سُحقت حياته تحت جرافة.. مأساة مشرد تهزّ مدينة أتلانتا الأمريكية
سُحقت حياته تحت جرافة.. مأساة مشرد تهزّ مدينة أتلانتا الأمريكية
رفعت عائلة كورنيليوس تايلور، الرجل المشرد البالغ من العمر 46 عامًا، الذي لقي مصرعه بعد أن سُحقت خيمته بجرافة خلال عملية إخلاء مخيم للمشردين في مدينة أتلانتا الأمريكية، دعوى قضائية ضد المدينة ومسؤوليها، ووصف المحامون الحادث بأنه مأساة كان يمكن تفاديها بسهولة، في حين يراه كثيرون دليلًا صارخًا على فشل السياسات المحلية في حماية أكثر الناس هشاشة.
ثمن اللامبالاة
في صباح شتوي بارد من شهر يناير الماضي، استعدت السلطات المحلية في مدينة أتلانتا لإخلاء المخيم الذي يقع على بُعد بضعة مبانٍ فقط من كنيسة إبينيزار المعمدانية، حيث كان مارتن لوثر كينغ يلقي عظاته، في ذلك المخيم عاش كورنيليوس تايلور، رجل أنهكته سنوات التشرد، لكنه ظل متمسكًا بالأمل وفق صحيفة "لوس أنجلوس تايمز".
وفقًا للدعوى التي رفعتها شقيقته دارلين تشاني وابنه، لم يكلف أي موظف في المدينة نفسه عناء النظر داخل الخيام قبل أن تبدأ الجرافة عملها، سحق المعدن البارد خيمة تايلور، ليُصاب بكسر في الحوض ونزيف داخلي قاتل، حسب تقرير الطب الشرعي.
"خيمة كان يسكنها إنسان سُحقت بواسطة هذه المعدة الثقيلة.. هذا خطأ واضح"، هكذا قال المحامي هارولد سبينس، مضيفًا: "لو نظر أحدهم داخلها عشر ثوان فقط، لكان من الممكن تجنب المأساة".
دعوى قضائية تطالب بالعدالة
الدعوى التي قُدِّمت إلى محكمة مقاطعة فولتون تطالب بمحاكمة أمام هيئة محلفين وتعويضات مالية غير محددة، إلى جانب سداد تكاليف الجنازة والنفقات الطبية، وتشمل الدعوى المدينة وسبعة موظفين رسميين لم تُكشف أسماؤهم، من ضمنهم سائق الجرافة.
على الرغم من وصف متحدث باسم عمدة أتلانتا، أندريه ديكنز، الحادثة بأنها مأساة، رفضت المدينة الإدلاء بمزيد من التصريحات بدعوى استمرار الإجراءات القضائية.
كان يريد بداية جديدة
في مؤتمر صحفي عُقد للإعلان عن الدعوى، انهمرت دموع شقيقة تايلور، دارلين تشاني، وهي تستمع لوصف الإصابات التي أودت بحياة شقيقها.
قالت إن كورنيليوس كان يحب قراءة روايات الخيال العلمي إلى جانب الكتاب المقدس، وكان دائمًا يشاركها مكالمات أسبوعية عدّتها مزعجة أحيانًا، لكنها ثمينة، وأكدت أنه كان يحلم بمغادرة المخيم وبدء حياة جديدة، لكن عوائق بيروقراطية -مثل صعوبة استخراج بطاقة هوية- عوقت خطته.
"أفتقد مكالماته، لم يعد لدي سوى شقيق واحد يزعجني بدلًا من اثنين"، قالتها تشاني بصوت متهدج.
جدل متجدد حول سياسات الإخلاء
جاءت وفاة تايلور في وقت حساس؛ فالمحكمة العليا الأمريكية أصدرت العام الماضي حكمًا يسمح للمدن بفرض حظر على تخييم المشردين، وهو ما دفع كثيرًا من البلديات لتكثيف حملات الإخلاء تحت مسوِّغات تحسين صورة المدينة.
بعد وفاة تايلور، جمدت أتلانتا مؤقتًا عمليات إخلاء المخيمات، لكنها استأنفتها لاحقًا مع اقتراب كأس العالم لكرة القدم 2026 الذي تستضيفه المدينة جزئيًا، وتقول السلطات إنها نسّقت مع منظمات غير ربحية لتوفير مأوى بديل، لكنّ المدافعين يرون أن ما يُقدم غير كافٍ.
يقول ائتلاف العدالة لكورنيليوس تايلور إنه لا يزال يدفع تكاليف غرف الفنادق لثمانية أشخاص من سكان المخيم السابقين، وسط تأكيد بأن كثيرين ما زالوا عالقين في الشوارع.
أزمة التشرد في أتلانتا والمدن الأمريكية الكبرى
تُعد أتلانتا واحدة من المدن الأمريكية التي تواجه أزمة متفاقمة في التشرد، إذ تشير تقديرات إلى وجود نحو 3000 مشرد في منطقة مترو أتلانتا وحدها.
على المستوى الوطني، يتجاوز عدد المشردين في الولايات المتحدة 580 ألف شخص، يعيش نصفهم تقريبًا دون مأوى دائم. غالبًا ما ترتبط حملات تنظيف المخيمات بقرارات سياسية لتحسين صورة المدن قبل أحداث كبرى، لكنها تؤدي إلى مآسٍ إنسانية عندما تُنفذ دون تدقيق أو خطط بديلة فعالة، كما حدث في حالة تايلور.