التعذيب بالكلاب سلاحاً.. رحلة عبر التاريخ وصولاً إلى جحيم إسرائيل

التعذيب بالكلاب سلاحاً.. رحلة عبر التاريخ وصولاً إلى جحيم إسرائيل

في جحيم السجون الإسرائيلية.. الكلاب أداة للتعذيب والترهيب

تاريخ التعذيب.. أدوات القسوة من العصور القديمة إلى الاحتلال الحديث 

من نهش الأجساد إلى نهش الأرواح.. الكلاب في خدمة الوحشية الإسرائيلية

حقوقي فلسطيني: استهداف الفئات الضعيفة أو الأسرى المدنيين ينتهك الكرامة الإنسانية

خبير قانوني: استخدام الكلاب أداةً للتعذيب يتعارض مع المبادئ القانونية الدولية والاتفاقيات الأممية

 

عبر تاريخ البشرية، كان التعذيب أداة للإذلال والسيطرة، حيث ابتكر الإنسان أساليب بشعة لضمان أن يعيش الضحية في جحيم لا يُطاق، حتى يُفضل الموت على الاستمرار في تلك المعاناة. استخدمت بعض الشعوب هذه الطرق الوحشية لعقوبة الجرائم، واستخراج الاعترافات بالقوة، وتخويف الأعداء. 

ما يثير الدهشة هو كيف يمكن للتعذيب أن يصبح هواية للبعض من المنحرفين والساديين، الذين يستمتعون بإيذاء الآخرين بلا رحمة.

في سياق التعذيب الوحشي للأسرى الفلسطينيين باستخدام الكلاب البوليسية الوحشية، نجد أنها مجرد تطور آخر من هذه الوحشية، يتم تدريب الكلاب بشكل مكثف لتكون آلة للرعب والإيذاء، ما يجبر الأسرى على العيش في حالة من الخوف والرعب المستمر، يفتقدون لحقوقهم الإنسانية الأساسية. 

وأوضح المفكر اليوناني تيروكورال أن العقوبة يجب أن تكون مؤلمة بما يكفي للردع ولكنها يجب أن تكون أيضًا مناسبة للجريمة، دون تجاوز الحدود الإنسانية، تلك الكلمات تذكرنا بأهمية احترام الكرامة الإنسانية في جميع الظروف، وتحثنا على التعامل مع معاناة الآخرين بروح الإنسانية والرحمة. 

استخدام الكلاب في التعذيب ليست واقعة جديدة، حيث تم استخدام الكلاب كأداة للتعذيب عبر التاريخ بغرض التهديد وإحداث الرعب والضغط النفسي. 

من الولايات المتحدة إلى العراق شهدنا العديد من الأمثلة البارزة لهذه الممارسة، استخدام الكلاب كأداة للتعذيب يُسفر عن آثار نفسية وجسدية مدمرة على الضحايا، ما يجعلها انتهاكًا صريحًا لحقوق الإنسان. 

ومنذ هجوم 7 أكتوبر، تضاعفت عمليات اعتقال الفلسطينيين في الضفة الغربية على يد الجيش الإسرائيلي، وتمت هذه الاعتقالات بأسلوب عنيف وتعسفي. 

وكشفت العديد من التقارير والشهادات عن تعرض السجناء للتعذيب الممنهج والتنكيل بطرق ثأرية وانتقامية، إضافة إلى حرمانهم من أبسط حقوقهم. 

ومؤخرًا في مشهد مؤلم يكشف عن بشاعة الانتهاكات الإسرائيلية، تم تسريب فيديو يظهر كلبا بوليسيا لقوات إسرائيلية وهو يهاجم مسنة فلسطينية، ينهش جسدها ويسحلها نحو الجنود. هذه الحادثة تمثل صورة جديدة من صور السادية والوحشية في حرب الإبادة الجماعية الإسرائيلية في قطاع غزة. 

وقد أظهرت مشاهد مسربة من كاميرا مثبتة على الكلب البوليسي، تفاصيل حادثة الاعتداء على المسنة دولت الطناني بوحشية داخل منزلها. 

في الفيديو، أطلقت قوات الجيش الإسرائيلي الكلب باتجاه السيدة الفلسطينية، التي قارب عمرها على السبعين، وهو يحمل على ظهره كاميرا توثق لحظات الرعب التي عاشتها. 

ملامح المسنة التي وثقتها كاميرا الكلب جسدت مأساة إنسانية عكست حالة الخوف والعجز الذي مرت به وهي تتعرض لهجوم الكلب المتوحش، وذهبت صرخاتها أدراج الرياح أمام جنود ساديين يتمتعون بتعذيب الفلسطينيين بوحشية دون أدنى شيء من الإنسانية. 

تعرضت المسنة الطناني للاعتداء وهي نائمة في منزلها في مخيم جباليا خلال اجتياح إسرائيل في مايو الماضي، ما تسبب لها بإصابات بالغة. 

