلي، وتعرّضت 71 وحدة سكنية للهدم، فيما طالت الأضرار الجزئية نحو 1675 وحدة سكنية.

وقال وكيل وزارة الأشغال العامة والإسكان ناجي سرحان، إن تكلفة إعادة إعمار ما تهدم خلال العدوان الأخير (مايو 2021) تبلغ 110 ملايين دولار، كما تصل تكلفة تعويضات أضرار القطاع الصناعي والزراعي والاقتصادي والتجاري إلى 875 مليون دولار. 

وأضاف سرحان في تصريحات صحفية، أن سبب تأخير إعادة إعمار قطاع غزة هو عدم وجود مانحين حقيقيين، وضعف حجم التمويل المتوفر مقارنة مع الاحتياجات المطلوبة.

تحذير أممي

ومن جانبه، حذر منسق الأمم المتحدة لعملية السلام في الشرق الأوسط، تور وينسلاند، من أن يكون اتفاق وقف إطلاق النار هشا، لا سيما أن استئناف الأعمال العدائية سيحمل عواقب وخيمة على الجانبين وسيجعل أي تقدم سياسي بعيد المنال.

وقال وينسلاند، خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، الاثنين: "مع الاعتراف الكامل بشواغل إسرائيل الأمنية المشروعة، أكرر أنه بموجب القانون الدولي، يجب أن يكون كل استخدام للقوة متناسبا واتخاذ جميع الخطوات الممكنة لتجنب وقوع إصابات في صفوف المدنيين".

وأضاف: "أدين الإطلاق العشوائي للصواريخ من أحياء سكنية مكتظة بالسكان في غزة على التجمعات السكانية المدنية في إسرائيل، مما يعرّض المدنيين الفلسطينيين والإسرائيليين للخطر وينتهك القانون الإنساني الدولي".

وبحسب مصادر رسمية إسرائيلية، قتلت الغارات 21 ناشطا من حركة الجهاد الإسلامي الفلسطينية.

ملف معقد

وبدوره، قال الإعلامي الفلسطيني المقيم في غزة، مصطفى حبوش، إن الغارات الإسرائيلية الأخيرة دمرت أحياء كاملة في القطاع، إضافة إلى عدم إتمام عمليات إعمار ما تدمر في اعتداءات العام الماضي.

وأوضح حبوش لـ«جسور بوست» أن ملف إعادة الإعمار في قطاع غزة معقد للغاية، لا سيما أن إسرائيل تمنع دخول التمويلات خشية وصولها إلى حركات المقاومة المسلحة، وعلى رأسها حركة "حماس".

وأضاف: "مصر وقطر تسعيان إلى إقامة مشروعات تنموية في القطاع، كما كانت هناك مباحثات متواصلة بين مصر وحماس -المسيطرة على القطاع- للتوصل إلى آلية معينة لعملية إعادة الإعمار".

وتابع: "الحياة في القطاع ليست طبيعية، فالكهرباء لا تأتي سوى 4 ساعات يوميا فحسب، وهذا بدوره يؤثر على المياه والصرف الصحي والمصانع والشركات، والسكان يستعينون بمولدات كهربائية لكن أسعارها مرتفعة جدا".

ومضى قائلا: "يتم احتساب الكيلووات من كهرباء المولدات بمبالغ تصل إلى 8 أضعاف السعر العادي، وهو ما لا يقوى عليه معظم السكان الذين يعانون البطالة والفقر".


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية