الجوع يفتك بأطفال غزة.. طفلة جديدة تموت بسبب سوء التغذية
الجوع يفتك بأطفال غزة.. طفلة جديدة تموت بسبب سوء التغذية
فقدت غزة، صباح اليوم، طفلة جديدة لم تتجاوز عامًا ونصف من عمرها، بعد أن أسلمت الروح في قسم الطوارئ بمستشفى شهداء الأقصى في مدينة دير البلح، نتيجة سوء تغذية حاد ناجم عن الحصار الإسرائيلي المتواصل على القطاع منذ 7 أكتوبر 2023.
أُدخلت الطفلة إلى المستشفى بحالة صحية حرجة، بجسد نحيل هش لا يقوى على البكاء، ولم تنجح كل محاولات الأطباء في إنقاذها، لأن الموت كان قد استقر في جسدها الضعيف قبل أن تصل إلى غرفة الإنعاش.
أكدت وزارة الصحة في غزة، في بيان رسمي، اليوم الجمعة، أن أقسام الطوارئ في مستشفيات القطاع تستقبل يوميًا أعدادًا غير مسبوقة من الحالات المرتبطة بسوء التغذية والجوع الحاد، لا سيما بين الأطفال والرضّع.
وأوضح المتحدث باسم الوزارة، الطبيب أشرف القدرة، أن آلاف العائلات في المناطق الوسطى والشمالية من غزة باتت تعيش دون أي مصدر للغذاء، وأن ما تبقى من مساعدات إنسانية لا يكفي لإنقاذ الأرواح، مشيرًا إلى أن أكثر من 70% من الأطفال يعانون من فقر الدم ونقص حاد في الوزن، بينما تسجل المستشفيات حالات وفيات يومية نتيجة المجاعة.
جريمة ضد الإنسانية
اتهمت الحركة الفلسطينية (حماس) في بيان رسمي، سلطات الجيش الإسرائيلي بـ"توظيف الجوع كأداة حرب ضد المدنيين"، مؤكدة أن ما يحدث في غزة هو "جريمة إبادة جماعية متعمدة"، تستهدف الأطفال والنساء عبر الحصار والتجويع الممنهج.
وأضافت الحركة أن "الفشل الذريع لجيش الاحتلال في تحقيق أهدافه العسكرية دفعه إلى اعتماد سياسة العقاب الجماعي، في محاولة يائسة لكسر إرادة الشعب الفلسطيني"، داعية إلى تحرك شعبي ورسمي عربي ودولي فوري لوقف هذه المأساة الإنسانية المتصاعدة.
وشددت حماس على أن "الطريق الوحيد لإنهاء معاناة غزة يتمثل في صفقة شاملة تضمن الإفراج عن الأسرى، ورفع الحصار بشكل نهائي، وإنهاء سياسة التجويع التي تمارسها إسرائيل أمام أنظار العالم".
مجاعة وحصيلة مؤلمة
أظهرت التقارير الأخيرة الصادرة عن وزارة الصحة ومكتب الإعلام الحكومي بغزة، أن عدد الشهداء والجرحى في القطاع تجاوز 199 ألفًا، بينما تجاوز عدد المفقودين عشرة آلاف، غالبيتهم من الأطفال، فضلًا عن تدمير أكثر من 70% من البنية التحتية الصحية، مما جعل تقديم الرعاية للأطفال الجوعى شبه مستحيل.
وفي الأحياء المنكوبة كجباليا والزيتون والشجاعية، تجلس الأمهات في العراء يحضنّ أطفالهن الذين لم يتناولوا وجبة غذائية كاملة منذ أيام، بينما تنتظر الأسر عند نقاط توزيع المساعدات النادرة، على أمل أن تحصل على وجبة قد تنقذ أحد أفرادها.
وأطلقت مؤسسات إغاثية وإنسانية عاملة في القطاع مثل "أطباء بلا حدود" و"أونروا" و"برنامج الغذاء العالمي" نداءات عاجلة لتأمين ممرات إنسانية فورية وإدخال مساعدات غذائية، لكن الجواب يأتي إما بالرفض أو بالتلكؤ، بينما تستمر إسرائيل في فرض قيود مشددة على دخول المواد الأساسية.
ودعت منظمة "أنقذوا الأطفال" في بيان لها الأسبوع الماضي إلى "إعلان غزة منطقة مجاعة رسميًا"، موضحة أن "انهيار الأمن الغذائي الكامل في القطاع يهدد حياة أكثر من 600 ألف طفل بشكل مباشر"، وأنه دون تدخل دولي فوري فإن "عدد الوفيات سيرتفع بشكل مأساوي".
خلفية الحصار والمجاعة
تُعد المجاعة الحالية في غزة الأشد منذ عقود، حيث لم تشهد الأراضي الفلسطينية هذا المستوى من الانهيار الغذائي والصحي حتى خلال حروب سابقة.
ومنذ بدء العملية العسكرية في أكتوبر 2023، فرضت إسرائيل حصارًا شاملاً على القطاع، ومنعت دخول الغذاء والدواء والوقود، مما أدى إلى شلل تام في كل المؤسسات الخدمية والصحية، وتعطل سلاسل التوريد.
وتشير تقارير الأمم المتحدة إلى أن 9 من كل 10 أطفال في غزة يعانون من الجوع المزمن، وأن 100% من السكان بحاجة إلى مساعدات غذائية عاجلة، لكن حجم المساعدات التي دخلت فعليًا لا يغطي سوى 10% من احتياجات السكان.