قالت الحاجة دولت عبدالله الطناني (67 عاماً) في تصريحات إعلامية، إنها كانت نائمة عندما أطلق جنود الجيش الإسرائيلي الكلب عليها، حيث عضها في فراشها وسحبها خارج الغرفة. 

وفي تصريحات إعلامية أكدت الطناني أنها امتنعت مراراً عن مغادرة منزلها منذ بدء الحرب، مشيرة إلى خطورة إصاباتها الناتجة عن النهش والكسور والنزيف، وأضافت أنها لا تزال تعاني من آثار الإصابات مع انعدام الأدوية وتضرر المستشفيات في القطاع. 

ويستخدم الجيش الإسرائيلي كلابه المتوحشة بكثافة خلال عدوانه على قطاع غزة، حيث يطلقها تجاه المنازل في المناطق المجتاحة ويتيح لها مهاجمة المدنيين ونهش أجسادهم بتعليمات مباشرة. 

وحشية غير مسبوقة

وقالت أميرة شتا، من غزة، إن قوات الجيش الإسرائيلي تستخدم الكلاب المتوحشة المدربة بكثافة في حربها الدموية على قطاع غزة، في مهام متعددة دون أي اعتبار أو قيمة لحياة الفلسطينيين. 

وأوضحت شتا، في حديثها لـ"جسور بوست"، أن الجيش الإسرائيلي يستخدم الكلاب الضخمة لمهاجمة المنازل واستكشاف الأمور قبل الجنود، ويسمح لها بمهاجمة المدنيين كما حدث مع المسنة الطناني أو غيرها من المدنيين الذين يعتقلهم.

وتابعت، نتلقى شهادات مروعة عن استخدام الجيش الإسرائيلي الكلاب في تعذيب المعتقلين الفلسطينيين، سواء من خلال إطلاقها لنهشهم وترهيبهم، أو استخدامها لاغتصاب الأسرى والمعتقلين بعد تركهم عراة، مؤكدة أن هذه الفظائع تُرتكب أمام الأسرى، ما يزيد من حجم الألم والمعاناة التي يعيشونها. 

واستكملت، الفيديوهات التي تظهر بين الحين والآخر عن جرائم الجيش الإسرائيلي هي جزء صغير من كم هائل من الفظائع التي يرتكبها، بعضها يوثقه جنوده كتعبير عن ساديتهم، وبعضها يبقى مجهولًا لعدم تصويره أو عدم نشر التسجيلات، إن مستوى الجرائم ونوعيتها التي يرتكبها جنود الجيش الإسرائيلي تكاد تكون غير مسبوقة في تاريخ النزاعات المسلحة، فهي تعبير عن حالة متوحشة ومتطرفة يجري فيها نزع الإنسانية والتعامل مع الفلسطينيين كحيوانات.

وأتمت، ما يحدث عبر عنه قادة إسرائيل في الأيام الأولى للحرب الغاشمة على غزة، هذه الجرائم تدعو المجتمع الدولي للتحرك الفوري من أجل وقف هذه الممارسات الوحشية وضمان حماية حقوق الإنسان الأساسية، يجب أن يتحرك المجتمع الدولي بقوة لمنع هذه الممارسات ومحاسبة مرتكبيها، لضمان حماية جميع الأفراد من التعذيب والإذلال.

انتهاك لحقوق الإنسان

بدوره، قال الحقوقي الفلسطيني محمود الحنفي: أود أن أعرب عن قلقي العميق واستنكاري الشديد لاستخدام الكلاب في تعذيب الأفراد، حيث إن هذه الممارسات تشكل انتهاكًا صارخًا لحقوق الإنسان والكرامة الإنسانية، استخدام الكلاب كأداة للتعذيب والترويع يندرج ضمن أساليب التعذيب الوحشي التي تُدينها القوانين والمعاهدات الدولية كافة.

وتابع الحنفي، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، يعد التعذيب، بغض النظر عن الأداة المستخدمة، انتهاكًا جسيمًا للمادة الخامسة من الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، التي تنص على أنه "لا يجوز تعريض أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو الحاطة بالكرامة"، كما يتعارض مع اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي تحظر التعذيب بشكل قاطع وتلزم الدول الأطراف باتخاذ تدابير فعالة لمنع حدوث مثل هذه الأفعال على أراضيها. 

وأكد الحنفي، أن استخدام الكلاب في التعذيب ينتهك المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان، حيث يتم استغلال حيوانات مدربة على الهجوم لإلحاق الأذى الجسدي والنفسي بالأفراد، هذا النوع من التعذيب يترك آثارًا جسدية مدمرة على الضحايا، بالإضافة إلى آثار نفسية طويلة الأمد تشمل الرعب المستمر، والاضطرابات النفسية، والشعور بالإذلال والعجز. 

