الجفاف والتغيرات المناخية تفاقم الأزمة الاقتصادية في أوروبا

الجفاف والتغيرات المناخية تفاقم الأزمة الاقتصادية في أوروبا
الجفاف في أوروبا

 

يعاني اقتصاد دول الاتحاد الأوروبي أزمة حادة، جراء التغيرات المناخية التي تشهدها الأرض حاليا، ويؤدي الجفاف إلى جانب درجات الحرارة القصوى إلى تفاقم الأزمة، خاصة أن الأنهار وصلت لأدنى مستويات المياه في الـ70 سنة الماضية، وهو ما يؤثر على الإنتاج الزراعي وتداعياته السلبية على الصناعة والاقتصاد ككل.

وفي تقرير نشرته صحيفة "لابانجورديا" الإسبانية، أشارت إلى أن الجفاف الاستثنائي الناتج عن الجفاف والحرارة القياسية يترك بصماته بقوة على القارة العجوز، حيث إن أنهار القارة آخذة في الجفاف وانخفضت إلى مستويات تاريخية، مما يجعل من المستحيل عدم ربط تغير المناخ بالاقتصاد.

ويعانى نهر الراين، أحد الأنهار الرئيسية في أوروبا، لقرون من الركائز الأساسية للاقتصادات الألمانية والهولندية والسويسرية، من المقرر أن يصبح غير قابل للملاحة، مما يعيق أحمال الديزل والفحم، كما يعاني نهر الدانوب من انسداد بسبب نقص المياه، مما يعرض تجارة الحبوب للخطر.

وتفاقمت أزمة الطاقة في فرنسا لأن نهري رون وجارون هذا الصيف شديدا الحرارة لدرجة لا تسمح بتبريد المفاعلات النووية، ونهر بو الإيطالي منخفض للغاية لري حقول الأرز والحبوب.

ولم يسلم الجبن الفرنسي التقليدي من موجة الجفاف القاسية التي ضربت أوروبا، فقد أوقفت باريس إنتاج جبنة "الساليرز" التي يعود عمرها إلى ألفي سنة، في منطقة أوفيرني الوسطى بسبب نقص الأعشاب جراء أزمة الجفاف.

وتنقل الأنهار والقنوات في القارة أكثر من طن واحد من المواد الخام والبضائع سنويًا لكل مقيم في الاتحاد الأوروبي، وتساهم بنحو 80 مليار دولار في اقتصاد المنطقة كطريق للنقل.

في الوادي حول نهر بو  الإيطالي، وهي منطقة تمثل حوالي 30 ٪ من الإنتاج الزراعي، أدت الحرارة الشديدة والظروف الجافة بشكل استثنائي إلى إتلاف إنتاج الذرة وعباد الشمس، وأجبرت مزارعي الأرز على قطع المزارع في مواجهة نقص المياه بعد انخفاض نهر بو  إلى أدنى مستوى خلال السبعين عامًا الماضية.

التعافي البيئي والاقتصادي 

تأتي أزمة الجفاف في أوروبا في الوقت الذي يستعد فيه الاتحاد الأوروبي لمكافحة تغير المناخ في عام 2030، ففي خطط الانتقال الخضراء الخاصة بأوروبا، تستهدف المفوضية الأوروبية زيادة بنسبة 25٪ في الممرات المائية الداخلية والشحن البحري القصير لتلبية أهداف جدول الأعمال المحددة لعام 2030.

مع الأخذ في الاعتبار السياق الدراماتيكي الحالي، يمكن لأوروبا أن تفوت تحديات التعافي البيئي والاقتصادي في السنوات القادمة من خلال إجبارها على استغلال المصادر الأحفورية مثل الفحم، والتي تهدف إلى التخلي عنها بسبب تأثيرها البيئي الكبير والتي تعد جزءًا من مورد سابق.

 من ناحية أخرى، في مواجهة هذا الواقع، من الصعب السير في اتجاه المصادر المتجددة، كما أشارت المفوضية الأوروبية.

انخفض منسوب المياه بشكل كبير في وقت كانت فيه القارة تعاني من جفاف تاريخي، بدأ اكتشاف رسائل عمرها قرون خلدت في الصخور وعلى السطح، وتحذر النقوش الأساسية من العواقب التي يمكن أن يسببها الجفاف، حيث أوضح الخبراء أن الجفاف تسبب في ضعف الحصاد ونقص الغذاء وارتفاع الأسعار والجوع للفقراء.

وأشار الخبراء إلى أن 47٪ من أوروبا تحت التحذير من ظروف الجفاف الخطيرة، مما يعني أن التربة تعاني من نقص رطوبة كبير، في حين أن 17٪ أخرى في حالة تأهب بسبب تأثر الغطاء النباتي بالظروف الجافة.

وفي سياق الأزمة قالت صحيفة "إيه بي سي" الإسبانية إن الخبراء يعتقدون أن الجفاف قد يستمر حتى العام المقبل، مما يعنى المزيد من الحرائق والمزيد من الحرارة ومياها أقل، حيث بدأت قلة الأمطار في إثارة قلق الأنهار أيضًا، والوضع مقلق في أجزاء كثيرة من القارة القديمة.

دراسات وتحذيرات

وتحذر الدراسات العالمية من ظاهرة التغير المناخي وارتفاع درجة حرارة الكوكب، لما لها من تأثير مباشر على هطول الأمطار الغزيرة والسيول والفيضانات والجفاف والأعاصير والتصحر وانتشار الأوبئة والأمراض.

وأكد خبراء في مجال البيئة خطورة حرائق الغابات والتي يترتب عليها فقدان أكبر مصنع لإنتاج الأكسجين بالعالم مقابل ارتفاع نسبة ثاني أكسيد الكربون، ما ينذر بتصاعد ظاهرة الاحتباس الحراري.

وفي السياق، حذَّر الأمين العام للأمم المتحدة، ​أنطونيو غوتيريش​، من أن "نصف البشرية يقع في منطقة الخطر، من جراء ​الفيضانات​ والجفاف والعواصف الشديدة وحرائق الغابات​"، مؤكداً أنه "لا يوجد بلد محصن".

ويؤكد التقرير الأخير الصادر عن الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ الضرورة الملحة لمعالجة الآثار المكثفة لتغير المناخ، وضمان التكيف والمرونة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية