اعتداءات وتحريض وتمييز ممنهج.. تصاعد الكراهية ضد المهاجرين في إسبانيا

اعتداءات وتحريض وتمييز ممنهج.. تصاعد الكراهية ضد المهاجرين في إسبانيا
تصاعد الكراهية ضد المهاجرين في إسبانيا - أرشيف

تسارع في إسبانيا مؤخرًا تصاعد خطير في وتيرة الكراهية والتمييز ضد المهاجرين، خاصة المنحدرين من أصول مغاربية، في ظل تنامي الخطابات العنصرية والتحريضية التي تتبناها بعض الأحزاب السياسية، وتروّج لها منصات التواصل الاجتماعي، ما يثير قلقًا متزايدًا في الأوساط الحقوقية والمدنية داخل البلاد وخارجها. 

وبرز هذا التوتر على نحو جليّ في بلدة طوري باتشيكو التابعة لإقليم مورسيا، عقب اعتداء ثلاثة شبان على مواطن إسباني مسن، حيث جرى توثيق الحادث ونشره على نطاق واسع، ليتحوّل لاحقًا إلى مبرر لاستهداف الجاليات الأجنبية، وفي مقدمتها الجالية المغربية، من خلال موجة من التحريض والانتقام الجماعي.

ويأتي هذا التصعيد في سياق أوسع من تزايد الضغوط السياسية على المهاجرين، مع تصاعد شعبية أحزاب اليمين المتطرف التي تتبنى خطابًا معاديًا للهجرة، وتربطها بمفاهيم أمنية مضلّلة، متجاهلة الإسهامات الكبيرة التي يقدمها المهاجرون للمجتمع الإسباني في مجالات متعددة. 

ورغم أن النيابة العامة في إقليم مورسيا باشرت تحقيقًا في ما نُسب إلى رئيس فرع حزب "فوكس" من تحريض على الكراهية ضد المغاربة عقب الحادث، فإن نشطاء يرون أن الإجراءات القضائية وحدها لا تكفي لردع هذا التوجه المتنامي، ما لم ترافقها سياسات عمومية واضحة ترسّخ قيم المساواة وتحمي الفئات المستضعفة من خطر التمييز والعنصرية.

موجة العنف وخطاب الكراهية

في السياق، أدان المنتدى العربي–الأوروبي لمكافحة الكراهية، في بيان له، السبت، ما وصفه بتصاعد خطير في موجة العنف العرقي وخطاب الكراهية الذي يطال المهاجرين في إسبانيا، لا سيما في بلدة طوري باتشيكو الواقعة في إقليم مورسيا جنوب شرقي البلاد. 

جاء ذلك عقب حادثة اعتداء وثقتها وسائل التواصل الاجتماعي استهدفت مواطنًا إسبانيًا مسنًّا، وأشارت المعلومات إلى أن المعتدين ثلاثة شبان يُشتبه في أنهم من أصول مهاجرة، وهو ما فجّر موجة تحريض وكراهية ضد الجالية المغربية بشكل خاص.

اتهم المنتدى أحزابًا سياسية، وعلى رأسها حزب "فوكس" اليميني المتطرف، بالتحريض العلني ضد المهاجرين من خلال نشر خطابات عدائية عبر منصات التواصل، حيث صوّرت وجودهم كتهديد للأمن والسلم الاجتماعي، محمّلة إياهم مسؤولية ما تشهده المنطقة من توترات. 

وأكد المنتدى أن هذه التصريحات لم تكتفِ بإدانة الجريمة المرتكبة، بل استُخدمت كذريعة للتحريض الجماعي ضد آلاف الأسر المهاجرة التي تقيم في مورسيا منذ سنوات.

دعوات لحماية المهاجرين

طالب المنتدى العربي–الأوروبي السلطات الإسبانية بالتحرك العاجل لحماية المهاجرين من التمييز والاعتداءات، مشيدًا بخطوة النيابة العامة في إقليم مورسيا التي فتحت تحقيقًا في سلوكيات رئيس حزب "فوكس" المحلي، ودرست إمكانية تقديمه للمساءلة القانونية. 

وشدد المنتدى على أن أي جريمة فردية لا تبرر استهداف جماعة كاملة، وأن المسؤولية تقع على عاتق المؤسسات الرسمية لمنع تكرار هذا النمط من التحريض الذي يتنافى مع القانون الإسباني والمواثيق الأوروبية والدولية.

ورصد تصاعدًا مقلقًا في الاعتداءات اللفظية والجسدية التي تطال المهاجرين في مناطق متعددة بإسبانيا، مؤكدًا أن هذه الانتهاكات تمثل تهديدًا مباشرًا لمبادئ العيش المشترك والاحترام المتبادل، وتضرب في العمق قيم التعدد الثقافي والانفتاح التي لطالما تميز بها المجتمع الإسباني. 

واعتبر المنتدى أن موجة العداء هذه تُشكل تراجعًا خطيرًا عن التزامات الحكومة الإسبانية في مجال حقوق الإنسان، خاصةً بعد تصاعد خطابات التمييز في الفضاء العام بشكل يهدد النسيج الاجتماعي.

انتهاك المواثيق الدولية

حذر المنتدى من أن استهداف المهاجرين على أساس عرقي أو ديني يمثل انتهاكًا صريحًا للمادة 20 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، وللقوانين الأوروبية المناهضة للعنصرية وخطاب الكراهية.

وشدد على أن تقاعس السلطات عن مواجهة هذه الظواهر قد يفضي إلى تقويض جهود المجتمع المدني المحلي والدولي في ترسيخ قيم التسامح والتفاهم.

تحذير من انتشار الظاهرة 

حذر المنتدى من اتساع رقعة هذه الاعتداءات لتشمل بلدان أوروبية أخرى، إذ تشهد عدة دول من الاتحاد الأوروبي بروز تيارات يمينية متطرفة تستهدف المهاجرين وتغذي مناخات العداء ضدهم. 

ولفت إلى أن التحدي لا يكمن فقط في المعالجة القانونية للأفعال الإجرامية، بل أيضًا في المعركة الثقافية والإعلامية لمواجهة التحيز والكراهية المتجذرة في بعض الخطابات السياسية.

وختم المنتدى دعوته بمناشدة منظمات حقوق الإنسان الأوروبية والدولية إلى إطلاق حملة شاملة لمكافحة الكراهية والعنصرية، تستهدف التوعية المجتمعية وتحفيز التشريعات وتكثيف المتابعة القانونية للجهات التي تروّج للتمييز العرقي والديني، مؤكدًا أن احترام حقوق المهاجرين ليس خيارًا سياسيًا، بل هو التزامٌ قانوني وإنساني يقع على كاهل جميع الدول الديمقراطية.



موضوعات ذات صلة


ابق على اتصال

احصل على النشرة الإخبارية