واستكمل، استهداف الفئات الضعيفة والمهمشة، مثل كبار السن أو الأسرى المدنيين، باستخدام الكلاب المتوحشة يعكس مستوى متدنيًا من الإنسانية والتعامل غير الأخلاقي، هؤلاء الأفراد غالبًا ما يكونون غير قادرين على الدفاع عن أنفسهم، ما يجعل استخدام الكلاب ضدهم أكثر وحشية وجبنًا. 

وأضاف، تنطوي هذه الممارسات على انتهاك حق الأفراد في الحصول على معاملة إنسانية أثناء الاحتجاز، كما نصت عليه المادة العاشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية. يجب أن يُعامل جميع المحتجزين بإنسانية واحترام لكرامتهم المتأصلة، بناءً على ما سبق، أدعو المجتمع الدولي إلى إدانة هذه الممارسات بشدة، والعمل على محاسبة المسؤولين عنها من خلال الإجراءات القانونية المناسبة، يجب تعزيز آليات المراقبة والمساءلة لضمان عدم تكرار مثل هذه الأفعال البشعة. 

محمود الحنفي

وأتم، أدعو جميع الدول إلى الالتزام بتعهداتها الدولية لحماية حقوق الإنسان ومنع التعذيب بجميع أشكاله، وضمان أن تكون سياساتها وممارساتها متماشية مع المعايير الدولية التي تهدف إلى حماية الكرامة الإنسانية.

التعذيب محظور بموجب القانون الدولي

وعلق خبير القانون الدولي رأفت فودة، بقوله، إن التعذيب بجميع أشكاله محظور تمامًا بموجب القانون الدولي، وينص الإعلان العالمي لحقوق الإنسان في مادته الخامسة على أنه "لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب ولا للمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة" كذلك، تعتبر اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب، التي اعتمدتها الجمعية العامة للأمم المتحدة عام 1984، حجر الزاوية في الجهود الدولية لمناهضة التعذيب، وتعرّف هذه الاتفاقية التعذيب بأنه أي عمل يُلحق عمدًا ألماً أو معاناة شديدة، سواء كانت جسدية أو نفسية، بشخص ما لأغراض معينة مثل الحصول على معلومات أو اعترافات أو معاقبته على عمل ارتكبه أو يشتبه في أنه ارتكبه، أو تخويفه أو إرغامه. 

وقال فودة، في تصريحاته لـ"جسور بوست"، استخدام الكلاب كأداة للتعذيب يتعارض بشكل صارخ مع هذه المبادئ القانونية الدولية، ويندرج هذا النوع من الممارسات ضمن "المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة بالكرامة"، وهي مصطلحات تغطي مجموعة واسعة من الأفعال التي تلحق الأذى الجسدي أو النفسي بالفرد. 

وأكد أن استخدام الكلاب المدربة لإلحاق الأذى البدني والنفسي بالسجناء أو المدنيين يعد انتهاكًا صارخًا لهذه المعايير الدولية، ويعد استخدام الكلاب في التعذيب انتهاكًا للمادة العاشرة من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تنص على أن "يُعامل جميع الأشخاص المحرومين من حريتهم بإنسانية وباحترام لكرامة الشخص الإنساني المتأصلة فيهم". 

وتابع فودة، استخدام الكلاب لإرهاب السجناء وانتهاك سلامتهم الجسدية والنفسية يتنافى مع هذا المبدأ الجوهري، كذلك يتعارض استخدام الكلاب في التعذيب مع المبادئ الأساسية للقانون الإنساني الدولي، لا سيما اتفاقيات جنيف لعام 1949 وبروتوكولاتها الإضافية، كما تفرض هذه الاتفاقيات حماية شاملة للأشخاص الذين لا يشاركون بشكل مباشر في الأعمال العدائية، بمن في ذلك الأسرى والمحتجزون، وتمنع جميع أشكال التعذيب والمعاملة القاسية واللاإنسانية. 

واسترسل، يمكن تصنيف استخدام الكلاب كأداة للتعذيب ضمن جرائم الحرب بموجب نظام روما الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، وتعتبر المادة 8 من النظام الأساسي أن التعذيب والمعاملة اللاإنسانية بحق الأشخاص المحميين في النزاعات المسلحة من بين الانتهاكات الجسيمة للقوانين والأعراف السارية على النزاعات المسلحة ذات الطابع الدولي. 

رأفت فودة

وأتم، يعد استخدام الكلاب في التعذيب انتهاكًا جسيمًا لمجموعة من القوانين الدولية المتعلقة بحقوق الإنسان والقانون الإنساني الدولي، ويطلب المجتمع الدولي من الدول التزامًا صارمًا بمنع هذه الممارسات ومحاسبة المسؤولين عنها، والتصدي لمثل هذه الانتهاكات يتطلب تعزيز آليات الرقابة والمساءلة الدولية لضمان عدم الإفلات من العقاب، وحماية حقوق الإنسان الأساسية في جميع الظروف.


قد يعجبك ايضا

ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية